كتب ناجي شربل وأحمد عز الدين:
لم يعد نزع سلاح «حزب الله» من المحرمات وعصيا على النقاش في لبنان. وبات الموضوع يتمحور حول الآلية، ومقايضته بثمن يؤمن مصلحة لبنان في ضوء الشروط الإسرائيلية المستجدة بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024.
وباتت مسألة نزع السلاح مرتبطة بوقت غير بعيد، بعد قناعة يكرسها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون بوجوب حماية لبنان وتحصين سيادته وحفظ الوحدة الوطنية، باعتماد السلاسة في تمرير الأمور ومقاربتها.
واذا كان «السلاح» يوما ورقة قوة للبنان بحسب جزء من اللبنانيين، فقد بات نزعه اليوم أداة قوة للبلد لحفظه في هذه المرحلة الدولية والإقليمية الحساسة، لجهة حصر الأضرار التي خلفتها الحرب الإسرائيلية الموسعة الأخيرة، والعبور نحو تأسيس دولة قوية مستفيدة من ظروف دولية وإقليمية تصب في هذه الفترة بمصلحة لبنان، بعدما كانت الحلول تأتي على حسابه في مراحل سابقة.
ويشهد الأسبوع المقبل حركة اتصالات ومشاورات واسعة محورها موضوع نزع سلاح الحزب والإجراءات الإصلاحية. وبات واضحا ان الملفات قد فتحت على الاحتمالات كلها، وهي تؤدي إلى حسم الأمور بما يسمح بإمساك الدولة بكل المرافق الأمنيه والاقتصادية.
وقال مصدر لـ«الأنباء»: «ثمة خطة لحل مسألة السلاح قيد البحث في الإجراءات والتفاصيل، بعدما تم الاتفاق على العناوين الرئيسية لها من خلال مشاورات بين الرؤساء وسط مرونة واضحة من جانب حزب الله، رغم بعض المواقف التي تصدر من بعض الجهات، والتي ترى المصادر انها تأتي في إطار التفاوض أو التوجه إلى الرأي العام».
وتحدثت المصادر عن اجتماعات ونقاشات جدية تجري بين المعنيين، سواء داخل أجهزة الدولة او الجهات الحزبية المعنية حول الخطوات التدريجية لمعالجة الأمر، وكل ذلك بعلم القوى المعنية في الداخل والخارج، والتي تقر كلها بالدور غير الاعتيادي الذي يقوم به الجيش اللبناني، سواء جنوب الليطاني حيث اقترب من إنجاز مهمة الكشف وطي ملف المراكز والبنى التحتية الحزبية في المنطقة، أو مواجهة الاستفزاز الإسرائيلي، ومنع قوات الاحتلال من التقدم نحو الأراضي التي انسحبت منها سابقا. وترجم ذلك بالتصدي لقوة عسكرية إسرائيلية حاولت التوغل داخل بلدة علما الشعب. كذلك يعمل الجيش على إزالة السواتر الترابية التي يقيمها الجيش الإسرائيلي لقطع خطوط التواصل والإمداد، سواء للسكان المدنيين او الجيش والقوات الدولية في المناطق الحدودية.
وذكرت المصادر أيضا ان الجيش يتحرك في بقية المناطق للكشف عن أو مصادرة مخازن أسلحة أو مراكز عسكرية. وقد وضع يده على عدد منها في الأيام الأخيرة، وسط عودة موجة الشائعات التي تطلقها إسرائيل وجهات مشبوهة مرتبطة بها لنشر جو من القلق والهلع بين الناس كما حصل في الساعات الماضية بأكثر من بلدة جنوبية، اذ تسارع المصادر الرسمية لنفي هذه التسريبات وتبديد أجواء القلق.
على صعيد الإصلاح، نزل رئيس الجمهورية صباح الجمعة إلى مقر مصلحة تسجيل السيارات والآليات «النافعة» بالدكوانة، ثم قصد مرفأ بيروت متفقدا مبنى الجمارك والقطع الأمنية في المرفأ. ورافق الرئيس في جولتيه كل من وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار ووزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني. وهي خطوة انتظرها المواطنون بقوة من الرئيس عون، وخصوصا في مبنى «النافعة» حيث تتكدس ملفات في قطاعات عدة نتيجة تراكمات.
توازيا، قالت مصادر نيابية لـ«الأنباء»: «لبنان ليس في وارد التجاوب مع مطالب صندوق النقد الدولي، وبحث موضوع السرية المصرفية وهيكلية المصارف في اللجان النيابية بمثابة رسالة نوايا حسنة حول الإصلاح، وفي الوقت عينه قناعة لدى لبنان لجهة تحقيق الإصلاح النقدي والاقتصادي. لكنه ليس في وارد الموافقة على الشروط التي يطلبها صندوق النقد، وسبق ان رفضها النواب أكثر من مرة في السابق، خصوصا لجهة موضوع أموال المودعين التي يتمسك صندوق النقد بشطب معظمها تحت عناوين مختلفة، وان تغيرت المفردات أو الأسباب المطروحة فإن المضمون واحد. كما ان الشروط التي يطلبها صعبة التحقيق ولا يمكن ان تحظى بمواقفة غالبية النواب مهما كان حجم الضغوط الدولية، إضافة إلى ان موضوع سيادة الدولة والسلاح هو الأولوية دوليا في هذه المرحلة».
في المواقف، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع في حديث تلفزيوني «ان رئيس الجمهورية يطرح تواصلا مباشرا مع حزب الله ووضع خطة وجدول زمني لتسليم السلاح». وأضاف جعجع: «لا شيء اسمه جنوب الليطاني وشمال الليطاني، هذه البدعة انتهت. وربما بسبب مطلبنا تسليم السلاح اغتيل رفيق الحريري وكوكبة من الشخصيات، لأنهم اعتبروا ان الحريري كان خلف القرار 1559».
في الشأن البلدي، تتقدم فرص اعتماد لائحة مقفلة بالعاصمة بيروت وطرابلس، حفاظا على المناصفة في المجلس البلدي للعاصمة، ومنعا لتكرار تغييب المسيحيين عن المجلس البلدي بطرابلس كما حصل في دورة اقتراع 2010. وتستمر توازيا التحضيرات لمنازلات بمدن ساحلية كبرى، أبرزها جونية وجبيل، حيث تشهد الأخيرة التحضير لنواة لائحة مواجهة بقيادة شخصية لها تاريخها على الصعيد الوطني، تحت عنوان استعادة قرار المدينة وإخراجها من التجاذبات الحزبية.
وفي شق آخر، وبعد ساعات من رفع لوحات إعلان على طريق مطار بيروت الدولي خلت مما شهدته المراحل السابقة من إعطاء طابع ايراني لوجهة البلاد، وحملت شعار «عهد جديد للبنان»، تم إحراق إحدى اللوحات من دون تبيان ما اذا كان الأمر مقصودا، أو مجرد حريق قرب اللوحة.
في الميدانيات الجنوبية، اخترقت قوة مشاة إسرائيلية الجمعة الحدود باتجاه منتزهات نبع الوزاني في قضاء مرجعيون، وسبقها تعرض حي أبو لبن في بلدة عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل صباحا لسقوط عدد من القذائف المدفعية الإسرائيلية. وحلق الطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء القطاعين الغربي والأوسط.
على خط قضائي متصل بملف انفجار مرفأ بيروت، انعقدت في قصر العدل جلسة استجواب المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس ابراهيم امام المحقق العدلي في الملف طارق البيطار، من دون أن يتخذ الأخير اي إجراء في حقه، وقرر تركه رهن التحقيق. اللواء إبراهيم قال خلال مغادرة قصر العدل، إنه حضر للتأكيد على ان تقديم دعوى مخاصمة في وجه القاضي طارق البيطار لا يهدف إلى عرقلة التحقيقات، بل لتسليط الضوء على المخالفات التي ارتكبها المحقق العدلي. وبعد ذلك، حضر المدير العام السابق لجهاز امن الدولة اللواء طوني صليبا وتم الاستماع اليه بعدما جرت دعوته في وقت سابق، إلا أنه لم يحضر بسبب عدم تبلغه رسميا كما قال. وخلال الجلسة، أكد صليبا على إفادته السابقة التي كان أدلى بها أمام قاضي التحقيق العدلي السابق في الملف فادي صوان، وغادر قصر العدل من دون اتخاذ أي إجراءات في حقه.
ولاحقا صدر بيان عن وكلاء الدفاع عن اللواء ابراهيم مما جاء فيه أن الأخير «ابلغ المحقق العدلي عن عدم ممانعته السير بالاستجواب على رغم وجوب توقفه عن متابعة أي إجراء يتعلق به، كون الاخير أصدر قرارا اعتبر نفسه بموجبه غير خاضع لقواعد وأصول الرد والتنحي والمداعاة ولسائر الإجراءات المماثلة المنصوص عنها قانونا». وأكد وكلاء الدفاع ان «حضور اللواء إبراهيم يأتي تأكيدا منه على أنه تحت سقف القانون والقضاء واحتراما منه لعوائل الشهداء والضحايا، وكي لا يفسر عرقلة لسير العدالة وتوثقا من براءته».