عاجل:

لا تكونوا غافلين عن الجبهة اللبنانية (هآرتس)

  • ٣٠

كتب أهارون غربر في صحيفة "هآرتس":

تشير التقارير الرسمية إلى أن إسرائيل بدأت بإجراء محادثات بشأن ترسيم خط حدودي متفق عليه مع لبنان. إن التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود هو خطوة مرحّب بها، لكن من الضروري الحفاظ على المصالح الإسرائيلية، وفي مقدمتها تحديد خط حدودي قابل للدفاع، يضمن حياة آمنة لمستوطنات الشمال. يجب أن يتم تحديد الحدود الجديدة على أساس نتائج الحرب والانتصار الإسرائيلي، وليس وفقاً لإعادة ترسيم خط الحدود الانتدابي الذي وُضع قبل مئة عام.

منذ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في سنة 2000 والاعتراف الدولي بالخط الأزرق، بقيَ نحو 13 نقطة خلافية. هذه الخلافات استخدمها حزب الله كذريعة لتبرير تعاظُم قوته وتهديداته باحتلال الجليل، بيْد أن الحرب ونتائجها لا تسمحان بالعودة إلى النقطة التي توقفت فيها محادثات التسوية قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

على مدار عام تقريباً، أطلق حزب الله النار باستمرار، وهو ما أدى إلى تدمير منازل في مستوطنات الشمال. كذلك، كشفت عملية "سهام الشمال" عن مستودعات أسلحة ضخمة كانت مُعدّة لارتكاب "مجازر" بحق سكان إسرائيل؛ الآن، وبعد تدمير الأهداف التابعة لحزب الله التي كانت مخصصة للهجوم على مستوطنات الشمال، حان الوقت لإعادة ترسيم الحدود بطريقة تمنع العدوان، وتضمن الدفاع الفعّال.

نصر الله كان الطرف "المعتدي" في الحرب، بتحالُفه مع السنوار و"حماس"، والآن، يجب على لبنان أن يدفع الثمن. منذ ذلك الحين، تمركز الجيش الإسرائيلي في نقاط تتجاوز السياج الحدودي في مواقع ذات أهمية أمنية؛ يجب الحفاظ على هذا الوضع وترسيم الحدود الجديدة بطريقة تضمن دفاعاً مستداماً، وتحدّ من دوافع العودة إلى مهاجمتنا.

على الرغم من تشابُه هذا الوضع مع الوضع القانوني الذي أدى إلى فرض القانون الإسرائيلي في الجولان، فإن الأمر هنا يتعلق فقط بتعديلات حدودية. في الجولان، هزمنا السوريين الذين غزوا أراضينا، بعد أن حولوا الهضبة إلى قاعدة أمامية لقصف مستوطناتنا، وبعد حسم المعركة ضد المعتدي، حوّلنا تلك المنطقة، التي كان لدينا مطالب تاريخية بشأنها، إلى إقليم مزدهر. وبالمثل، لإسرائيل مطالب تاريخية في الجنوب اللبناني.

لقد اعتبر قادة الحركة الصهيونية نهر الليطاني الحدّ الشمالي الطبيعي، كما أن جزءاً من أراضي الجنوب اللبناني كان مملوكاً لليهود، ومع ذلك، وعلى الرغم من المطالب الإسرائيلية بهذا الإقليم، وبخلاف الوضع في الجولان، فإن دولة إسرائيل لا تسعى لجعل الجنوب اللبناني جزءاً من أراضيها. ومع ذلك، فإن هذا السياق التاريخي يبرر إدخال تعديلات حدودية، وخاصة عندما تؤدي التضاريس إلى إنشاء شريط أمني ضيق يضمن حياة هادئة حتى خط الحدود، وبهذه الطريقة، يمكننا استعادة نمط الحياة الذي تعرّض للاضطراب نتيجة الحرب التي بادر إليها لبنان.

هناك أيضاً مصلحة دولية واضحة في هذا السياق، فمن أجل ضمان الاستقرار، يجب إزالة أيّ حوافز للعدوان، كذلك، يجب أن ينعكس انتصار إسرائيل في الحرب ضد حزب الله على أرض الواقع. لتحقيق السلام مع جيراننا، لا بد من التوضيح، للمصرّين في صفوف أعدائنا، أنه لا يوجد بديل سوى قبول وجودنا، وأن اختيار الحرب لن يؤدي إلّا إلى تدهور أوضاعهم.

تروي مذكرات المدافعين عن [مستوطنة] حانيتا في الأيام الأولى بعد تأسيسها، كيف وصل إليهم ضابط بريطاني، وشرح لهم أن الدفاع عن المستوطنة يقتضي الاستيلاء على مناطق السيطرة خارج حدودها: "... في يوم صيفي حار، صعد إلينا إلى حانيتا رجل يرتدي بدلة بنية وقبعة بنية على رأسه... لكنه جاء إلينا فوراً، وبدأ بجولة تفقدية في تحصيناتنا؛ ’لماذا تجلسون هنا في الداخل؟ لماذا لا تخرجون وتبنون لكم مواقع خارجية؟’"

"شرحنا له نظريتنا بشأن التحصينات. استمع إلى حديثنا، ثم تمتم بغضب، قائلاً إن هذه التحصينات لا قيمة لها، ولا بد لنا من الخروج لمواجهة العدو... بمرور الوقت، اشتهر هذا الرجل، أولاً بيننا، ثم في جميع أنحاء العالم، بفكره العسكري غير التقليدي وإيمانه الأخلاقي العميق. كان هذا أورد تشارلز وينغيت، الذي أطلقنا عليه لقب "الصديق". في هذه المنطقة نفسها، هناك حاجة الآن إلى تعديلات حدودية".

لدى إسرائيل في هذه الأيام العديد من الأصدقاء في واشنطن، ولذا، يجب علينا تغيير العقيدة العسكرية التي اعتدناها وإعادة رسم خط الحدود بمساعدتهم، بما يتماشى مع مصالحنا. إن ترسيم حدود قابلة للدفاع بشكل متفق عليه سيضمن حياة آمنة في الجليل، ويخلق حوافز للامتناع من مهاجمتنا، ويؤسس لأساس يمكن من خلاله التوصل إلى اتفاقيات سلام من موقع قوة، وهو ما سيساهم في تحقيق الاستقرار العالمي.

المنشورات ذات الصلة