عاد لبنان إلى مربع ظنّ اللبنانيون أنهم غادروه، تمثل بالموقف المفاجئ لرئيس مجلس النواب نبيه بري المتماهي مع موقف «حزب الله» من السلاح. أتى هذا التطور بعد أيام من التمرّد الدبلوماسي الذي قاده سفير إيران في لبنان مجتبى أماني ضد وزارة الخارجية التي استدعته مرتين لمساءلته حول تدخله السافر في ملف سلاح «الحزب».
واكتمل المربع أمس بعودة ظاهرة تحرش «الأهالي» في الجنوب بقوات «اليونيفيل» متوازياً مع انخراط «حزب الله» في توتير الأوضاع على الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا.
ماذا قال بري في ما وصف بأنه «أرنب» جديد يخرجه من كمه كعادته في مرات عدة؟ فقد قال في حديث إعلامي أمس: «إننا لن نسلّم السلاح الآن قبل تنفيذ الشروط المطلوبة من إسرائيل... نحن نفّذنا المطلوب منّا ولا أحد يشكّك في ذلك. أمّا الإسرائيلي فلا. هذه مسؤولية الأميركيين حتماً».
ورأت مصادر وزارية عبر «نداء الوطن»، أن هذا أول موقف للرئيس بري معلن بعد المواقف المتوترة لـ «حزب الله». وكان الانطباع أن بري مع رئيس الجمهورية جوزاف عون يذهبان إلى تلبية الالتزامات المتعلقة ببسط سيادة الدولة. أضافت: «أن بري يقول تقريباً كلام «الحزب» حول السلاح».
عون وملف السلاح
في المقابل، شدد رئيس الجمهورية جوزاف عون على الحل الدبلوماسي، «فاللبنانيون ملوا الحروب»، قائلا: «إن العمل الدبلوماسي قد لا يعطي نتيجته سريعاً، لكننا نعمل يومياً مع الجهات الدولية بعيداً عن الإعلام لتحقيق الغاية المطلوبة». وأتى موقف الرئيس عون قبيل توجهه أمس وعقيلته إلى روما للمشاركة في تشييع البابا فرنسيس.
وفي وقت يبقى ملف السلاح الأساس على الساحة، تتجه كتلة «الاعتدال الوطني» إلى تكثيف اللقاءات من أجل تسريع تسليم السلاح، وفي هذا الإطار يؤكد النائب وليد البعريني لـ «نداء الوطن» أنه «لا مفر من تسليم السلاح وحصره بيد الدولة، ونحن ككتلة ندعم عمل الرئيس عون في هذا الإطار، وأي تأخير في حل هذا الملف سيجلب الويلات على لبنان، لذلك ندعو «حزب الله» إلى المبادرة وتسليم سلاحه إلى الجيش لأنه حامي الجميع».
إلى ذلك، يواكب لبنان مع العالم وداع البابا فرنسيس، وأكدت مصادر بكركي لـ «نداء الوطن»، أن البابا أحب لبنان كما أحبه اللبنانيون ورحيله خسارة لكل البلد وليس للكاثوليك فقط، وهو الذي رافقنا في أصعب مرحلة منذ تأسيس الكيان، وكان يتابع أدق التفاصيل، وبالطبع ستبقى عين الفاتيكان وقلبه مع بلدنا».
غليان شيعي بعد تغريدة السفير الإيراني
توازياً، يشهد الوسط الشيعي في لبنان غلياناً متصاعداً بعد تغريدة السفير الإيراني مجتبى أماني، التي اعتُبرت تغطية على مفاوضات طهران مع واشنطن، ما فتح الباب أمام موجة انتقادات من داخل البيئة الشيعية نفسها، بما في ذلك أصوات قريبة من «حزب الله».
من الجنوب إلى البقاع: «الحزب» يتحرّش
ميدانياً، أقدم «شابان» من بلدة طيردبا شرق صور، كانا على متن دراجة نارية، على اعتراض طريق دورية مؤللة تابعة لقوات «اليونيفيل» أثناء مرورها في أحد شوارع البلدة، ما اضطر الدورية إلى التراجع ومغادرة المكان.
وتعليقاً على الحادثة، قالت مصادر سياسية لـ «نداء الوطن»، إنّ الحادث ليس عفوياً وربما جاء كردّ فعل ولـ «ردّ الاعتبار»، بعد الجولة التي أجراها أول من أمس الخميس وفد أميركي، داخل موقع عسكري سابق لـ «الحزب» في يحمر الشقيف، برفقة الجيش، بموازاة تحرّك ميداني للقوة الفرنسية العاملة في «اليونيفيل» في منطقة وادي الحجير.
واستغربت المصادر نفسها هذا الاعتداء الجديد، مذكّرة أنّه «لدى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، زار قائد «اليونيفيل» أرولدو لاثارو الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، وأبلغهما أن قواته بحاجة للدخول إلى بعض المناطق بكل حرية من أجل تنفيذ مهامها. وحينها حصل منهما على موافقة ضمنية، وعليه تحرّكت قوات «اليونيفيل» منذ ذلك الحين، بطريقتين: أحياناً دخلت، بمرافقة الجيش اللبناني، إلى مناطق كانت محظورة عليها سابقاً، وأحياناً أخرى، نفذت سلسلة دوريات من دون مواكبة الجيش، ولم يحصل أي إشكال».
من جهتها، جدّدت مصادر السراي الحكومي «دعم الحكومة الكامل للجيش اللبناني والمهام التي يقوم بها بالتعاون مع قوات «اليونيفيل» التي يحتاجها لبنان ويريد تمديد مهمتها».
في البقاع، نجح لبنان وسوريا في ضبط توتر أمني مفاجئ أول من أمس الخميس، وأعلنت قيادة الجيش في بيان لها أمس «أن تبادلاً لإطلاق النار وقع الخميس في منطقة الهرمل، بعد إطلاق نيران من الجانب اللبناني باتجاه الأراضي السورية نتيجة خلافات حول أعمال تهريب، وردَّ الجانب السوري على مصدر النيران، ما أدى إلى وقوع جرحى من الجانبين. على أثر ذلك، اتخذت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة تدابير أمنية استثنائية على طول الحدود».
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع السورية، «أن «حزب الله» أطلق 5 قذائف مدفعية من لبنان باتجاه القصير في ريف حمص وتم الرد. وأوقفت القوات السورية الرد على مصادر النيران في لبنان بطلب من الجيش اللبناني».
ملف تفجير المرفأ: تعاون دولي ومرحلة تحقيق متقدمة
قضائياً، يتجه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار إلى تعزيز التعاون القضائي الدولي في ملف تفجير مرفأ بيروت، بالتزامن مع وصول وفد قضائي فرنسي إلى بيروت بعد غد الإثنين ، لتسليم تقرير نهائي يتضمن نتائج تحقيقات أمنية وفنية أجراها خبراء فرنسيون منذ عام 2020، عقب مقتل ثلاثة فرنسيين بالانفجار.
وأمس، أنهى القاضي البيطار استجواب رئيس الحكومة الأسبق حسان دياب الذي حضر الجلسة رغم عدم تبليغه رسمياً بسبب تواجده سابقاً خارج البلاد. وقد نصحه مفتي الجمهورية بالحضور، كما التقى رئيس البرلمان نبيه بري قبل الجلسة. دياب، برفقة محاميه رشيد درباس، شدد على احترامه التحقيق لكنه أكد أن صلاحية محاكمته تعود إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كونه أحال الملف إلى المجلس العدلي بعد الانفجار.