أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أن “الانتماء إلى حزب القوات اللبنانية يعني التزاما كاملا، إذ لا يوجد ما يسمى التزاما جزئيا، فإما أن تكون ملتزما، أو لا تكون”.
وقال جعجع: “باختياركم أن تتسلموا بطاقة الانتساب لحزب القوات، تختارون أن تكونوا من بين أولئك القادرين على التغيير، وليس مجرد منتقدين أو متذمرين. فالتغيير لا يأتي بالكلام فحسب، بل بالفعل المنظم، باعتبار أن أهم أدوات التغيير هي أن تكون جزءا من مجموعة منظمة، صاحبة إرادة تغيير، وهذه هي القوات اللبنانية”.
وأضاف: “قد يأتي البعض من مدعي الاستقلالية، أو ممن يسمون أنفسهم تغييريين، ليقول إن الحزب يقيد حرية الإنسان، وهذا خطأ كبير. بل على العكس، الحزب هو أهم إطار يمنح الإنسان حريته، لأنه لا يجبر أحدا على الانضمام إليه، بل ينضم إليه الإنسان بإرادته، لأنه يوافق على توجه الحزب ومساره”، موضحا أن “المنتسب إلى حزب سياسي هو إنسان حر، لأنه اتخذ خياره بنفسه، بعد دراسة واقتناع. أما من يدعي الاستقلالية من دون أي مرجعية، فهو كحبة ذرة تائهة، بلا إنتاجية، بلا دور في التاريخ، باعتبار أن التاريخ تصنعه المجموعات المنظمة”.
كلام جعجع جاء خلال احتفال تسليم البطاقات الحزبية لدفعة جديدة من المنتسبين الجدد إلى حزب “القوات اللبنانية”، نظمته الأمانة العامة في المقر العام للحزب في معراب، في حضور: الأمين العام للحزب إميل مكرزل، الأمين المساعد لشؤون المناطق جورج عيد، الأمين المساعد لشؤون الإدارة رفيق شاهين، منسقي: الكورة – رشاد نقولا، البترون – بول حرب، كسروان – نهرا بعيني، طرابلس – فادي محفوض، زغرتا الزاوية – طوني ليشا، عكار – روني سعد، المنية الضنية – انطونيو بطرس، رئيس جهاز الإدارة نهرا بو يونس، أمين سر منسقية بشري شربل مخلوف، رئيس مكتب الإنتسابات جان نصرالله، أمين سر الأمانة المساعدة لشؤون المناطق نعمة الله جعجع، رؤساء مكاتب الإنتساب في المناطق وأمناء السر، رؤساء مكاتب التنشئة السياسية في المناطق وعدد من رؤساء المراكز.
وكان جعجع قد استهل كلمته بتوجيه الشكر للحاضرين، وقال: “أود أن أبدأ بشكر جميع الحاضرين معنا، لأنني أعلم صعوبة الوضع في هذه الأيام. أن تتركوا كل شيء وتأتوا لتتسلموا بطاقات الانتساب، فهذا أمر يستحق التقدير. وأخص بالشكر الأمين العام والأمناء المساعدين، وجميع المسؤولين الحزبيين على كل ما يقومون به اليوم وعلى كل ما يقومون به أيضا في الانتخابات البلدية، وهذا ليس بجديد عليهم، فهم يكونون دائما على قدر المسؤولية في الاستحقاقات الانتخابية كلها”.
واعتبر أن “الانتماء إلى حزب القوات اللبنانية يعني التزاما كاملا. لا يوجد ما يسمى التزاما جزئيا. إما أن تكون ملتزما، أو لا تكون. والقول إن ليس من السهل أن يكون الإنسان قواتيا، ليس مجرد كلام. فبالفعل، ليس أمرا سهلا أن تكون قواتيا. وعلى سبيل المثال في حقبة الوصاية السورية على لبنان، حتى القواتيون الذين لم يحملوا السلاح يوما، ولم يشاركوا في العمل العسكري، وكانوا يلازمون منازلهم، لاحقوهم كما لاحقوا أي قواتي آخر، وكما لاحقوا أي قائد ميداني في حزب القوات اللبنانية. فالانتماء إلى حزب القوات هو التزام كامل”.
ولفت إلى “أنكم عندما تقولون لأبنائكم في مطلع العمر ألا يقتربوا من السياسة أو من الأحزاب، هل تعلمون ما الذي تقولونه فعلا؟ أنتم تقولون لهم: اخرجوا من التاريخ ومن الجغرافيا، وهذا هو أحد أسباب نسب الهجرة المرتفعة لدى الشباب عبر الأجيال، لأنكم بما تقومون به أنتم تقطعون ارتباطهم بالمجتمع. فإذا كان أحدهم لا يريد أن يشارك في السياسة، ولا يريد أن يتعاطى في الشؤون الحزبية، فكيف له أن يشارك في الشأن العام؟ وبالتالي ما تقولونه له بالفعل عبر الدعوة للابتعاد عن السياسة والأحزاب هو أن لا علاقة له بما يحدث في مجتمعه ومن حوله. وللأسف، في الثقافة العامة السائدة في مجتمعنا، يتربى الأولاد على فكرة: ما تتعاطى بالسياسة”.
وتابع: “أذكر تماما عندما كنا في المحاكمات خلال إحدى الجلسات، أتوا بشاهد، وسألوه عن اسمه، واسم والدته ووالده، ثم سألوه: هل أنت منتسب إلى حزب ما؟” فأجاب: لا والحمد لله. وهذا ما يدل على الثقافة العامة في لبنان بهذا الشأن، وكأن عدم الانتماء لأي حزب مدعاة للفخر، بينما كان يجب على هذا الشاهد أن يخجل من نفسه في هذا الصدد لأنه بسبب عدم انتمائه هو لأي حزب، وعدم انتماء غيره أيضا بحكم الثقافة السائدة في مجتمعنا، تمكن عهد الوصاية في مرحلة من المراحل من السيطرة على لبنان، في حين أنه لو كان أكثرية اللبنانيين ينتمون أو يؤيدون أحزابا معينة لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه، باعتبار أنه لم يكن لعهد الوصاية أن يحكم لبنان لو كان هناك احزاب تواجهه”.
وشدد متوجها إلى المنتسبين الجدد، على أن “اليوم، هذا اليوم تحديدا، ليس يوما عاديا بالنسبة لكم. ليس يوما طبيعيا بكل صدق. ومن لا يشعر بذلك، عليه أن يعيد التفكير في التزامه. كثيرون منكم قد يكونون من المؤيدين للقوات منذ زمن، ولكن اليوم أنتم تضعون المحبس في اصبعكم، أنتم اليوم توثقون هذا الارتباط. فانتبهوا، أنتم لا تقومون اليوم بمعاملة إدارية عادية. لستم بصدد استصدار رخصة قيادة، ولا رخصة بناء. اليوم هو يوم مختلف، يوم مهيب. وأتمنى فعلا أن تكونوا مدركين تماما لما تفعلون”.
وأردف جعجع: “أنتم تلتزمون التزاما نهائيا، بقضية كبرى، بمسيرة وطنية طويلة، بتاريخ واسع وعريق. أقرب ما يشبه هذا اليوم، إن أردت تشبيهه بشيء، هو اللحظة التي استلمتم فيها بطاقة الهوية. في تلك اللحظة، أصبح لكم اسم وانتماء جغرافي. لكن الفرق كبير: بطاقة الهوية لم تختاروها، لم تختاروا اسمكم ولا والدكم ولا والدتكم، لم تختاروا مكان ولادتكم. ولدنا جميعا حيث ولدنا وحملنا هذه الهوية التي أعطيت لنا. أما اليوم، فأنتم تختارون الهوية التي ستحملونها بكل وعي وإرادة وتصميم. أنتم بأنفسكم، بدافع عاطفة كبيرة تلاها تفكير عميق، أو بدافع تفكير عميق تلاه عاطفة صادقة، قررتم أن تنضموا إلى هذه المسيرة”.
ورأى أن “الفرق ما بين بطاقة الهوية التي تحملونها والبطاقة التي تحصلون عليها اليوم، هو أن الأولى مرتبطة بمكان الولادة وأهلكم وما إلى هنالك، أي أنها مرتبطة بالجغرافيا بشكل أساسي، بينما بطاقة الهوية التي تستلمونها اليوم مرتبطة بشكل كبير بدوركم في الحياة والتاريخ. وإذا ما استعرضنا البشر الذين مروا عبر التاريخ لوجدنا أن هناك أعدادا لا تعد ولا تحصى من البشر الذي مروا عبر التاريخ ولكن من بين هؤلاء هناك نسبة قليلة جدا جدا لعبت دورا في تحديد التاريخ، تحديد وجهته ومساره، وأثرت في مسار الأحداث، فيما الأكثرية الساحقة من البقية لم يلعبوا أي دور في ذلك، وكانوا يعيشون على هامش التاريخ يتلقون نتائج الأحداث وتبعاتها من دون أي تأثير فيها”.
وقال: “بما أننا اليوم في زمن الإنتخابات البلدية، خذوا كمثل البلدة التي تنتمون اليها. انظروا ماذا يحدث فيها. الناس منذ تسع سنوات وهم يشتكون: لا طرقات، لا بنى تحتية، لا كهرباء، لا مياه. يشتكون طوال الوقت. وعندما تأتي الانتخابات، في أفضل الأحوال، يذهبون ويصوتون، وقد لا يصوتون أصلا. وإذا صوتوا في كثير من الأحيان، تدخل في حساباتهم اعتبارات لا علاقة لها بالمصلحة العامة والشأن العام: هذا جاري، وهذا صديقي، وهذا قريبي. في المقابل، القواتيون والقواتيات، ومن يشبههم من أصحاب الفكر الحزبي المنظم، هم من ينشطون ويديرون الدفة، وبالتالي هم من يحددون مسار الأحداث، حول ما إذا كان سيعاد انتخاب المجلس البلدي السابق أو يؤتى بمجلس بلدي جديد أفضل”.
وأضاف: “أنتم اليوم، باختياركم أن تتسلموا بطاقة الانتساب، تختارون أن تكونوا من بين أولئك القادرين على التغيير، وليس مجرد منتقدين أو متذمرين. فالتغيير لا يأتي بالكلام فحسب، بل بالفعل المنظم، باعتبار أن أهم أدوات التغيير هي أن تكون جزءا من مجموعة منظمة، صاحبة إرادة تغيير، وهذه هي القوات اللبنانية. هويتكم اليوم تجعلكم فاعلين في الحياة”.
وشدد رئيس القوات على أنه “قد يأتي البعض من مدعي الاستقلالية، أو ممن يسمون أنفسهم تغييريين، ليقول إن الحزب يقيد حرية الإنسان، وهذا خطأ كبير. بل على العكس، الحزب هو أهم إطار يمنح الإنسان حريته، لأنه لا يجبر أحدا على الانضمام إليه، بل ينتمي إليه الإنسان بإرادته، لأنه يوافق على توجه الحزب ومساره. وكما لا يستطيع جميع ركاب الطائرة قيادة الطائرة، لا يستطيع جميع المنتسبين قيادة الحزب. ولكن اختيار الطائرة هو قرار حر، لأنها تسير إلى الوجهة التي يريدها الراكب وهم يثقون بالطيار الذي يقودها. المنتسب إلى حزب سياسي هو إنسان حر، لأنه اتخذ خياره بنفسه، بعد دراسة واقتناع. أما من يدعي الاستقلالية من دون أي مرجعية، فهو كحبة ذرة تائهة، بلا إنتاجية، بلا دور في التاريخ، باعتبار أن التاريخ تصنعه المجموعات المنظمة. وأنتم اليوم، بهويتكم الجديدة، تساهمون في صناعة التاريخ. حتى وإن كنتم في منازلكم، أنتم تشاركون في كل قرار يتخذ داخل الحزب، سواء علمتم به أم لا، لأن وجودكم بحد ذاته جعل من هذا الحزب كبيرا وذا تأثير كبير وبالتالي هو مساهمة فعلية في القرار”.
وأكد أن “الهوية التي تحصلون عليها اليوم، تضعكم في قلب التاريخ، لا على هامشه. أنتم لم تعودوا مجرد متلقين، بل فاعلين في صلب الأحداث. ولذلك، قلت إن هذا اليوم يجب أن يشعركم بالرهبة، لأنكم اتخذتم خيارا عظيما، مسؤولا، يضعكم في قلب الحياة، لا كمن يعيش ليأكل ويشرب فحسب، بل كمن يساهم في ما يحصل حوله، وبخاصة في مجتمعه. ولذلك أهنئكم، ولكن في الوقت عينه، أقول لكم: لقد ألقيتم على عاتقكم مسؤولية كبرى، تماما كما حملتها أجيال القوات من قبلكم، وأعلم أنكم على قدر هذه المسؤولية. وكما كانت أجيال القوات السابقة على قدر المسؤولية، فلا شك عندي – ولو للحظة – أنكم أنتم أيضا ستكونون على قدر هذه المسؤولية، بل وأكثر”.
وأشار إلى أن “حزب القوات اللبنانية ليس حزبا طارئا ولا مستجدا، بل هو حزب تاريخي، نابع من وجدان هذا الشعب. فمنذ اللحظة الأولى لنشأته، كان حزبا مقاوما بالفعل، حزب المواجهة الحقيقية، الذي لم يهادن، ولم يساوم. منذ انطلاقتها، ضحت القوات اللبنانية بخيرة شبابها وشاباتها. شباب ألقوا بأنفسهم في أتون النار من اللحظة الأولى، لم يكن لديهم سلاح، ولا تمويل، ولا دعم. كانوا يشترون أسلحتهم وذخيرتهم بأنفسهم، وإذا جرح أحدهم، كان يعالج نفسه بنفسه. واليوم عندما تنظرون إلى ما أصبحت عليه القوات، ترون أنها أضحت دنيا من الدنايا. ولكن في البداية، لم يكن هناك شيء. إيمان عميق فحسب، وشباب مستعدون للتضحية بكل شيء، كثيرون منهم استشهدوا على طريق النضال في سبيل القضية. وبعد تلك المرحلة، عندما دخل لبنان في عهد الوصاية، كان هناك من استسلم وسار مع التيار، ولكن حزب القوات، بشهادة الجميع، لم يساير هذا العهد لحظة واحدة. قاوم وواجه حتى سقوط الوصاية، ليس عن لبنان فحسب، بل عن سوريا أيضا. وعندما دخلنا مرحلة الحياة السياسية الطبيعية، رأيتم كيف تصرف نواب القوات ووزراؤها بكل شفافية وصدقية وعملوا للصالح العام. وبالرغم من كثرة المحاولات لإيجاد ولو شبهة فساد واحدة على أي نائب أو وزير أو مسؤول قواتي، لم ينجح أحد في أن يجد دليلا واحدا أو حتى فاصلة تدين الحزب أو أحد أفراده. تذكروا سنة 1994، حين اجتمعت دولتان أو ثلاث على حل حزب القوات وفتحت التحقيقات، كان أحد أبرز محاور التحقيق هو ادعاء وجود فساد مالي أو تهريب أموال في الحزب. ومع ذلك، لم يتمكن أحد، حتى في ذلك الحين، من أن يجد ورقة واحدة تثبت وجود شبهة فساد داخل القوات اللبنانية. لذلك، عندما يطرح السؤال: لماذا القوات اللبنانية؟ فالجواب ببساطة: لأن هذا هو تاريخها، وهذا هو حاضرها، وهذا هو مستقبلها”.
وختم جعجع متوجها إلى المنتسبين الجدد بالقول: “أهنئ كل واحد منكم على هذا الخيار. وسأصافحكم فردا فردا، وأقول لكم: بقدر ما يجب أن تكونوا فخورين اليوم، عليكم أن تدركوا حجم المسؤولية التي وضعتموها على أكتافكم. الحياة ليست مجرد أكل وشرب وعيش يومي، هذه أشياء أساسية، نعم، ولكن لا تكتمل الحياة إلا بالمشاركة في ما يحصل حولنا، وخصوصا في مجتمعاتنا. لقد وضعتم أنفسكم في قلب الحياة، وفي قلب التاريخ. وأهنئكم على ذلك”.