عاجل:

الرئيس عون يتعامل بحكمة مع حساسية «السلاح» (الديار)

  • ٣٦

كتبت نور نعمة:

ينتظر اللبنانيون انطلاق المفاوضات الأميركية-الإيرانية الرسمية يوم السبت، مدركين أن مخرجاتها سيكون لها تأثير مباشر في لبنان. إذ إن أي نتيجة إيجابية تصب في مصلحة استقرار المنطقة، ستمنح لبنان فرصة لالتقاط أنفاسه في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها.

والمسار الذي ستسلكه مفاوضات السبت من المتوقع أن يُحدث أثراً بالغاً في الساحة اللبنانية، ما يدفع المسؤولين اللبنانيين إلى حالة ترقب، من دون أن يقاربوا المسألة من منطلق تفاؤلي أو تشاؤمي، خصوصاً أن التصريحات الصادرة عن المسؤولين الأميركيين والإيرانيين لا توفّر مؤشرات واضحة تتيح رسم ملامح ما قد يحدث في مسقط.

وفي هذا السياق، تُجمع الأوساط السياسية والإعلامية الأوروبية على توصيف هذه الساعات التفاوضية بأنها لحظات مفصلية ستُسهم في رسم ملامح المشهد الشرق الاوسطي للسنوات المقبلة.

وفي سياق متصل، لوحظ ان هناك قوى داخلية لبنانية بدأت باثارة الشكوك حول طريقة تعامل الرئيس جوزاف عون مع مسألة تسليم سلاح حزب الله، لتعلق جهات سياسية بان رئيس الجمهورية يتصرف بمنتهى العقل والحكمة، في مقاربة هذه المسألة التي تتسم بحساسية بالغة، والى حد القول ان الرئيس العماد جوزاف عون لم يصل لى سدة الرئاسة لتفجير لبنان، بل لحمايته من الانزلاق نحو الانفجار.

وقد نُقل هذا التوجه بوضوح إلى المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، التي يلاحَظ في تصريحاتها الإعلامية نبرة تحمل طابعاً انتقامياً، وتبتعد عن طبيعة مهمتها المفترضة، والتي تستوجب مراعاة دقة وتشعّب الواقع اللبناني الداخلي.

حاجة ايران لتسوية مع واشنطن

من جهة إيران، أفاد مصدر ديبلوماسي لصحيفة «الديار» أن الجمهورية الإسلامية تواجه حاجة ملحّة الى تسوية أوضاعها الداخلية، في ظل التداعيات السلبية للضغوط الاقتصادية التي أفرزت أزمات معيشية ومالية متفاقمة. وفي هذا السياق، تسعى طهران إلى تحقيق اختراق إيجابي في علاقتها مع واشنطن، الأمر الذي قد يفتح الباب أيضاً أمام تحسين علاقاتها مع عدد من الدول الأوروبية الحليفة للولايات المتحدة.

وأوضح المصدر أن «الشراكة» الإيرانية مع كل من روسيا والصين وفّرت لها نوعاً من الحماية، إلا أنها تبقى محدودة الأثر، ولم تشكّل دعماً كافياً على المستويين الاقتصادي والاستراتيجي. وبالتالي، باتت المعطيات الاقتصادية والإقليمية تحتم على طهران انتهاج مسار تفاوضي مع واشنطن بدلاً من الإبقاء على حالة التصعيد والتوتر، لا سيما في ظل الضربات والخسائر التي مُني بها المعسكر المدعوم ايرانيا في المنطقة.

وأشار المصدر إلى أن إيران قامت بمراجعة شاملة للتطورات التي طرأت في محيطها، وهو ما دفعها الى الانخراط في مفاوضات مع الجانب الأميركي عبر سلطنة عمان. ومن المرجّح أن تكون طهران قد أبدت استعداداً لتقديم بعض التنازلات، إلا أن ذلك لا يعني أنها مستعدة للتفريط بثوابتها، وفي مقدمتها برنامجها النووي السلمي وحقها في ممارسة سيادتها عليه تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما لن تقبل البحث في صواريخها لانها تعتبر ان ذلك جزء من سيادتها.

في سياق متصل، أفادت معلومات خاصة لصحيفة «الديار» أن المفاوضات الأميركية-الإيرانية المرتقبة في سلطنة عُمان ستكون دقيقة وحساسة، ولن تمتد لفترة طويلة، إذ من المتوقع إحراز تقدم ملموس في الملف النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات المالية الأميركية المفروضة على طهران، والتي تشمل تجميد أرصدة بمليارات الدولارات تعود للدولة الإيرانية في مصارف قطرية وأخرى في دول مختلفة.

ومن جهة الإدارة الأميركية، فإن إدارة الرئيس ترامب لا ترغب في إطالة أمد التعامل مع الملف النووي الإيراني، انطلاقاً من قناعتها بأن التوصل إلى اتفاق بشأن هذا الملف سيمهّد تلقائياً لمعالجة دور التنظيمات التي تدعمها طهران في عدد من الدول العربية.

وتشير المعلومات إلى أن هذه المفاوضات ستجري بعيداً عن الأضواء، وسط رغبة مشتركة لدى كل من واشنطن وطهران في التوصل إلى اتفاق جديد يُقدّم ضمانات لطهران، وفي المقابل يمنح الإدارة الأميركية، وتحديداً الرئيس ترامب، النتائج السياسية المرجوّة.

نصيحة روسيا للايرانيين بالافادة من تباين ترامب-نتنياهو

في غضون ذلك، اكد ديبلوماسي روسي في احدى دول الخليج ان بلاده نصحت الايرانيين بالافادة من الاختلاف بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة «الاسرائيلية» بنيامين نتنياهو حول سبل التعامل مع البرنامج النووي الايراني، خصوصا ان نتنياهو كان يراهن على البقاء في السلطة لتوجيه ضربة الى المنشآت النووية في ايران حتى من دون مشاركة الولايات المتحدة الاميركية، الامر الذي طرحه يوم الاثنين الماضي خلال لقائه مع ترامب في البيت الابيض بحجة عدم تعريض القواعد العسكرية الاميركية للخطر، لكن الرئيس الاميركي رفض بشكل قاطع هذا الطرح.

واشار الديبلوماسي الروسي الى ان بلاده ليست بعيدة عن الجهود التي تبذل في الكواليس لجعل محادثات السبت تشكل مدخلا مناسبا لسلسلة من الجلسات، توصلا الى اتفاق نووي جديد يأخذ بالاعتبار التطورات التقنية والسياسية في هذا المجال على مدى العشر السنوات المنصرمة.

ومن جهته، ابلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الاميركي ماركو روبيو بان روسيا مستعدة للمساعدة بكل الوسائل من اجل تأمين مسار تفاوضي يفضي الى معالجة بعيدة المدى لموضوع البرنامج النووي الايراني، وايضا لافساح المجال امام تطبيع العلاقات الاميركية-الايرانية.

«اسرائيل»: المفاوضات لمصلحة نظام «اية الله»

في المقابل، من الواضح أن «إسرائيل» تعارض بشدة المفاوضات الأميركية-الإيرانية التي تُعقد في سلطنة عُمان، إذ تراها كفرصة لتعزيز نظام الجمهورية الإسلامية بقيادة المرشد الاعلى خامنئي. وتشير المعلومات إلى أن ما سمعه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو خلال زيارته إلى البيت الأبيض، يؤكد أن الملف النووي الإيراني يُعدّ أولوية أميركية بامتياز، ويتصل مباشرة بالأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة.

وتؤكد واشنطن أن إدارتها لهذا الملف تهدف إلى تجنّب أي تصعيد عسكري قد يؤدي إلى فوضى شاملة في منطقة الشرق الأوسط، تكون لها انعكاسات خطرة ليس فقط على الولايات المتحدة، بل أيضاً على «إسرائيل».

اخراج المنطقة من عنق الزجاجة

الى ذلك، كشف مصدر اعلامي عماني للديار ان وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي يعتقد ان اجواء الجانبين التفاوضية تشير الى امكان التفاهم على وضع اطار للمفاوضات يتيح تواصلها في اوقات متقاربة وبروحية من يريد اخراج المنطقة من عنق الزجاجة. اما النقطة الاساسية في محادثات السبت، فتنطلق من قاعدة بالغة الاهمية، وهي ان واشنطن وطهران متمسكتان بالحل الديبلوماسي في ظل الفوضى التي تسود الشرق الاوسط، والتي يستغلها نتنياهو من اجل ترسيخ وجوده في السلطة وتحقيق مخططاته للمنطقة.


المنشورات ذات الصلة