كتبت دموع الأسمر في "الديار"
حملة واسعة في شوارع طرابلس، خاصة في ساحة التل وفي ساحة عبد الحميد كرامي (النور)، نفذتها السلطات المسؤولة، شملت ازالة الاكشاك والبسطات، والمخالفات المنتشرة في الساحات العامة ومداخل المدينة.
كانت لافتة الخطوة المتخذة في اطار التدابير والاجراءات المتخذة، لازالة التعديات والمخالفات التي اعتبرت مشوهة لشوارع المدينة، وهي باتت منتشرة بشكل واسع، وبعضها يعيق حركة المواطنين.
شكلت الحملة ردود فعل متفاوتة، بين مرحب لها لاعتقاد ان هذه الاكشاك والبسطات تشوه ساحات وشوارع المدينة، وبين مستنكر وغاضب وشاجب لاعتقاد انها حملة اسماها البعض، خاصة اصحاب الاكشاك والبسطات انها جائرة، بل وانها خطوة تغلق ابواب الرزق لعشرات العائلات الذين ليس لهم مورد رزق سوى هذه الاكشاك والبسطات، في مدينة مصنفة تحت خط الفقر، ومصادر العيش والرزق فيها تكاد مفقودة او محدودة جدا.
تلك الخطوة ادت الى غليان شعبي واسع، ووصل الامر ببعض اصحاب البسطات الى مرحلة اليأس والقنوط، كون "بسطته" مورد رزق وحيد لعائلته، بعد ان سدت في وجهه كل ابواب العمل، في مرحلة بات فيها الاستشفاء والتعليم حكرا على المتمولين، والفقراء يعجزون عن الطبابة وشراء الدواء، وليس من مصدر رزق سوى عربة يجرها او "كشك"، يحقق منه قوت اولاده.
المعترضون على الحملة لفتوا الى ان هذه الخطوة المتخذة، جاءت في الوقت غير الصائب، لا سيما انها وضعت قيد التنفيذ دون خطة بديلة، لتحمي العائلات المستفيدة من هذه الاكشاك التي كانت متنفسا لمئات الشباب الذين يسعون خلف رزق عائلاتهم، حيث ان ازالة الاكشاك والبسطات لا يعني ازالة التعديات، بقدر ما يعني قطع ارزاق العائلات دون بديل يقي هذه العائلات شر العوز، في مدينة تنتشر فيها البطالة وموارد الرزق، وحيث تعيش تحت سيف القهر المعيشي والاقتصادي.
وتشير مصادر اهلية محلية لـ"الديار"، الى ان هذه الحملة لم تشمل شارع الضم والفرز، حيث المقاهي والمطاعم التي تحتل كافة الارصفة، وحيث تركن السيارات صفوفا ثانية وثالثة، وبالكاد تعبر السيارات وسط الشارع المحتل من قبل تلك المطاعم، وانه كان الأولى ان تلتفت الحملة الى تلك المنطقة، وتزيل المخالفات النافرة جدا، في ظل ازالة بسطات الفقراء واكشاك ذوي المدخول المحدود جدا، الذي يكاد لا يكفي مصاريف ربطة خبز لمئات العائلات.
ورأت المصادر الى ان هذه الخطوة كان يفترض ان تسبقها خطوات اجتماعية مدروسة، تبدأ بتنظيم هذه الاكشاك والبسطات، وقبلها ان تتجه الحكومة الجديدة نحو وضع رؤية اجتماعية شاملة، ابرز بنودها ايجاد فرص عمل للشباب، واقرار الاستشفاء والتعليم المجاني، وتخفيض اسعار الادوية كي تكون بمتناول الجميع، واطلاق مشاريع التأهيل والتشغيل لمرافق حيوية من شأنها توفير فرص عمل، كمعرض رشيد كرامي الدولي، والمنطقة الاقتصادية، ومطار القليعات، ومصفاة البداوي، والملعب الاولومبي، ومرافق الآثار والسياحة، والبدء بتأسيس المتحف الوطني الطرابلسي وغيرها من المشاريع العديدة...
كما لا بد من بسط هيبة الدولة باعادة الامان والسلام الى المدينة، بالحد من حالات الفلتان الامني المزمن، حيث لا تزال عمليات النشل والسلب والنهب والقتل المجاني متواصلة، وتسبب القلق والذعر في اوساط المواطنين.