كشف وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي ان زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون المرتقبة الى الكويت هي في حد ذاتها الحدَث، وتكمن أهميتها في مجرّد حصولها، «فلبنان في الأعوام الأخيرة تَسَبَّب بفعل سياساتٍ منحرفة عن تاريخ علاقاته الخارجية مع أشقائه بزعَلِ دول الخليج بمَن فيهم الكويت، وكانوا على حقّ في زعلهم».
وفي حديث لصحيفة "الراي الكويتية" أضاف رجي: "الكويت لها فضل كبير جداً على لبنان منذ زمن بعيد، على مختلف المستويات، وهي لم تتخلّ يوماً عنه في أيامه المُرّة والحُلوة ولطالما كانت رافعة لبلدنا في الدبلوماسية والاقتصاد، ودعمتْه سياسياً وبالسياحة ولم تبخل عليه بكل ما يعينه على الخروج من أزماته، من حرب الـ 15 عاماً وما بعدها، كما على دفْع كل مسارِ نهوضٍ يعقب كبوةً، سواء في الإعمار أو الإنماء.
وتابع: "أعتقد أن كل اللبنانيين ممتنّون للدور المحوري الذي لعبتْه الكويت إبان اتفاق الطائف، والجميع يقرّون بأن للإخوة الكويتيين دوراً مهمّاً في ازدهار السياحة. ولكن لسوء الحظ عشنا في الأعوام الأخيرة ظروفاً أبعدتْ الكويت ودول الخليج الأخرى عن لبنان الذي لم يكن يشبه نفسَه".
واستكمل: "ننتظر أن نقول نحن وأشقاؤنا الكويتيون، فَتَحْنا صفحة جديدة والمياه عادت بالكامل إلى مجاريها، وهذا هو الأهمّ. فعندما تعود الثقة والمودة والاحترام المتبادَل تصبح المسائل الأخرى تفاصيل وتأخذ الأمور مجراها الطبيعي، أما مطلبنا الوحيد فهو صداقة الكويت".
وبشأن عودة السياح الإماراتيين إلى لبنان قال رجي: "لا شك في أن عودة الأشقاء الإماراتيين هي سياسية قبل أي شيء، رغم طابعها السياحي. وقد سُمح بعودتهم من ضمن آلية معيّنة، وبالتأكيد سيكون هناك سياح ورجال أعمال، ونتمنى أن يشمل الأمر مستثمرين، لافتاً الى انه" لا يمكن إغفال البُعد السياسي لقرار رفْع حظر السفر الذي يعبّر بطبيعة الحال عن إرادة سياسية تجاه لبنان وعن ثقةٍ بقدرة حكومته على تأمين سلامة الزائرين مع كل ما يتطلّبه ذلك على مختلف المستويات".
وعما اذا كان قد تلقّى إشاراتٍ من الدول الخليجية الأخرى التي تحظر السفر إلى لبنان بأنها على وشك العودة عن هذا القرار قال رجي: "تلقّينا وعوداً جدية، ونأمل أن تصبح واقعاً. ونتفهّم أن كل دولة لها اعتباراتها والآليات التي تعتمدها في سياق اتخاذ قراراتها وإحاطتها من كل الجوانب".
وحول المخاوف من عودة الحرب الإسرائيلية مع اقتراب قدوم فصل الصيف قال رجي: "نحن نقوم بكل ما يلزم على كل المستويات ليس فقط كي يكون الصيف واعداً ولكن أيضاً بهدف ألّا تعود الحرب وتنتهي إلى غير رجعة، وأصدقاء لبنان يساعدوننا ديبلوماسياً ونحن نحضّهم على القيام بما يلزم للضغط على إسرائيل في هذا الإطار وإن شاء الله خيراً".
وبشأن الربط بين الدعم المالي للبنان واعادة الإعمار من جهة وبين بتّ ملف سلاح «حزب الله» وفق منطق خطاب القسَم والبيان الوزاري اكد أن عودة لبنان إلى محيطه العربي وعودة العرب إلى لبنان هي أولاً عودة سياسية، وهذا هو الأهمّ بعد شبه القطيعة التي كانت قائمة والعَتَب الذي ساد تجاه «بلاد الأرز».
وأضاف: "أعتقد أننا تخطينا هذه المرحلة، فمع العهد الجديد وفخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس نواف سلام والحكومة، تبيّن للأشقاء الخليجيين والعرب أن هناك نهجاً جديداً وتوجّهاً مختلفاً بالكامل على صعيد الأداء الداخلي بمختلف أبعاده وعلى مستوى السياسة الخارجية، وهذا ما تم تلقُّفه بإيجابية كبيرة وأتاح مدّ جسور التقارب مجدداً وتبديد الزعل".
وتابع: "في البُعد السياحي لهذه العودة، فالموضوع له جانب أمني. ونحن نقول لأشقائنا إن الدولة بدأت تبسط سلطتها وسيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وان الأمن ممسوك، وهذا يشكّل عامل اطمئنان كبيراً".
وأشار الى ان" موضوع المساعدات والمساهمة في إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي، مرتبط بالوضع العام والمشهد اللبناني، لكن هناك شرطين أساسييْن
الأول: "الإصلاحات الاقتصادية إذ لم يعُد أحد مستعداً للمساعدة وضخّ أموال في سلّة مثقوبة، أي أن يذهب الدعم سدى بالهدر أو بالفساد، وهذا الشرط يتشارك فيه المجتمعان العربي والدولي كما الجهات المانحة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بحيث يريدون ضمان أن كل قرشٍ سيذهب لِما فيه مصلحة لبنان سواء لجهة إعادة الإعمار أو النهوض الاقتصادي والعودة إلى الازدهار، والحكومة اللبنانية تعمل في شكل أكثر من جدي في ملاقاة هذا الشرط، الذي هو مطلب داخلي قبل أن يكون خارجياً. وأعتقد أن العمل الذي أُنجز في نحو شهرين لم يحصل خلال أعوام".
والشرط الثاني الذي لا يَخْفى على أحد ويُقال علناً أيضاً يتّصل "بحصرية السلاح بيد الدولة على قاعدة أن تبسط الشرعية سيادتها على كامل أراضيها وتحتكر حمل السلاح. وهذا مطلبٌ لبناني ودولي وعربي له خلفيتان أمنية وسياسية. فالجميع يريدون أن يعود لبنان دولةً طبيعيةً مثل سائر بلدان".