كتبت: عبير درويش
"إيست نيوز"
أتعرفون؟ لا أعرف إذا الكثير يعرف تلك القصة أو سمع بها.. نعم لقد إغتالت "إسرائيل" أمي بدم بارد، اغتيال يحمل رائحة الحقد والكراهية.. كيف لا وهذا العدو الغادر إغتال أمي ومعها كل الذكريات ورائحتها ولمساتها دون استئذان.
هو السارق لا يعرف الشفقة منذ وفاتها في الغربة وصعوبة الصعود إلى ضيعتنا لدفنها في مثواها الأخير بسبب القصف في جنوب لبنان وأخذ الإذن .. تخيلوا أخذ الإذن "المحدد الوقت" كي لا يتم قصفنا ونحن نمشي في جنازتها.. في الوداع الأخير كان خطفاً وسريعاً، لم نبكي ولم نصرخ ولم نحزن.. هو اللص الذي سرق الدمعة من عيوننا لندفن ونغادر سريعاً..أليس هو قطّاع الطرق هذا يختلس العمر في ثوان ؟؟
هو النشّال الذي سلب بيتنا بطرفة عين هدم واغتصب ونهب كأنه فرعون زمانه.. خطف منا الزمان والمكان خفية وعلناً.. هذا العدو الذي يسرق بالإكراه ويغتال ويستبيح بغلّ ويعصر القلب ألماً وذهول..
هو ذلك اليوم .. يوم الاغتيال الكبير..اغتال أمي .. ومن قال أن الاغتيال بالجسد فقط؟
تسلل مثل الهطل كأنه سرمدي وارتدى الغرابيب السود وشاحاً حتى لا يُرى واغتال رائحة أمي وانتزع ثيابها ونسف صورها وطمل حجابها ولطّخ مشطها، وساق بعنف أغراضها تهميشاً وبعثرة وتمزيقاً دون رحمة أو شفقة.. مثل الافعى تنثر السمّ الزّعاف.. غطرسة وتجبّراً وتعجرفاً.. إغتالها ببطء واغتال معها جسدي وقلبي وما تبقى مني ..
لم يترك منها سوى ذكريات وخيال وملامح أحاول لملمة ما بقي في ذاكرتي وأظللها رسماً مثل الطفل الذي يسعى جاهداً للمس وجه أمه الغائب خلف ألف حجر وحجر وتراب وحديد وجدران..
اغتالوا طيف أمي ..
"إسرائيل" مجرمة وقاتلة ومزهقة النفس والروح، أمات أمي غصباً وسفك براءة ضحكتها، ووقف متفرجاً بوجهه الأصفر الملطّخ بالاشلاء وبقايا الإنسانية المطموسة بالذل والهوان والإذعان ..
ألم أقل لكم أنه سفّاح اغتال أمي!!