السؤال الملحّ، والبديهي هو: بماذا وعدت الموفدة الاميركية مورغن اورتاغوس التي أمضت يومين في بيروت، ولم تكتفِ بما سمعت، بل شاهدت وعانت بأم العين خطوات عملية على الارض في ما خصّ التزام لبنان القاطع بالقرار 1701، والسير في سيرة الاصلاحات المالية والادارية والمصرفية، في ضوء التعيينات المهمة التي شملت تعيين قائد للجيش اللبناني وقادة للاجهزة الامنية وتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان.
وبطريقة عملية، هل وعدت اورتاغوس المسؤولين بالانسحاب الاسرائيلي من النقاط الخمس، والنقاط 13 عند الخط الازرق، ووقف انتهاكات القرار 1701؟
بعدها يأتي الحديث عن مرحلة ما يسمى بترسيم الحدود البرية. وحينها لن يكون ملف من يمثل لبنان، على درجة من الخطورة، ما دام لبنان انخرط بمفاوضات أدت إلى الترسيم البري بين لبنان واسرائيل.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن نائبة المبعوث الأميركي مورغان اورتاغوس شرحت امام المسؤولين اللبنانيين ثوابت أميركية واضحة بشأن سحب سلاح حزب الله وإجراء الإصلاحات وإن بدت لغتها اخف وطأة، ولفتت إلى أن محادثاتها وصفت بالبناءة ولم تأتِ كما اشيع على شكل الفرض وإن تحدثت بلغة الحض منعا لأية نتائج لا يرغب بها الجانب اللبناني.
وأوضحت هذه المصادر أن المسؤولة الأميركية مهتمة بالملف اللبناني وخطوات الترسيم وغير ذلك وستتابعها وفق اتصالات دائمة.
وأوضحت أن الموقف اللبناني أعاد التأكيد على الالتزام بالقرار ١٧٠١ والبيان الوزاري وانه عازم على إتمام الإصلاحات.
وعلى ذلك، كانت الدبلوماسية الاميركية تلتقي وزراء والحاكم سعيد في مقر السفارة الاميركية في عوكر، ويتناول البحث المال والمصارف والاقتصاد، وما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري حول حصرية السلاح، مطالبة باعادة الهيكلة العسكرية والبدء بتسليم سلاح حزب الله أو وضع جدول زمني لذلك.
ونقل وزير شارك في الاجتماعات (وزير التكنولوجيا كمال شحادة) عن الموفدة قولها: عندما يبدأ لبنان بتجميع السلاح على جميع الاراضي اللبنانية ويتم حصره بيد الدولة «عندها تتوقف الهجمات الاسرائيلية».
ونقل عن اورتاغوس قولها أيضاً أنها قد تعود بعد الفصح إلى المنطقة، وتزور اسرائيل ولبنان.
والمثير للاهتمام أيضاً، اجتماع اورتاغوس مع الرؤساء الثلاثة، في مقراتهم على انفراد، قبل المحادثات الموسعة، ووصفت الاجتماعات بالرائعة في لبنان، وقالت: لدي علاقة جيدة جداً مع الرئيسين عون وسلام، وقد التقيت الرئيس بري، ونحن نتواصل بشكل منتظم، ومن الجيد دائماً رؤيتهم وجهاً لوجه، فأنا متحمسة ومتفائلة بالحكومة الجديدة..
وقالت أورتاغوس لـ l.b.C أن «رئيس الجمهورية لم يرفض أمامي انشاء ثلاث لجان دبلوماسية لبحث ملف المعتقلين وترسيم الحدود وانسحاب الجيش الاسرائيلي.
أضافت : لم أتحدث مع أحد في لبنان عن هذا الموضوع، وما نركز عليه الآن هو تنفيذ وقف الاعمال العدائية ونزع سلاح حزب، والاصلاحات الاقتصادي، ونأمل أن يصل لاحقاً إلى مرحلة التفاوض وحل النزاعات الحدودية وغيرها من القضايا بين لبنان واسرائيل.
ورأت أن: السلطة والشعب عليهم الاختيار: إما التعاون معنا لنزع سلاح حزب الله وتطبيق وقف الاعمال العدائية أو إنهاء الفساد، وسنكون شريكاً وصديقاً، أما خيار التباطؤ من قبل الحكومة والقادة، وهنا لا يتوقعوا شراكة معنا.
أضافت: كلما استطاع الجيش اللبناني الوصول إلى أهدافه ونزع سلاح جميع الميليشيات كلها تحرر الشعب اللبناني بشكل أسرع من النفوذ الاجنبي للارهاب والخوف.
وأشارت: دعمنا الجيش اللبناني لسنوات طويلة من تدريب وتمويل ومعدات،والآن الجيش يقدر فعلاً بقيادة الرئيس عون على فرض مزيد من السلطة وسنساعده للوصول إلى هذه الاهداف، وطالبت نزع سلاح حزب الله في اسرع وقت ممكن.
وأعربت عن حماسها وتفاؤلها «بهذه الحكومة الجديدة» ونحن نطرح دائماً موضوع نزع سلاح حزب الله، وليس الحزب فقط، بل جميع الميليشيات في هذا البلد، ونستمر بالضغط على الحكومة لتطبيق كامل لوقف الاعمال العدائية.
وقال الوزير جابر: ليس هناك تهديدات، بل هناك إعلان عن مواقف، وهذه المواقف سبقت قدوم أورتاغوس، لكنها أعادت التشديد عليها.
وأكد:الحكومة تقوم بتنفيذ الكثير من القوانين الاصلاحية الموجودة منذ سنوات، وهذا ما تحدث عنه الرئيس بري، والحكومة تسير في خطوات سريعة، وهناك تغيير حقيقي، بدأ خاصة في قطاع الكهرباء.
ماذا رأت وسمعت؟
والمعلومات تشير إلى أن الموفدة الاميركية ، التي انطلقت من الحاجة إلى رؤية أفعال بدل تكرار الاقوال، أبلغها الجانب اللبناني أن الجيش اللبناني يعمل، دون كلل على وقف اطلاق النار ونزع سلاح حزب الله في الجنوب، من دون أي تداعيات تؤثر سلباً على الاستقرار..
وأظهر الرئيس نبيه بري أمامها مجموعة القوانين الاصلاحية، التي أقرها مجلس النواب، وهي لا تقل عن 19 قانوناً، تراعي المطالب المتعلقة الشفافية ومكافحة الفساد وتبييض الاموال وغير ذلك..
وأمام الدولة خطوات تبدو ضرورية أهمها: ارسال قوانين السرية المصرفية واصلاح نظام المصارف (الموضوع أمام مجلس الوزراء غدا)، فضلاً عن التعيينات في مجلس الانماء والاعمار، وهذه من شروط صندوق النقد الدولي.
وكانت أورتاغوس ناقشت في اليوم الثاني لزيارتها بيروت مع وزيري المال والاقتصاد ياسين جابر وعامر البساط، ثم مع حاكم مصرف لبنان كريم سعيد مشاريع الاصلاحات والسياسات المالية العتمدة، خصوصاً لجهة مكافحة الاقتصاد غير الشرعي، المتمثل بتبيض الاموال والارهاب..
مع الاشارة إلى ان الوزيرين جابر والبساط مع الحاكم سعيد سيشاركون كوفد رسمي لبناني في اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن خلال نيسان الجاري.
ووفق المعلومات خرج الوفد اللبناني بتصور إيجابي من اجتماع عوكر مع الموفدة الأميركية . وأن الوفد اللبناني قدّم لأورتاغوس مجموعة من الطروحات والتفسيرات المتعلقة بالقوانين التي تعمل عليها الحكومة الجديدة.
لكن جددت أورتاغوس التأكيد «أن المساعدات الأميركية ستكون مرتبطة بتحقيق الإصلاحات، بالإضافة إلى الشأن الأمني. كما نقلت الموفدة الأميركية تأكيدها على أهمية الوضع الاقتصادي بالنسبة للولايات المتحدة واستعداد بلادها للتعاون مع لبنان في هذا الصدد.
وعبّرت أورتاغوس عن ثقتها باختيار الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام للوزراء في الحكومة الجديدة، وطلبت أن يقدم لبنان براهين وشواهد ملموسة عن الإصلاحات التي يعتزم تنفيذها.
يذكر ان الوزيرين جابر والبساط وحاكم مصرف لبنان سيشاركون كوفد رسمي في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي في واشنطن خلال نيسان الحالي. ويزور وزيرا المال والاقتصاد دولة الكويت الثلاثاء المقبل، وفق ما أكده المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر لبحث العلاقات الاقتصادية والمالية بين البلدين.
تفاصيل لقاءات اورتاغوس
وقد استهلّت الموفدة الأميركية أورتاغوس زياراتها إلى المسؤولين اللبنانيين السبت، بلقاء مع الرئيس عون وكانت ترتدي قلادة تحمل «نجمة داوود»، الرمز الديني اليهودي التقليدي. وهي المرة الثانية التي تثير فيها أورتاغوس الجدل بهذا الشعار الديني، بعدما ارتدت سابقاً خاتماً يحمل الرمز نفسه خلال زيارتها الأخيرة إلى لبنان. لكنهافي لقائها مع الرئيس نبيه بري اخفت النجمة تحت ثيابها خشية سماع كلمة «مش على خاطرها».
وفي معلومات عن لقاءاتها في بيروت مع الرؤساء عون وبري ونواف سلام، دعت اورتاغوس «الى ضرورة أن يترافق مسار الإصلاح المالي والاقتصادي مع خطوات جدية لنزع السلاح غير الشرعي في لبنان، معتبرة أن استعادة الثقة الداخلية والدولية تمرّ عبر هذه المعادلة.وتحدّثت أورتاغوس، بحسب المعلومات، بالتفصيل عن ملف السلاح، مؤكدة أن أي جهود لإعادة الإعمار أو تأمين الدعم المالي الدولي ستبقى محدودة ما لم يُعالج هذا الملف بشكل جذري ومتوازٍ مع الإصلاحات. ولكن «أورتاغوس لم تحدد مهلًا زمنية ولا مواعيد من أجل تسليم سلاح حزب الله.»
وطلبت أورتاغوس «استكمال الجيش اللبناني للإجراءات التي يقوم بها لتنفيذ القرار 1701 بشكل كامل في الجنوب وضبط اطلاق الصواريخ من لبنان منعاً للفوضى، وعلى أهمية الانسحاب الإسرائيلي الكامل وتثبيت الاستقرار». وطرحت موضوع الإصلاحات المرتبطة بصندوق النقد الدولي، معتبرة أن هذا الملف يُعادل في أهميته الملف الأمني، ويُشكّل مدخلاً ضرورياً لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان.
كما أثنت على أهميّة المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، وشدّدت على أنّ أمام لبنان فرصة ذهبية بفضل الزخم الدولي الداعم والإصلاح الذي تجسّده الوجوه الحالية في السلطة مشيرةً إلى أن الفرصة لا تدوم طويلاً.لكنها لم تقدم اي ضمانات بوقف الاعتداءات الاسرائيلية لانها اصلا لم تحضر لمثل هذه المهمة.
وكان الجواب اللبناني اعتماد اللجنة التقنية العسكرية كما جرى في فترة الترسيم البحري أو الديبلوماسية المكوكيّة كما كانت على أيّام سلفها آموس هوكشتاين. وأفادت المعلومات أن الرئيس عون رد على الطرح الأميركي بتشكيل ثلاث لجان دبلوماسية لمناقشة الملفات العالقة بين لبنان وإسرائيل، فاقترح تشكيل لجنة تقنية تتولى بحث مسألة الحدود البرّية، بما ينسجم مع المقاربة اللبنانية المعتمدة سابقًا في ملف الترسيم البحري.و قدّم تصوراً جدياً للتعامل مع القضايا الأمنية العالقة، انطلاقاً من أولوية الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، مروراً بترسيم الحدود، ووصولاً إلى تنفيذ وقف إطلاق النار وتكريس مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. فيما اقترح الرئيس سلام «الدبلوماسية المكوكية» التي اعتمدها سلف اورتاغوس اموس هوكشتاين خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.وابدت اورتاغوس ترحيباً بالفكرة.
ونوّهت خلال لقائها رئيس الحكومة بأهمية الخطة الإصلاحية التي وضعتها الحكومة اللبنانية، وأعربت عن دعمها لخطوة إعادة هيكلة المصارف اللبنانية كجزء من خطة الإصلاح الاقتصادي والمالي.. وتم التطرق خلال الاجتماع إلى ملف ضبط الحدود اللبنانية السورية ومنع عمليات التهريب، وأوضح الرئيس سلام لأورتاغوس أن الجيش اللبناني بدأ بالفعل تنفيذ الإجراءات اللازمة على الحدود لمنع التهريب، وأن هذه الإجراءات ستستكمل بشكل منتظم.
وتوقفت أمام سلام على أهمية رفع السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف، وقد أكّدت لرئيس الحكومة أهمية الإجراءات التي اتُّخذت في مطار بيروت.
وركز المسؤولون اللبنانيون على ضرورة إيجاد آلية لانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، وإطلاق الأسرى. وأكد لبنان الرسمي لأورتاغوس أن في ما يتعلق بنزع سلاح حزب الله بدأ الجيش بالمهمّة، إلا أن الرد الأميركي جاء أنّ الخطوات تبدو بطيئة ويجب تسريعها حتى بسط سلطة الدولة على كل أراضيها.
وفي سياق الحديث عن إعادة الإعمار، تم التطرق إلى استعداد بعض المغتربين اللبنانيين للمشاركة في مشاريع متعلقة بهذا الملف، مع التأكيد على أهمية وقف الضربات العسكرية، حيث أبدت المبعوثة الأميركية تفهماً لهذه المطالب.
والتقت اورتاغوس ايضا وزير الخارجية يوسف رجي الى مأدبة غداء في منزل السفيرة الاميركية ليزا جونسون، كما زات رئيس حزب القوات اللبنانية سميرجعجع.
كما استضافت أورتاغوس الى وليمة عشاء السبت في عوكر 5 وزراء من الحكومة وهم: فايز رسامني (الأشغال)، جو صدي (الطاقة)، جو عيسى الخوري (الصناعة)، فادي مكي (التنمية الإدارية)، كمال شحادة (وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعيّ). وجرى بحث في مشاريع الوزارات الخمس في مجال الاصلاحات المرتقبة.
وافيد ان أن أحد الوزراء أكد في مداخلاته على ضرورة دعوة الولايات المتحدة للعب دور الوسيط من أجل «التمكن من العمل بالأجندة الإصلاحية» والوصول إلى النتائج المرجوة. وأوضحت المصادر أن الوزير أشار إلى أن البيان الوزاري يتضمن التزام لبنان الواضح بقرار مجلس الأمن 1701 وضرورة حصرية السلاح في يد الدولة، مؤكدًا أن الحكومة بحاجة لبعض الوقت لتحقيق هذه الأهداف.
واستمعت الموفدة الأميركية إلى المداخلات، وأكدت أنها تتابع سير العمل في لبنان، مشددة على ضرورة تسريع وتيرة عمل الجيش اللبناني. ولفتت المصادر إلى أن الاجتماع تميز بطابع هادئ ولم يشهد أي لهجة تهديد أو وعيد، بل كان تواصلًا يركز على تسريع الإجراءات وتنسيق الجهود لتحقيق الأهداف المشتركة.
العدوان على مسمع ومرآى من الموفدة
ولم توقف دولة الاحتلال انتهاكاتها لقرار وقف النار على الرغم من محادثات اورتاغوس فقد بكّر العدو الاسرائيلي في اعتداءاته امس، على قرى الجنوب فتعرضت قرى الوزاني إلى قصف مدفعي إسرائيلي وأقدم جيش الاحتلال على رمي قنابل مدفعية ومضيئة على بلدة حولا من جهة الغجر. ولاحقاً، ألقت محلقة معادية قنبلة بين بلدتي الطيبة ورب ثلاثين، وإلى جانب ذلك، توغلت جرافة تابعة للإحتلال الاسرائيلي محمية بدبابة ميركافا الى بركة النقار جنوب بلدة شبعا، وقامت بعملية تجريف ورفع سواتر في المنطقة.
وظهر أمس،استهدفت مسيّرة معادية حفارة بوكلين لاستصلاح الأراضي وسيارة «رابيد» بين قريتي زبقين والشعيتية في قضاء صور ماداى الى ارتقاء شهيدين.
وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي: «ان طائرة لسلاح الجو أغارت على عنصرين لحزب الله عمِلا بآلية هندسية في منطقة زبقين».
ودوت صفارات الإنذار في مستعمرتي «افيفيم ويرؤون» بالجليل الغربي نتيجة تشخيص خاطيء.
من جهة اخرى سجل تحليق لطائرة من نوع «سسينا» تابعة للقوات الجوية اللبنانية في اجواء بلدات الدوير، انصار، كوثرية الرز، عبا، جبشيت، حاروف، تول ، الشرقية ومنطقة ابو الاسود وعلى علو متوسط.
وليلاً، تدهور الوضع في القطاع الغربي، فأغارت مروحيات العدو على محيط مركز الجيش اللبناني في الناقورة، وتحركت سيارات الاسعاف الى مكان الغارة، وحسب ما علم، فإن المروحية المعادية استهدفت غرفة جاهزة ودمرتها. ودوت صافرات الانذار في مركز اليونيفيل في الناقورة والمنصوري.