عاجل:

كيف بدأت الحياة على الأرض؟ .. هل يقترب العلماء من فك اللغز؟

  • ٥٥

السؤال الذي طالما حيّر العلماء والفلاسفة لقرون: كيف بدأت الحياة على الأرض؟ تقترب الأبحاث الحديثة الآن من كشف السر، حيث تشير الدراسات إلى أن الخلايا الأولى لم تكن سوى فقاعات دهنية تجمعت بترتيب فريد، مما قد يغيّر فهمنا لنشأة الحياة. فهل نحن مجرد نتيجة لعمليات كيميائية عشوائية، أم أن هناك نمطاً خفياً يحكم هذا التطور؟

وتُعتبر نشأة البروتوسيلات هي البداية المحتملة للحياة، فطالما حاول العلماء فهم كيفية تجميع الهياكل الكيميائية المبكرة لتشكيل اللبنات الأساسية للحياة. ويشير بعض الفرضيات إلى أن تجمعات كروية صغيرة من الدهون، تُعرف بإسم البروتوسيلات، قد لعبت دوراً رئيسياً في هذه العملية. يُعتقد أن هذه البروتوسيلات أثارت سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي أدت إلى تكوين مواد أكثر تعقيداً، الأمر الذي ساعد في ظهور الخلايا الحية.

ومع ذلك، لا يزال هناك غموض حول كيفية تمكّن هذه البروتوسيلات من استقطاب العناصر الأساسية التي سمحت لها بالتطور إلى كيانات أكثر تعقيداً.

يُضاف إلى ذلك، شكّلت الكيمياء البدائية للأرض ودورها في تكوين البروتوسيلات، ووفقاً لموقع https://www.earth.com/ العلمي، تشير الدراسات إلى أن الأحماض الدهنية والجزيئات العضوية البسيطة كانت موجودة في "الحساء البدائي" للأرض. وقد عمل الباحثون على فهم كيفية تجمع هذه الجزيئات في هياكل قادرة على النمو والانقسام.

كذلك ركزت الأبحاث الحديثة على الفوسفات، وهي عنصر أساسي في العمليات الحيوية للخلايا الحديثة. لكن وجوده في الهياكل المبكرة كان لغزاً محيراً. أشارت الدراسات الجديدة إلى أن "الفسفرة"، وهي عملية إضافة مجموعات الفوسفات، قد حدثت في مرحلة مبكرة من تاريخ الأرض، الأمر الذي أدى إلى تكوين بروتوسيلات أكثر استقراراً وتعقيداً.

في الخلايا الحديثة، تعتمد الأغشية على الفوسفوليبيدات، وهي جزيئات تمتلك ذيلين من الأحماض الدهنية، الأمر الذي يمنحها استقراراً فائقاً (الانتقال إلى بنية غشائية أكثر استقراراً). في المقابل، كانت البروتوسيلات البدائية تتكون من طبقة دهنية ذات ذيل واحد، الأمر الذي جعلها أقل استقراراً.

وتشير النتائج الجديدة إلى أن مزيجاً من الدهون البسيطة والفوسفوليبيدات البدائية قد ساعد في تطوير بنية مزدوجة السلاسل، الأمر الذي جعل البروتوسيلات أكثر مقاومة للظروف البيئية القاسية. أظهرت التجارب المخبرية أن بعض التركيبات الكيميائية، بما في ذلك الغليسرين والأحماض الدهنية القصيرة السلسلة، يمكن أن تمنح الحويصلات استقراراً إضافياً، الأمر الذي يدعم فرضية أن البيئة البدائية للأرض قد وفرت الظروف المثالية لهذه التحولات.

تكمن أهمية هذا البحث في نشأة الحياة في إمكان استخدامه لإنشاء خلايا صناعية تحاكي الخلايا الحية، وهو ما قد يفتح آفاقاً جديدة في مجالات مثل تصنيع المواد الحيوية والبحث عن مصادر طاقة مستدامة.

كما درس العلماء كيف يمكن أن تؤثر العوامل البيئية، مثل درجة الحرارة وأيونات المعادن والتغيرات في درجة الحموضة، على استقرار البروتوسيلات.

 وقد أشارت نتائجهم إلى احتمالات متعدّدة لكيفية انقسام البروتوسيلات أو اندماجها أو إعادة تنظيم مكوناتها.

ومن البروتوسيلات إلى الكائنات الحية المعقدة، بدأ التعمق في هذه الاكتشافات، حيث تعاون فريق البحث الكيميائي بقيادة الدكتور رمنارايانان كريشنامورثي مع مجموعة الدكتور أشوك دينيز، المتخصّص في الفيزياء الحيوية. ومن خلال دمج الخبرة الكيميائية مع الأساليب الفيزيائية الحيوية، تمكّن العلماء من تحديد الظروف التي أدت إلى ظهور الجزيئات المفسفرة وتفاعلها مع الأحماض الدهنية لتشكيل أغشية أكثر استقراراً.

وتم نشر هذه النتائج في مجلة العلمية، حيث تسلط الضوء على كيفية تأثير التغيرات البيئية الطفيفة على تطور البروتوسيلات إلى أشكال أكثر تعقيداً

أمّا الخطوة التالية في البحث، يخطط الباحثون الآن لدراسة كيفية تأثير العوامل البيئية على اندماج البروتوسيلات أو انقسامها، بهدف فهم المرونة التي سمحت للخلايا الأولى بالتكيف السريع مع البيئات المختلفة. وقد يساعد هذا الفهم في تطوير أنظمة هندسية تستفيد من التفاعلات الكيميائية القديمة لاستخدامها في تطبيقات حديثة.

وعلى رغم من أن هناك الكثير من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عليها بعد، إلا أن كل دراسة جديدة تقربنا خطوة من فهم كيفية نشأة الحياة على الأرض. يأمل العلماء أن يؤدي التعاون المستمر بين الكيميائيين وعلماء الأحياء والمهندسين إلى الكشف عن مزيد من الأسرار حول أصل الحياة وتطورها.

المنشورات ذات الصلة