عاجل:

فشل التوافق فجاء التصويت بكريم سعيد حاكماً للمركزي… عون في زيارة يوم واحد لباريس: الجنوب والاعمار (النهار)

  • ٣٤

إسدال الستارة على التجاذبات والتباينات بين رئيسي الجمهورية العماد جوزف عون مجلس الوزراء نواف سلام حول تعيين حاكم مصرف لبنان وإنهاء الشغور في هذا المنصب الحيوي الأساسي الشاغر منذ 31 تموز 2023 بتعيين كريم سعيد حاكم مصرف لبنان الجديد، شكّل تطوراً إيجابياً في إطار الإسراع في إطلاق مسار الخطط والمعالجات المالية الملحة التي لحظها البيان الوزاري للحكومة. ولكن هذه الإيجابية الأساسية لم تحجب ظلال تطور سلبي في المقابل من خلال تظهير أول انقسام علني مبكر للغاية داخل مجلس الوزراء على خلفية التباين بين عون وسلام على هذا المنصب الحساس واللجوء النادر إلى آلية التصويت بدل التوافق في مجلس الوزراء ولو كانت آلية دستورية. فمن المعروف أن قرارات مجلس الوزراء تتخذ توافقياً واذا تعذّر ذلك، فبالتصويت وفق ما نصت عليه المادة 65 من الدستور. وهذا البعد رفع التوافق في نظر الخبراء الدستوريين إلى مرتبة دستورية، ولذا كان اللجوء إلى التصويت أمراً نادراً. وشكل التصويت البارحة، في مطالع العهد الجديد وانطلاقة الحكومة الجديدة ما يمكن اعتباره تصويتاً ذا حدين، إذ أنها آلية دستورية ولكنها جاءت بمثابة صدمة مبكرة يُخشى أن تترك غمامات في فضاء التعاون والانسجام بين رئاستي الجمهورية والحكومة على غرار ما أفضت إليه عملية التصويت أمس. ولكن الاوساط القريبة من رئيس الحكومة، عزَت لـ”النهار” تحفّظ سلام عن تعيين سعيد إلى تخوفه مما نقل عن الأخير في شان خطته المالية، مؤكداً ضرورة التزام سعيد بخطة الحكومة التي كانت أولى خطواتها الأساسية أمس إقرار تعديلات قانون السرية المصرفية. وأكدت أن سلام حريص على التواصل والتعاون مع رئيس الجمهورية وموقفه في الجلسة كان تعبيراً عن التزامه الدستور. ونفت الأوساط أي صبغة للاختلاف المذهبي معللة ذلك بتصويت وزيرين مسيحيين ووزير شيعي، ما يؤكد أن الخلاف هو على الخيارات وليس مذهبيا.

وعلمت “النهار” أنه أثناء النقاشات اقترح وزير الصناعة جو عيسى الخوري أن تتم دعوة كريم سعيد لمناقشته وليتخذ الوزراء القرار المناسب. وافق رئيس الجمهورية على ذلك، فحضر كريم سعيد وحصل نقاش معه وطُرحت معه بعض النقاط التي أثيرت حوله في الوسائل الإعلامية، وأجاب عليها، ما يعني أن مواقفه وردوده سُجلت في محضر الجلسة وهي بمثابة التزام منه أمام الحكومة. وأوضح سعيد رؤيته بما يختص بحماية حقوق المودعين كأولوية وتوزيع المسؤوليات، والتراتبية في الأولويات والشفافية والمحاسبة، كما أكد عدم وجود علاقة بينه وبين أحد كبار المصرفيين أو علاقة مع اي مصرف.

وفي نتيجة التصويت نال سعيد أغلبية وزارية قوامها 17 صوتاً من أصل 24، وصوّت لتعيينه وزراء “القوات اللبنانية” وحزب الكتائب والحزب التقدمي الإشتراكي و”حزب الله” وحركة “أمل”، كما وزراء رئيس الجمهورية. فيما تحفظ عن تعيينه رئيس الحكومة نواف سلام، ونائبه طارق متري والوزراء غسان سلامة، وحنين السيد، وفادي مكي، وعامر البساط، وريما كرامي.

وأكد الرئيس سلام علناً بعد الجلسة تحفّظه قائلاً: “تحفظت عن تعيين كريم سعيد ولم يكن مرشحي نظراً لحرصي على حقوق المودعين”. وأضاف: “على الحاكم الجديد الالتزام بالسياسة المالية الإصلاحية لحكومتنا لجهة التفاوض على برنامج جديد مع صندوق النقد الدوليّ وإعادة الهيكلة للحفاظ على أموال المودعين”. كما أعلن “اننا وافقنا اليوم على مشروع قانون يتعلّق بتعديل قانون السرية المصرفية فنحن مصرون على الاصلاح”.

وزير الإعلام بول مرقص أعلن بعد الجلسة موافقة مجلس الوزراءعلى طلب وزارة التربية بإعفاء الوزارة من إجراء امتحانات الشهادة المتوسطة واستبدالها بإفادة مدرسية. أما قضائياً، فأعلن مرقص أن المجلس عيّن جمال الحجار مدعياً عاماً للتمييز بالأصالة وأيمن عويدات رئيس هيئة التفتيش القضائي، ووضع رئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس بالتصرف وعين يوسف الجميّل مكانه. وعن تلفزيون لبنان قال: “تلفزيون لبنان لا يخضع لآلية التعيينات المقررة لكن في ضوء طلب عدد من الوزراء أن يخضع إلى الآلية الإدارية عارضت واستغربت هذا الطرح”.

عون في باريس

في سياق آخر، افاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني أن الرئيس جوزف عون سيقوم اليوم بزيارة خاطفة إلى فرنسا يرافقه وزير الخارجية يوسف رجي بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يستضيفه على غداء عمل في قصر الاليزيه للبحث بآخر المستجدات على الساحة اللبنانية والشرق أوسطية.

واشارت مصادر دبلوماسية إلى أن الرئيس عون سيصل إلى باريس مع الوفد المرافق ظهراً على أن يعقد في القصر الرئاسي مؤتمراً صحافياً تمهيدياً قبل غداء العمل الذي سيتناول خلاله الطرفان المواضيع ذات الاهتمام المشترك قبل خلوة بين الرئيسين الفرنسي واللبناني. وستكون أهم المواضيع على جدول الأعمال دعم استقرار لبنان وسيادته وتنفيذ الاصلاحات وإعادة الإعمار. وسيطلب الرئيس اللبناني من نظيره الفرنسي المساعدة على تثبيت وقف اطلاق النار في الجنوب والضغط على إسرائيل للالتزام بما تم الاتفاق عليه لاعادة الاستقرار ووقف الأعمال العدائية الإسرائيلية وإنهاء استمرار إسرائيل لاحتلالها النقاط الخمس، مع العلم أنها لا قيمة لها عسكرياً بل هي لاستمرار الضغط على لبنان. وستدعو باريس في هذا السياق الجانب اللبناني إلى التعامل بإيجابية مع الطرح الأميركي والاقتراحات التي ستعرضها الموفدة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس لحل انسحاب إسرائيل من التلال الخمس والافراج عن الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل وملف الترسيم البري بين البلدين، علماً أن التطبيع يحتاج إلى متغيّرات غير متوفرة حتى الآن داخلياً. وسيؤكد الرئيس عون أن التطبيع مع إسرائيل مرفوض من أغلبية اللبنانيين وأن الجيش اللبناني يقوم بواجبه بالكامل لتطبيق القرار الدولي 1701، وأن موضوع السلاح يحل بالحوار.

أما الملف الثاني المهم، فهو إعادة الإعمار، المرتبط بالضغط على إسرائيل للالتزام بما تم الاتفاق عليه لإعادة الاستقرار ووقف الاعمال العدائية والمحافظة على الزخم الدولي للعهد والحكومة، كما بالإصلاحات الأساسية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي لإعادة الثقة في الداخل ومع الخارج وتأمين المساعدات الدولية، لأن الإعمار مشروط بآليات وأن نجاح المؤتمر الدولي لاعادة الإعمار الذي وعد الرئيس ماكرون بتنظيمه خلال الاشهر القادمة يتطلب تنفيذ هذه الآليات.

تكثيف الاستهدافات

في غضون ذلك كثّفت إسرائيل غاراتها وعمليات الاغتيال جنوباً، فكان عصر أمس الاستهداف الثالث خلال أقل من 24 ساعة بعد معروب (صور) ويحمر (النبطية) في برعشيت (بنت جبيل)، ما رفع عدد الضحايا إلى 6 عبر الاعتداءات الثلاثة. وقد استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة في برعشيت عصراً ما ادى إلى مقتل راكبيها. وسبق ذلك صباحاً قيام مسيّرة إسرائيلية بشن غارة بصاروخين موجهين مستهدفة سيارة في منطقة الدبش في بلدة يحمر الشقيف، بالتزامن مع قصف مدفعي. وأدت الغارة إلى سقوط 3 قتلى، بحسب مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة. من جانبها، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الجيش قتل 3 عناصر من حزب الله في الهجوم على يحمر. وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي: “هاجم جيش الدفاع عدداً من عناصر حزب الله تم رصدهم ينقلون وسائل قتالية في منطقة يحمر في جنوب لبنان”. وقال أيضاً “خلال الليلة الماضية، استهدفت طائرة لسلاح الجو وقضت على المدعو أحمد عدنان بجيجة وهو قائد كتيبة في قوة الرضوان التابعة لحزب الله في منطقة دردغيا في جنوب لبنان”. وليلًا، استهدفت مسيّرة إسرائيليّة سيارة على طريق عام بلدة معروب في قضاء صور ما أودى بمواطن.


المنشورات ذات الصلة