عاجل:

مناطق النفوذ في سوريا (يسرائيل هيوم)

  • ١٤

كتب آفي برئيلي في صحيفة "يسرائيل هيوم":

هل قُدِّر لإسرائيل الانتقال من صراع مع دولة ذات تطلعات إمبراطورية إقليمية، أي مصر، إلى صراع مع دولة أُخرى من هذا النوع، إيران، ومنها إلى صراع مع دولة ثالثة من هذا القبيل، تركيا؟ من الناحية الجيو-استراتيجية، فإن تاريخنا في العقود الأخيرة يتخذ طابعاً شبه توراتي، فإسرائيل المعاصرة، تماماً كما كانت عليه في العصور القديمة، تجد نفسها في موقع "عظمة في حلق" الدولة الطامحة للسيطرة على منطقة الهلال الخصيب ومحيطها، التي تقع إسرائيل في مركزها.

لكن الآن، قد تواجه إسرائيل طموحاتٍ إمبراطورية من دولتين قويتين نسبياً في المنطقة؛ إيران وتركيا. ففي سنة 1979، خرجت مصر من دائرة الصراع المباشر معنا عندما وقّعت اتفاقية سلام وتخلّت، فعلياً، على الأقل في تلك المرحلة، عن تطلعاتها الإمبراطورية في المنطقة.

في العام نفسه تماماً، وصل إلى الحكم في إيران نظام إسلامي شيعي "متعصب"، وبدأ يدمج الصراع مع إسرائيل ضمن مساعيه للسيطرة على المنطقة. هذا الصراع لم يُحسم بعد، ويصل الآن إلى مفترق طرق مصيري. فهل يتبلور، حتى قبل حسم هذا الصراع، صراع جديد مع قوة تسعى من جديد، وفي السابق أيضاً، لإقامة إمبراطورية إقليمية، وهي تركيا الإسلامية بقيادة أردوغان؟

الآن، يقترب الصراع المصيري مع إيران من الحسم، فهل سيتم تفكيك المشروع النووي الإيراني (من خلال اتفاق، أو بالقوة)، أم سيصل إلى مرحلة التنفيذ الكامل بإنتاج سلاح نووي؟ لا نعرف كم من الوقت سنبقى في هذا المفترق، لكن كلّ واحدة من الإمكانيات لعبور هذا المفترق، ليس فقط التسلح النووي، بل أيضاً التفكيك بالقوة، أو عبر اتفاق، لا تنهي هذا الصراع وحدها. من الواضح أن امتلاك إيران السلاح النووي سيفتح الباب أمام تهديد خطِر لإسرائيل وجاراتها، لكن حتى تفكيك المشروع النووي، سواء بالقوة، أو باتفاق، من دون القضاء على النظام الشيعي، لن يزيل التهديد في المدى الطويل. وعليه، من المحتمل أنه، قبل الوصول إلى حسم واضح مع إيران، وأيضاً في المدى الزمني الممتد، قد تتطور خطورة ملموسة بتعاظُم التهديد التركي في الوقت الذي لا يزال التهديد الإيراني قائماً، ولم يُحبط.

تشكل تركيا خطراً، ليس فقط بسبب الأيديولوجيا الإسلامية، ولا فقط بسبب الخطاب التحريضي ضد "الكيان الصهيوني"، بل أولاً، وقبل كلّ شيء، بسبب أفعالها الملموسة، فهي لا تكتفي بالكلام، بل تتصرف كقوة طامحة ذات طابع شبه إمبريالي. إنها تتدخل في منطقة القرن الأفريقي، وفي السودان، وفي ليبيا، وفي الماضي القريب أيضاً في مصر، و"تستضيف" ناشطين" إرهابيين" من حركة "حماس"، وتقترب منّا عسكرياً، من شمال سورية نحو وسطها، وربما من هناك إلى جنوبها. ونُشر أن الأتراك ينوون تشغيل المطار العسكري السوري الكبير القريب من حمص، بل إنهم بدأوا فعلاً بتنفيذ تحركات لوجستية لهذا الغرض، تمهيداً لنصب بطاريات للدفاع الجوي.

هذا لا يهدد فقط بعرقلة حرية العمل الجوي الإسرائيلي في سورية الجهادية، بل قد ينذر أيضاً بتقدّم تركيا جنوباً حتى مستوى الاحتكاك المباشر بإسرائيل في جبل الشيخ، وفي منطقة الباشان، وفي جنوب سورية بأكمله، إذ لم يكن من قبيل الصدفة أن تعاود إسرائيل قصف المطار في حمص بشدة قبل أيام قليلة.

المصلحة الواضحة لإسرائيل هي تجنّب الصدام المباشر مع تركيا، ليس فقط الآن، في الوقت الذي لا يزال التهديد الإيراني قائماً، لكن أيضاً لاحقاً، فلا مصلحة لنا في الدخول في مواجهة مع دولة قوية وعضو في حلف الناتو. وكذلك، للولايات المتحدة مصلحة في منع صدام بين اثنتين من حليفاتها المهمات؛ دولتان تأمل من خلالهما، إلى جانب السعودية ومصر، بالمساهمة في استقرار المنطقة.

المنشورات ذات الصلة