عاجل:

رهان السعودية على قطاع التعدين يتزايد رغم التحديات المحلية والعالمية

  • ٧

تضع السعودية قطاع التعدين ضمن الركائز الأساسية التي تعتمد عليها خطط تنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو الاقتصادي، حيث تعمل من خلال تطوير بيئة تنظيمية وتشريعية على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية للقطاع، سعيًا إلى تحقيق أقصى فائدة ممكنة من ثرواتها المعدنية، التي تقدر قيمتها بأكثر من 9.3 تريليون ريال.

وفي وقت تواجه فيه صناعة التعدين العالمية تحديات قاسية، من ارتفاع التكاليف إلى تقلبات أسعار السلع الأساسية، تسير المملكة عكس التيار، حيث تضاعف رهانها على هذا القطاع باعتباره ركيزة استراتيجية لرؤية 2030. 

ووفقًا لتقرير صادر عن وكالة “إس آند بي”، فإن السعوديو تواصل الدفع قدمًا بقطاع المعادن والتعدين، رغم ضغوط تتعلق باللوائح الصارمة، والظروف البيئية والتشغيلية الصعبة، وضعف في البنية التحتية، إلى جانب المنافسة العالمية الشرسة، إضافة إلى مخاوف من أن تؤثر الاضطرابات التجارية العالمية على الطلب على المعادن، وسط ركود متوقع وارتفاع التوترات الجيوسياسية.

ومع تضرر سلاسل التوريد العالمية إثر العقوبات المفروضة على روسيا، واجهت شركتا “إيرباص” و”بوينغ” تحديات في تأمين مواد خام مثل التيتانيوم، لذلك تسعى “إيرباص” إلى شراء بعض المعادن المستخدمة في تصنيع الطائرات من السعودية، ضمن صفقة أوسع تشمل طائرات عريضة البدن لصالح شركة “الخطوط الجوية السعودية”.

تشير التقديرات إلى أن النمو الاقتصادي طويل الأجل في المملكة سيعتمد بشكل متزايد على قطاع التعدين، مدفوعًا بدعم حكومي قوي، وتمويلات ضخمة، واستراتيجية واضحة لتقليل الاعتماد على النفط.

وعلى عكس نظرائها العالميين، تستفيد كبرى شركات التعدين السعودية من حوافز تنظيمية وتمويلية، أبرزها نظام الاستثمار التعديني ومنصات التراخيص الرقمية.  كما أن الاستثمارات الرأسمالية في مشاريع مثل “وعد الشمال” وخطط تمويل بـ100 مليار دولار تستهدف المعادن الحيوية، ساعدت في تحفيز الطلب المحلي وتحسين الكفاءة التشغيلية، وفق “إس آند بي”.

وبحسب تصريحات لوزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، تعتزم المملكة الترويج لفرص استكشاف المعادن على مساحة تصل إلى 50 ألف كيلومتر مربع هذا العام، مشيرًا إلى أن برنامج المملكة لتمكين الاستكشاف التعديني دعم بالفعل شركات التنقيب لحفر أكثر من 440 ألف متر مربع.

تمتلك السعودية احتياطيات معدنية تقدر بـ2.5 تريليون دولار، تشمل النحاس والذهب والفوسفات وعناصر انتقالية نادرة، وتعمل الحكومة على استثمار 40 مليار دولار سنويًا في مشاريع محلية كبرى عبر صندوق الاستثمارات العامة، في حين تتوقع خطط رؤية 2030 رفع مساهمة قطاع التعدين إلى 75 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، وفق “إس آند بي”.

وعلى الرغم من ذلك، ما يزال القطاع يواجه تحديات تشمل ضعف البنية التحتية في المواقع النائية، وندرة المياه، والحاجة إلى قوى عاملة ماهرة، كما أن بعض مشاريع التعدين تعتمد على استيراد الخبرات والعمالة، مما يرفع التكاليف التشغيلية، وفق “إس آند بي” التي ترى أن مرونة الشركات السعودية في مواجهة هذه التحديات تعود إلى تماسك ميزانياتها العمومية، ووجود أصول ملموسة مثل المصانع والمناجم، إلى جانب الانضباط المالي، وانخفاض مستويات الديون.

ومع استمرار الزيادة في ميزانية الاستكشاف للشركات السعودية، فإن احتمال اكتشاف موارد إضافية وتوسيع العمليات الحالية يدعم النمو المستدام وطويل الأمد لقطاع المعادن والتعدين في السعودية. 

وشهد عدد شركات الاستكشاف العاملة في المملكة ارتفاعًا ملحوظًا إلى 133 شركة في عام 2023، من ست شركات في عام 2020.

يقول إيغور هواك، شريك في شركة كيرني الشرق الأوسط، إن المملكة تمتلك إمكانيات كبيرة لتصبح مركزًا عالميًا في قطاع التعدين، خاصة في ظل اهتمام العالم بالمعادن الحرجة والاستراتيجية.

وأشار إلى أن صناعة التعدين ما زالت تعتمد على أساليب تقليدية في الاستكشاف، والتي تستغرق وقتًا طويلًا قد يصل إلى 16 عامًا، مشددًا على الحاجة الماسة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الجغرافية لتسريع عمليات الاستكشاف وزيادة احتمالية النجاح.

وحول السياسات الحكومية لاستقطاب المستثمرين الأجانب، قال إن المملكة اعتمدت في عام 2021 نظامًا جديدًا للتعدين سهل حصول الشركات الأجنبية على التراخيص، مما أدى إلى زيادة النشاط في هذا القطاع.

المنشورات ذات الصلة