صحيح أنّ قناة «الجديد» انتقلت منذ سنوات إلى الموقع المعادي للمقاومة، إلا أنّه يمكن القول إنّ تاريخ 2 أيار (مايو) الذي عرضت فيه القناة تقريراً استخباراتياً مأجوراً (2 أيار/مايو ــ راجع «الأخبار» 5/5/2025) حول ضريح الشهيد السيد حسن نصرالله في منطقة قريبة من طريق المطار، كان بمثابة إعلان عن «زمن جديد» عنوانه القطيعة التامّة لقناة عائلة تحسين خياط مع المقاومة وحركاتها في المنطقة، والالتحاق الكامل بالحظيرة الإبراهيمية.
عملية تطهير
بعد عريضة وقّعها عدد من موظّفي المحطة اعتراضاً على بثّ التقرير الذي يستكمل أهداف الحرب الإسرائيلية على لبنان، أقدمت المحطة أمس على طرد الإعلامية رواند أبو خزام، والمحرّر في قسم الأخبار قاسم البسام بدعوى أنهما حرّضا زملاءهما على توقيع العريضة التي سُرّبت إلى الإعلام اعتراضاً على بث التقرير المسموم، فيما تشير المعلومات إلى أن مكاتب القناة تشهد حالة تمرّد من قبل الموظفين بعد طرد الإعلاميين.
مريم البسام استقالت احتجاجاً والقناة طردت الصحافييْن رواند أبو خزام وقاسم البسام وأنذرت آخرين
كما علمت «الأخبار» أنه تمّ توجيه الإنذار إلى عدد آخر من الموظفين على الخلفية نفسها.
ويخشى العاملون من عملية طرد جماعي تستهدف جميع المؤيّدين لمحور المقاومة والرافضين لبث التقارير التي تعمل على إثارة الفتنة.
حتى إنّ معظم العاملين في القناة أقفلوا هواتفهم الخلوية منعاً للدخول في أي نقاش مع الصحافيين حول رأيهم بطرد زملائهم، علماً أنّ موظفي المحطة يتقاضون رواتب تُعتبر الأدنى مقارنة بالقنوات اللبنانية الأخرى.
تقارير موجّهة وخطاب جديد
لا تزال التداعيات قائمة بسبب التقرير المشبوه الذي بثّته «الجديد» في برنامجها الصباحي «الحدث»، حيث تطوّعت الصحافية جوزفين ديب لإدارة الحوار بعدما أُعفيت الإعلامية سمر أبو خليل من المهمة يومها.
وكشفت المعلومات أنّ «الفيلم الاستخباراتي»، الذي دام تسع دقائق ولم يحمل توقيع أي صحافي وتبرّأت منه المحطة في سابقة مهنية لا مثيل لها، كان بمثابة «عربون» أولي لتقديم فروض الطاعة للسياسة الأميركية والإسرائيلية، خصوصاً في ظلّ المناخ السائد الذي يحاول محاصرة المقاومة ويروّج للتطبيع وللزمن الأميركي عبر الوسائل الإعلامية المهيمنة.
وتشير المصادر إلى أنّ «الجديد» لن تكتفي بذلك التقرير، بل ستواصل حملتها ضد المقاومة عبر تقارير أخرى مرتقبة. كما تتجه نحو تغيير سياستها التحريرية بحذف عبارة «العدو الإسرائيلي» من قاموسها، والاكتفاء بذكر «الجيش الإسرائيلي».
وتشير المصادر المتابعة لملفّ «الجديد» إلى أن عرض القناة للتقرير المأجور الذي يفتقر إلى أبسط القواعد المهنية، يحمل لمسات مجموعة من الإعلاميين والسياسيين الذين يعيشون في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبعضهم حصل على جنسيتها، ويعمل بإشراف رئيس المخابرات فيها طحنون بن زايد.
ويجري الحديث عن أسماء إعلاميين لبنانيين بارزين هناك، وقد لعبوا دوراً في فبركة التقرير، وأن هناك «خلية أزمة» موجودة في أبو ظبي تتولى إدارة العملية برمّتها، وأن المسؤولين الأساسيين في قناة «الجديد» يعملون بالتشاور الوثيق مع هذه الخلية.
استقالات وقرارات إدارية مثيرة للجدل
وتتّجه إدارة الشاشة التي يديرها تحسين خياط إلى قبول استقالة مديرة الأخبار مريم البسام، التي قدّمتها الأحد الماضي.
وتفيد مصادر مطّلعة بأنّ البسام كانت على خلافات متكرّرة مع الإدارة، وكان قرارها بالاستقالة مؤجّلاً لغاية اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، إذ قرّرت القناة إبعاد البسام تدريجياً عن دائرة القرار، لمصلحة إعلاميات أقل شأناً منها مهنياً وإدارياً، لكنّهن في الموقع المعادي للمقاومة.
وهذا الأمر يتعارض مع مواقف البسّام الداعمة للمقاومة. وتشير المصادر إلى أنّ خلاف البسام وآل خياط ليس جديداً، إذ سبق أن قدّمت استقالتها مرات عدة قبل اندلاع الحرب التي شنّها العدو الإسرائيلي على لبنان. لكن في كل مرة كانت الوساطة التي تقوم بها بعض الشخصيات الداعمة للمقاومة، تعيد بسام إلى عملها.