مقترح مصري جديد يكسر جليد الجمود الحالي بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وسط تصعيد إسرائيلي متواصل منذ نحو 3 أسابيع عقب انهيار الهدنة في 18 مارس الماضي.
تدمير واسع في قطاع غزة بسبب الحرب الإسرائيلية
ومع اقتراب عيد الفصح اليهودي في 20 أبريل تتجدد الآمال في كسر الحلقة المفرغة للعنف، بدعم من مقترح مصري رابع يهدف إلى "سد الفجوات" بين الطرفين وجهود دبلوماسية مكثفة قد تحمل ضغطاً أمريكياً حاسماً خلال لقاء مرتقب بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في ظل ضغوط داخلية وخارجية على حكومته.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن تقديم مصر مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار في غزة يعد الرابع خلال أقل من شهر، تسعى من خلاله القاهرة لـ "سد الفجوات" بين حماس وإسرائيل للتوصل لهدنة لوقف إطلاق النار تمكن من استكمال مفاوضات إنهاء الحرب والتوصل لتسوية للأزمة في غزة.
وتحدث خبراء لـ RT عن المقترح المصري الجديد لوقف إطلاق النار في غزة، وما يمكن أن يقدمه من تقريب المسائل الخلافية بين إسرائيل وحماس لوقف الحرب، في ظل وجود بوادر أمريكية لإمكانية الدفع نحو التوصل لاتفاق في غزة، مع لقاء وشيك بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالبيت الأبيض قد يحمل ضغطا من واشنطن نحو اتفاق جديد قائم على حل وسط.
مقترح يسد الفجوات الخلافية
يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور أيمن الرقب أن المقترح المصري الجديد يمثل دمجاً بين المقترحات السابقة بهدف التقريب بين مواقف حماس وإسرائيل، وأنه من المتوقع أن يشمل المقترح زيادة عدد الأسرى الإسرائيليين المفرج عنهم إلى نحو 10 أحياء مقارنة بـ5 في المقترح السابق في محاولة لإرضاء الحكومة الإسرائيلية التي تسعى لاستعادة جميع الأسرى بينما تتمسك حماس بورقة الأسرى كضمان لوقف دائم لإطلاق النار.
ويضيف الرقب في حديثه لـ RT أن الهدنة المقترحة ليست غاية في حد ذاتها بل مرحلة لاستكمال المفاوضات نحو تسوية شاملة في غزة في ظل وجود العديد من الدلائل تشير إلى احتمال "فرصة حقيقية" للتهدئة، خاصة مع الدعم الأمريكي المتوقع خلال لقاء ترامب ونتنياهو، الذي قد يضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات.
ظروف معيشية صعبة لأطفال قطاع غزة
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني أن حماس تدرك جيدا أن الأسرى الإسرائيليين هم ورقة التفاوض الوحيدة التي تمتلكها في الوقت الحالي للتوصل إلى إنهاء الحرب لذلك فإنها لن تفرط في الأسرى بسهولة، ولن تفرط في جميع ما تبقى من الأسرى لديها مقابل هدن محددة المدة وإنما هي محاولة منها هذه المرة "لهدنة محددة لاستكمال عمليات التفاوض للوقف الدائم لإطلاق النار يفضي إلى تسوية في قطاع غزة".
موقف مصري ثابت
وتجري مصر مشاورات مستمرة مع السلطة الفلسطينية حيث تبادل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (السبت) مع وفد من حركة "فتح" الفلسطينية برئاسة جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية للحركة "الرؤى بشأن التصعيد الإسرائيلي الخطير ومستجدات الجهود المصرية الهادفة لاستعادة وقف إطلاق النار في قطاع غزة واستئناف نفاذ المساعدات الإنسانية بأسرع وقت ممكن" وفق بيان للخارجية المصرية.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أكد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (السبت) على "أهمية استعادة التهدئة من خلال الوقف الفوري لإطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية" وفق بيان للرئاسة المصرية.
تدمير واسع في قطاع غزة نتيحة الحرب الإسرائيلية
من جانبه يرى عضو مجلس الشؤون الخارجية والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن مصر تعمل "بلا كلل ولا ملل" لتحقيق أولوياتها في هذه المرحلة وهي "لجم العدوان" الإسرائيلي وضمان الأمن القومي المصري وتثبيت الفلسطينيين في أراضيهم عبر وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية.
عوامل لنجاح المقترح الجديد
ويؤكد عضو مجلس الشؤون الخارجية في حديثه لـ RT أن المقترح الجديد يمثل نقطة وسط بين مطالب الطرفين حيث لن يقتصر على إطلاق سراح 5 أسرى كما تريد حماس ولا على نصف الأسرى كما في مقترح سابق للمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بل "يسعى لتحقيق توازن" بين تلك المقترحات.
ويشدد أنور على أن حالة الإنهاك التي يعيشها الجانبان إلى جانب الضغط الداخلي في إسرائيل للإفراج عن الأسرى، يعززان فرص نجاح المقترح، مرجحا أن حماس ستطالب بضمانات دولية أكبر لمنع تكرار الانتهاكات الإسرائيلية التي شهدتها هدن سابقة.
ووفق متحدث الخارجية المصرية تميم خلاف فإن عبد العاطي شدد خلال لقائه وفد حركة "فتح" على "رفض مصر الكامل للعدوان الإسرائيلي المستمر في قطاع غزة والضفة الغربية، والسياسة العدوانية الإسرائيلية في الإقليم واستخدامها القوة العسكرية الغاشمة دون أدنى اعتبار لمحددات القانون الدولي الإنساني، واستمرار ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة ضد المدنيين، والتعامل باعتبارها دولة فوق القانون".
وزير الخارجية المصري يستقبل وفد حركة فتح الفلسطينية
وقال إن "أوهام القوة لن تساعد إسرائيل في تحقيق الأمن لها كما تتصور، بل ستؤدي الفظائع التي ترتكبها إلى تكريس شعور الكراهية والانتقام ضدها في المنطقة، ووضع المزيد من الحواجز أمام سبل التعايش السلمي بين شعوب المنطقة، بما ينعكس بصورة شديدة السلبية على أمنها واستقرارها وفرص تحقيق السلام المستدام بالمنطقة".
الدور الأمريكي الحاسم
يبرز الدور الأمريكي كعامل محوري في دفع المقترح المصري نحو النجاح، ويشير عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية إلى أن مكالمة الرئيس ترامب مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى جانب زيارة نتنياهو إلى واشنطن تعكس إرادة سياسية أمريكية لإنهاء الأزمة في الوقت الحالي، متوقعا أن تعمد الإدارة الأمريكية إلى الترويج للمقترح المصري داخلياً على أنه "مقترح أمريكي"، لتخفيف ضغط اليمين المتطرف على نتنياهو مما قد يمهد لإعلان الصفقة خلال أيام.
رغم التفاؤل يبقى نجاح المقترح مرهوناً بمدى استعداد إسرائيل لتقديم تنازلات عسكرية خاصة في ظل تمسك اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو بمواصلة الحرب حتى "تدمير حماس" ومن جانبها تدرك حماس أن الأسرى هم ورقة التفاوض الوحيدة التي تملكها ولن تفرط بها مقابل هدنة مؤقتة دون ضمانات لوقف دائم للحرب.