عاجل:

التزام احتكار السلاح عنوان مواقف 13 نيسان | انتخابات بيروت بلا تشريع… وأوسع تحالف؟ (النهار)

  • ٤٩

تتزاحم الاستحقاقات الداهمة في درب العهد والحكومة وسط مناخ ضاغط بقوة غير مسبوقة عليهما خارجياً وداخلياً، للمضي قدماً في الإجراءات التنفيذية والتشريعات المتصلة بمساري احتكار السلطة الشرعية وحدها للسلاح والإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية. وإذ أبرزت الجلسات المتعاقبة التي عقدها مجلس الوزراء وأنجز فيها مشروعي قانوني تعديل السرية المصرفية وإصلاح المصارف الوضع الضاغط الذي يملي استكمال هذه المنظومة التشريعية قبل مشاركة الوفد اللبناني في “اجتماعات الربيع” للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن، تثار تساؤلات عما إذا كان ممكناً إنجاز هذا المسار السريع بتصديق مجلس النواب على المشروعين، علماً أن اعتراضات برزت في الساعات الأخيرة على ربط مشروع إصلاح المصارف بإقرارمشروع قانون معالجة الفجوة المصرفية، كما أنه سيتعين على مجلس الوزراء تعيين رئيس وأعضاء مجلس الإنماء والإعمار قبل سفر الوفد اللبناني إلى اجتماعات واشنطن المالية. ولذا تكتسب الأسابيع القليلة المقبلة طابعاً دقيقاً لجهة اختبار قدرة العهد والحكومة على الاستجابة للأولويات التزاحمة وكلها من “العيار الثقيل”، ويأتي في مقدمها ملف السلاح الذي يترقب الجميع المبادرة التي سيضطلع بها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون للحوار مع “حزب الله” حول برمجة تسليم سلاحه للجيش باعتبار أن هذه القناة الحوارية ستكون الخيار الأمثل والأسرع الذي يجنّب لبنان تداعيات الضغط الخارجي التصاعدي عليه لتنفيذ هذا الالتزام ومنع إسرائيل من التصعيد المتدحرج والمتواصل ضده.

وإذ يشكل مسارا السلاح والإصلاح الأولويتين المتوازيتين، بدأت بعض المناخات السياسية و”الميثاقية” المتصلة باستحقاق الانتخابات البلدية التي ستبدأ في الرابع من أيار/ مايو المقبل تشق طريقها بقوة أيضاً إلى التحديات الداهمة، لا سيما منها ما يتصل باستحقاق المناصفة في انتخابات العاصمة بيروت لمجلسها البلدي. ذلك أن الأيام القليلة المقبلة تبدو مفصلية في تقرير وجهة الجهود الكثيفة لتامين انتخاب مجلس بلدي يوفّر عامل المناصفة بعدما تراجعت كثيراً احتمالات عقد جلسة نيابية تشريعية لإصدار قانون خاص ببيروت تكون فيه المناصفة إلزامية. وإذ تصاعدت التوقعات حيال ترجيح قرار للرئيس سعد الحريري بعدم انخراط “تيار المستقبل” في انتخابات بيروت، باعتبار أنه كان يشكل العامل الحاسم لتأمين المناصفة، برز تصريح لرئيس مجلس النواب نبيه بري بعد ظهر أمس استبعد فيه تعديل قانون البلديات، عازياً ذلك إلى ضيق الوقت ولأن مجرد الدخول في تعديله سيؤدي حكماً إلى تأجيل إجراء الانتخابات البلدية في موعدها الذي حدده وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، وقال: “نحن من جانبنا نلتزم بإنجازها، ولا نؤيد ترحيلها إلى موعد لاحق”. ومع أن بري شدّد على “الحفاظ على المناصفة في بيروت وتوفير الحماية لها”، فإنه اعتبر أن “الاستعاضة عن التعديل تكون في قيام أوسع تحالف سياسي تنخرط فيه الأحزاب والتجمعات السياسية والعائلات؛ خصوصاً الفاعلة منها، شرط أن تلتزم بالاقتراع للائحة الأقرب إلى تحقيق المناصفة”.

ومن شأن قطع الطريق على عقد جلسة تشريعية لتعديل قانون البلديات أن يفاقم التعقيدات التي أحاطت بملف انتخابات بيروت، علماً أن الاحتمال الأقوى سيتمثل بمضاعفة المساعي لقيام أوسع حلف سياسي – عائلي غير مسبوق في الدورات الانتخابية لبيروت لتأمين المناصفة الطوائفية في بلدية بيروت المنتخبة المقبلة.

وسط زحمة التحديات هذه، أحيا لبنان أمس الذكرى الخمسين للحرب فيه التي تزامنت مع إحياء أحد الشعانين لدى الطوائف المسيحية الغربية والشرقية. ولم تغب الذكرى عن استذكار البابا فرنسيس في الفاتيكان للصراعات في الشرق الأوسط والعالم، إذ قال: “لنتذكر أيضًا لبنان الذي اندلعت فيه الحرب الأهلية لخمسين سنة خلت، لكي يتمكن، بمعونة الله، من أن يعيش في سلام وازدهار”.

وتركت الكلمة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون مساء السبت إلى اللبنانيين في الذكرى، أصداء واسعة خصوصاً لجهة إعلانه أنه “آن الأوان لنقول جميعاً: الدولة وحدها هي التي تحمينا، الدولة القوية، السيدة، العادلة، الحاضرة اليوم، الدولة المنبثقة من إرادة اللبنانيين، والساعية بجدّ إلى خيرهم وسلامهم وازدهارهم. وطالما أننا مجمعون على أن أي سلاح خارج إطار الدولة أو قرارها من شأنه أن يُعرّض مصلحة لبنان للخطر لأكثر من سبب، فقد آن الأوان لنقول جميعاً: لا يحمي لبنان إلا دولته، وجيشه، وقواه الأمنية الرسمية. وآن الأوان لنلتزم بمقتضيات هذا الموقف، كي يبقى لبنان، ونثبت أننا تعلّمنا من خمسين عامًا من حروبنا المجنونة، ونقول للذين رحلوا، وللذين لا يزالون بيننا، قسماً بتضحياتكم، لقد دفنّا الحرب للأبد، وممنوع ومستحيل أن نعود إليها أو تعود إلينا، وقسماً بأبنائكم والأجيال القادمة، وحدتنا هي سلاحنا، وسلاحنا هو جيشنا، لكي تكون كل خمسينيات السنوات المقبلة أيام خير، وسلام، وفرح، وحياة، لأننا خُلقنا للحياة”.

سلام إلى سوريا

واليوم يتوجه رئيس الحكومة نواف سلام إلى دمشق على رأس وفد وزاري للقاء الرئيس الانتقالي في سوريا أحمد الشرع للمرة الأولى والبحث معه في رزمة واسعة ومتشعبة من الملفات المتداخلة بين لبنان وسوريا. وبعدما وضع سلام أمس إكليلا من الزهر على نصب الشهداء في وسط بيروت في الذكرى الخمسين للحرب الأهلية، أعلن أن موضوع المخفيين اللبنانيين في السجون السورية سيكون من ضمن المباحثات خلال زيارته اليوم إلى سوريا. وقال: “أتمنى أن أعود بأخبار طيبة عن المخفيين في سوريا وغداً (اليوم) أخبركم بالمزيد بشأن هذا الموضوع”. وأثنى على أهمية وحدة اللبنانيين وقال: “هذه ساحة شهداء كل لبنان التي طالما جمعت بين اللبنانيين. ويهمنا أن نستعيد ثقة اللبناني وأن نسهم في عملية الاصلاح”. وعن الوضع في الجنوب، قال: “لا داعي لبقاء إسرائيل في هذه النقاط لأننا في زمن الاقمار الاصطناعية وبإمكان الجميع أن يعرف ما يجري على الأرض من دون أن يضع النقاط ويحتل”.

وفي الذكرى كانت مواقف للمراجع الدينية البارزة، فاعتبر البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أن “لبنان طوى صفحة الحرب الأهلية واليوم يطوي صفحة الخروج عن الشرعية ومحاربتها، لكنّ طيَّ الصفحات لا يكفي. ولا بدّ من قراءة الوقائع التي أوصلتنا إلى هذه الحال والتعلم منها لأنّ من لا يفهم أخطاءه يكررها، ولا وقت للتكرار بعد اليوم لأنّ لبنان يحتاج مستقبلًا يليق بتاريخه. لذلك لا بد من إعادة دراسة ما حصل والتصالح والتصارح حتى نتخطى هذه المرحلة تماماً كما نجحت بلدان أخرى في ذلك. وهذه تسمّى تنقية الذاكرة”.

كما أن ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة قال: “اليوم (أمس) ذكرى بدء الحرب المشؤومة التي خلفت دماراً وخراباً وحصدت أرواحاً بريئة وندوبها لما تندمل بعد. صلاتنا أن يكون اللبنانيون قد تعلموا من دروس الماضي وأن تكون صور الحرب محفورة في ذاكرتهم كي لا تتكرر، وأن يشدوا العزم من أجل بناء دولة قوية موحدة لا تزعزعها رياح حرب أخرى، ولا تقوى عليها يد الشر فتخربها، وتبعثرها وهي لم تنهض بعد”.


المنشورات ذات الصلة