22 MAR 2025
عاجل:

صباح الخير يا أمي!

  • ٢٠

 كتب الزميل واصف عواضة بمناسبة عيد الام على صفحات التواصل الخاصة به فقال: 

اليوم 21 آذار ،العيد السنوي للأم. كنت أود كالعادة أن أعايد "أم واصف" وأقبل يديها في بيتنا العتيق في الناقورة . لكن للأسف رحلت أمي عن هذه الفانية قبل سنوات، وهدمت إسرائيل بيتنا في الناقورة، ولم تعد الناقورة كلها كما عهدتها أمي،حيث باتت كل بيوتها قاعا صفصفا بفعل العدوان الإسرائيلي.

كانت أم واصف رحمها الله "متعلّقة" جدا ببيتنا العتيق في الناقورة لأكثر من سبب،وقد كنت أول من وُلد فيه من عائلتنا بعد أن انتقلنا إليه في الخمسينات من القرن الماضي،وقد كان حينها غرفتين أضيفت إليه لاحقا غرف أخرى.

في حرب تموز في العام 2006 نزح والداي إلى منزلي في خلدة بعد جهد جهيد بذلتُه لإقناعهما بترك البيت في الناقورة .ظلت والدتي لأسابيع قلقة جدا على البيت بكل ما فيه ،من شجرة التوت المعمِّرة إلى أشجار الزيتون والليمون والحامض والأكيدنيا والقشطة واللوز وغيرها في حديقة بيتنا،حتى أنها كانت قلقة على الدجاجات التي خلفتها وراءها. .وكانت شقيقاتي أحيانا يمازحنها بأننا سنبني بيتا أجمل منه في حال تهدم بسبب الحرب،فكانت تستنكر بشدة ،وتقول "الله لا يقدّر..فأنا لا أستبدله بقصر"!!

اليوم أكاد أحمد الله وأشكره على أن والدتي رحلت عن هذه الدنيا قبل أن ترى بيتنا العتيق في الناقورة وقد بات ركاما ،وقد اقتلع العدو شجرة التوت من جذورها ،وكذلك كل الشجيرا ت الأخرى ،بحيث لم يبق لنا حديقة عامرة بالخضرة والزهور.. ولا مسرح للدجاج .

قبل هذه الحرب الضروس وما خلفته من دمار ومآسي ،كنت وشقيقاتي نستحضر الوالدة الغائبة في كل زاوية من زوايا بيتنا.تحت شجرة التوت والحديقة العامرة بالخضرة، وفوق سريرها وأمام "الصوبيا" في قرّ الشتاء ،وفي سهرات الصيف في حماوة الحر. اليوم لم يبق شيئ من ذلك. لكن "أم واصف" حاضرة اليوم في قلوبنا وأفئدتنا. 

لقد عاشت والدتي مديدا من العمر،وتراكمت عليها الأحزان بفقد الأهل والأحبة،ومع ذلك كانت صابرة محتسبة نتيجة إيمانها بالله الذي عبدته كما يستحق أن يُعبد. وأسأل الله في عيد الأم أن يحشرها مع الصالحين والقديسين في جنات النعيم.وأنا من عليائها في هذا النهار أفتقد حضورها،ولا أملك إلا أن أقول لها:

 صباح الخير يا أمي !

المنشورات ذات الصلة