إن وقف إطلاق النار في لبنان، والتغييرات الدراماتيكية في المنطقة، وخصوصاً في سورية، خلقت فرصة إيجابية لوضع العلاقات بين إسرائيل ولبنان على مسار مستقر. والمقصود ظروف لم تشهدها الساحة الشمالية منذ وقت طويل، في المدى الزمني المباشر، أو القريب، أو البعيد.
في المدى الزمني المباشر، إن التحدي المركزي هو تثبيت وقف إطلاق النار والتطبيق الكامل للقرار 1701. المسار الذي بدأ في الأسابيع الأخيرة يبدو مُطمئناً: لقد أعرب رئيسا الجمهورية والحكومة في لبنان عن التزامهما الكلامي والعملي بتطبيق القرار وحصر السلاح في يد الدولة. بينما يبدو أن حزب الله في موقف ضعيف واضح، وكذلك إيران، الأمر الذي يسمح للحكم الجديد في لبنان بالدفع قدماً بسياسته.
يتعيّن على إسرائيل أن تُظهر ضبطاً للنفس ونضجاً من أجل إتاحة الفرصة لنجاح هذه العملية المعقدة. هي على حق في تغيير سياسة الاحتواء التي انتهجتها في الماضي، لكن يجب عدم السماح للأطراف الذين يريدون إحباط العملية بالتسبب بانهيارها. لذا، يتعين على إسرائيل انتهاج سياسة قوة مضبوطة بقدر الممكن، للسماح للتحرك اللبناني- الداخلي باستنفاد إمكاناته الإيجابية.
يجب على لبنان التفكير جيداً في السياسة الإسرائيلية بعد الحرب، وتقديم سياسة واضحة وعملية تشدد على إصراره على فرض السيادة اللبنانية على كل أراضي الدولة. وهناك دور مهم يمكن أن يلعبه لاعبون خارجيون، مثل الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية. إذ يجب على هذه الدول التأكد من أن الطرفين يعملان على تطبيق القرار 1701، واستخدام ضغط حازم لهذه الغاية عند الحاجة.
في المدى الزمني القريب، فإن التحديَين المركزيَّين لهما علاقة بالمفاوضات بشأن الحدود البرية ونزع سلاح حزب الله في شمال الليطاني أيضاً. ونجاح المفاوضات بشأن مسألة الحدود البرية سيساعد كثيراً على تحقيق التحدي الثاني. يجب تقسيم المفاوضات المتعلقة بالحدود البرية إلى أقسام، والبدء بالنقاط التي لا يوجد خلافات بشأنها تقريباً.
(12نقطة من أصل 13).
من المهم إعطاء المفاوضات الإسرائيلية-اللبنانية طابعاً سياسياً-مدنياً. ليس فقط من أجل السعي لاتفاق سلام، بل من أجل تعويد الرأي العام من الطرفين على المفاوضات السياسية بين الدولتين، وليس الأمنية فقط.
في المدى الزمني الأبعد، وبعد النجاح في حلّ القضايا المباشرة، من الضروري التركيز على مسألتين أساسيتين. يجب على إسرائيل التخلي عن الخط العدائي في إظهار قوتها العسكرية. كذلك، يجب عليها ألّا تظهر كأنها تتدخل في العملية الداخلية اللبنانية.
إن الحديث العام بشأن اتفاق سلام قد يكون سابقاً لأوانه، ويضع العربة أمام الحصان، لكن له أهمية كبيرة، وخصوصاً على الساحة اللبنانية، بما في ذلك حزب الله، إذ يدور نقاش مثير للاهتمام يجري فيه التعبير عن آراء متعددة. يجب السماح للجمهور العريض بذلك من دون التدخل في مواقف رسمية. ونوصي بأن يُتاح لأطراف من المجتمع المدني من الطرفين تعميق هذا النقاش بينهما وإزالة العوائق التي تمنع قيامه.
إن الظروف الحالية تخلق فرصة نادرة للتسوية على الساحة اللبنانية- الإسرائيلية. وهناك "رغبة دولية" من أجل ضمان النجاح على الساحة الشمالية، بينما الساحة الفلسطينية الجنوبية لا تبدو واعدة على الإطلاق.