كتبت حنان حمدان:
أربك التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان خطط المغتربين الذين كانوا يستعدون لزيارة لبنان خلال عطلة عيدَي الفطر والفصح، خصوصاً بعد استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي ظل التحديات الأمنية الكبيرة ومشاعر الخوف من نشوب حرب جديدة على لبنان، اختار البعض إلغاء زيارته خلال فترة الأعياد، في حين فضل بعضهم القدوم رغم كل شيء، وآخر التريُّث، وترك القرار إلى اللحظات الأخيرة.
«فَضَّلنا إرجاء الزيارة»
«لم يكن القرار سهلاً»، يقول الشاب محمود (38 سنة) لـ«الشرق الأوسط»، ويتابع: «لن أتمكن من زيارة والدي هذا العيد، لدي طفلان وأرفض أن يعيشا ظروف الحرب القاسية والمرهقة نفسياً». ويضيف: «كذلك أخاف على والدي وكل من أحب. أعيش القلق من فكرة أن مكروهاً قد يصيبهم؛ تزداد مخاوفنا ونحن على مسافة بعيدة في الغربة».
ومحمود، ابن مدينة صور التي تعرضت لاستهداف قبل أيام، وتلقت ضربات عنيفة طوال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، اعتاد القدوم وعائلته من ساحل العاج إلى لبنان، في عطلة عيد الفطر. ويرى أن الحياة في بلده ومدينته قد تبدلت بشكل كبير؛ إذ «باتت أشبه بحقل ألغام كبير»، وفق ما يقول.
واختار محمود، كما أصدقاء كثر يعرفهم، أن يبدل عادته هذا العام: «سأنتظر حتّى تهدأ الأمور، ربما في عطلة الصيف المقبل؛ أتمنى ذلك».
حيرة وقلق
حال محمود مثل جنوبيين كثيرين، اختاروا تأجيل زيارتهم إلى لبنان، وينتظرون الفرصة الأنسب لذلك، لكن بعضهم ينتظر تطورات اللحظات الأخيرة. تقول زينة (28 سنة): «أشعر بالحيرة والقلق. حجزت تذاكر السفر. وموعد سفري في الثاني من نيسان. وحتّى الآن لم أتخذ القرار النهائي؛ قد يتمّ تأجيل رحلتي لظروف خارجة عن إرادتي، لذا سأنتظر تطورات اللحظات الأخيرة. لا نعلم ربما تُلغى جميع الرحلات إلى لبنان»، في حال حصول أي تصعيد أمني.
وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أتيت إلى لبنان قبل نحو عام، حينها كان الجنوب يتعرض للقصف الإسرائيلي… الحال الآن مشابهة إلى حد ما، بفارق بسيط أن حرباً عنيفة وبشعة عاشها الناس في أيلول الماضي، واستمرت لنحو شهرين».
وزينة سيدة لبنانية وأم لطفلين تعيش وعائلتها في النمسا، منذ أكثر من 7 سنوات، اعتادت زيارة لبنان في كلّ عام بالمناسبات، للاطمئنان على أهلها، تقول: «نعلم أن الوضع في بلدنا ليس طبيعياً وغير آمن، وأتت الحرب لتفاقم من أزماته، لكنني لو تمكنت من القدوم إلى لبنان شهرياً لما ترددت في ذلك أبداً، كي يتعرف أطفالي على عائلتي الكبيرة هنا».
تحكي زينة عن مخاوفها من فقدان عزيز دون أن تراه، وتتابع: «منذ أن قتلت إحدى الضربات الإسرائيلية زوج شقيقتي، وأنا أخاف على كل من أعرفه في لبنان، سأستغل الفرصة راهناً كي أراهم ولو لأيام معدودة، قد لا تسمح الفرصة لي بذلك في وقت آخر»، في حال حدوث أي تصعيد جديد.
لا تنفي زينة أنها تعيش اليوم مشاعر التردد: «مثل أي أم أخاف جداً على أولادي، لا سيّما أنني من ضواحي مدينة صور؛ حيث الاستهدافات الإسرائيلية»، لكنها تريد أن يبقى أطفالها على تواصل بأقاربهم؛ فلبنان بالنسبة لها ليس بلداً تقصده بهدف التنزه، وإنما لقضاء وقت نوعي مع عائلتها، وتتابع: «حتماً سأعود في أقرب فرصة، حتى لو لم يُقّدر لي أن أسافر بعد يومين».
مكان آمن نسبياً
على مقلب آخر، لن يلغي سليمان (36 سنة) رحلته إلى لبنان، يقول: «عشت ظروفاً أصعب؛ إذ كنت في لبنان خلال الصيف الماضي». ويضيف: «تعيش بلادنا ظروفاً أمنية متقلبة وصعبة، وأنا اخترت أن أتعامل معها كما هي. وبالتالي هناك هامش من المخاطرة، كان يمكن لي أن أبقى في روما لكنني لا أريد ذلك».
أما الوجهة، فإنها مختلفة: «سأسكن في منطقة الأشرفية. أعتقد أنني سأكون بأمان هناك؛ من المؤسف أن تقسيمة البلد باتت كالتالي: مناطق آمنة من القصف الإسرائيلي وأخرى لا».
الأرقام مقبولة
وعادةً ما تعوّل المؤسسات السياحية على المغتربين في تنشيط السياحة والحركة التجارية في البلاد، إلّا أن الأزمات المتتالية في البلاد تسببت في تراجع هذا القطاع. وأفاد رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود بأن «هناك طلباً على الحجوزات، ويصل إلى بيروت بحدود 67 طائرة يومياً ممتلئة بنسبة 90 في المئة. وقد نظمت بعض شركات الطيران رحلات إضافية».
ورغم كلّ التصعيدات الأمنية الحاصلة في الجنوب، وكذلك تلك التي طالت قلب الضاحية، أكد أن «حركة الطيران تشبه إلى حد ما العام الماضي، لكننا توقعنا أن تكون أفضل بعد الانفراجات الحاصلة في البلد على مستوى انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة».