ردّت سوريا بشكل رسمي على قائمة شروط قدمتها الولايات المتحدة لرفع جزئي محتمل للعقوبات، مؤكدة في رسالة مكتوبة أنها أوفت بمعظم المطالب، فيما تتطلب البنود المتبقية "تفاهمات متبادلة" مع واشنطن، وفقًا لما كشفت عنه وكالة "رويترز" بعد اطلاعها على نسخة من الرسالة.
وكانت الولايات المتحدة قد سلّمت دمشق، الشهر الماضي، قائمة من ثمانية شروط يتوجب تنفيذها لتخفيف العقوبات، من بينها تدمير ما تبقى من الأسلحة الكيميائية، ومنع تولي أجانب مناصب قيادية في الحكومة.
وتسعى سوريا، التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة جراء 14 عامًا من الحرب والعقوبات الغربية، إلى تخفيف الضغط الاقتصادي. وكانت واشنطن قد أصدرت في كانون الثاني الماضي إعفاءً مؤقتًا مدته ستة أشهر لبعض العقوبات بهدف تشجيع المساعدات، إلا أن أثره على الأرض ظل محدودًا.
وبحسب مصادر "رويترز"، فإن واشنطن وعدت بتمديد الإعفاء لمدة عامين وربما إصدار إعفاء جديد في حال استوفت دمشق جميع الشروط. وقد سلّمت المسؤولة الأميركية ناتاشا فرانشيسكي قائمة الشروط لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال لقاء على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل بتاريخ 18 آذار.
سعى الشيباني، في خطاب ألقاه أمام مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة، إلى إبراز التزام بلاده بتنفيذ المطالب الأميركية، بما في ذلك ملف الأسلحة الكيميائية والبحث عن المواطنين الأميركيين المفقودين في سوريا.
وتعهدت الرسالة السورية، المكوّنة من أربع صفحات، بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية لتتبع قضية الصحافي الأميركي المفقود أوستن تايس، كما قدّمت تفاصيل حول التعاون السوري مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. ومع ذلك، لم تتطرق الرسالة بشكل كافٍ إلى مطالب أميركية رئيسية أخرى، مثل إبعاد المقاتلين الأجانب عن المناصب القيادية، والسماح للقوات الأميركية بتنفيذ ضربات لمكافحة الإرهاب داخل الأراضي السورية.
وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية تلقي الرد السوري، موضحًا أن الولايات المتحدة "تقوم حاليًا بتقييمه"، مضيفًا أن واشنطن "لا تعترف بأي كيان كحكومة سورية"، وأن أي تطبيع مستقبلي للعلاقات سيكون "مرهونًا بسلوك السلطات المؤقتة".
ذكرت الرسالة أن مسؤولين سوريين ناقشوا ملف المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأميركي السابق دانيال روبنشتاين، لكنها أشارت إلى أن المسألة "تتطلب جلسة تشاورية أوسع". وأشارت إلى أن الحكومة السورية علّقت إصدار الرتب العسكرية بعد ترقية ستة مقاتلين أجانب في كانون الأول الماضي، من بينهم أويغور وأردني وتركي، لكن لم توضّح ما إذا كانت تلك الرتب قد أُلغيت أو ما إذا كانت هناك خطوات أخرى مقررة.
أما بخصوص الضربات الأميركية لمكافحة الإرهاب، فأوضحت الرسالة أن الأمر يتطلب "تفاهمات متبادلة"، مع التعهد بعدم التساهل مع أي تهديد للمصالح الأميركية أو الغربية، دون تقديم تفاصيل إضافية.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية، تعهدت الرسالة السورية بعدم تهديد إسرائيل، وأكدت التزام الحكومة الجديدة باتخاذ "الإجراءات القانونية المناسبة" لضمان الاستقرار الإقليمي. وقالت مصادر مطلعة أن الرسالة، التي أُرسلت في 14 نيسان، عالجت خمسة من الشروط الأميركية بشكل كامل، بينما بقيت ثلاثة مطالب معلّقة.
ومن المتوقع أن يناقش الشيباني محتوى الرسالة بشكل مباشر مع مسؤولين أميركيين خلال زيارته الحالية إلى نيويورك.