في كل الأحوال فإن لبنان يجد نفسه معنياً بهذا الواقع المثير للقلق بعدما أبرز التصعيد الإسرائيلي الأخير لوحة ترابط عملاني بين ما تقوم به إسرائيل في لبنان والمواجهات الإقليمية الأخرى.
فيما أنجزت وزارة الداخلية والقوى العسكرية والأمنية الاستعدادات الأمنية واللوجستية والإدارية لإجراء الجولة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي لبنان الشمالي وعكار غداً الأحد من دون إشكالات ووسط أجواء طبيعية على غرار ما شهدته الجولة الأولى في محافظة جبل لبنان، لم يحجب الاستحقاق الانتخابي في حلقته الثانية المخاوف المتصاعدة في شأن الوضع الجنوبي وامتداداته بعد الضربة الإسرائيلية العنيفة التي وجّهت الخميس الماضي الى تلال النبطية والمحيط. ولم تقتصر المخاوف اللبنانية على اتجاهات إسرائيلية واضحة لتصعيد الغارات والضربات سواء في الجنوب او في العمق اللبناني مجددا، بل تجاوزتها الى رصد معالم التصعيد الإقليمي الاوسع والذي عكسته ظاهرة تسارع وتتابع إجراءات شركات الطيران العالمية بإلغاء او تمديد الغاء وتعليق رحلاتها إلى إسرائيل في الأيام المقبلة بما ينذر بتطورات حربية متوقعة بين إسرائيل والحوثيين في اليمن وسط تصاعد المخاوف من تطور الامور الى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وايران .
وفي كل الأحوال فان لبنان يجد نفسه معنيا بهذا الواقع المثير للقلق بعدما أبرز التصعيد الإسرائيلي الأخير لوحة ترابط عملاني بين ما تقوم به إسرائيل في لبنان والمواجهات الإقليمية الأخرى. كما ان الخشية من تجدد الضربات الإسرائيلية في الجنوب ومناطق أخرى ربما في شمال الليطاني تعززت في اليومين الأخيرين خصوصا ان أي معالم لتحرك ديبلوماسي فعال للجم التصعيد تبدو مستبعدة راهنا وقبل زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدد من الدول الخليجية.
ولكن مجمل هذه الأجواء لم تؤثر على انجاز الاستعدادات للجولة الثانية الانتخابية البلدية في الشمال وعكار الأحد، وفي هذا السياق اعلن وزير الداخلية احمد الحجار امام وفد نقابة المحررين امس انه جاء الى وزارة الداخلية بعدما انطلقت التحضيرات التقنية واللوجستية للعملية الانتخابية “وقررنا المضي فيها مؤكدين موعدها دون أي تردد وايا كانت العقبات. واردنا منها ان تشكل الرسالة الاولى من العهد الجديد الى المجتمع الدولي عن الجدية في اتمامها فكانت اولى محطاتها ناجحة بكل المقاييس”. واضاف: “صممنا على ان تكون انتخابات نموذجية نؤكد من خلالها حياد السلطة كواجب وليس منة لأحد، والحؤول دون ان تعطلها أي شائبة، والحمد لله فإن ما جرى لم يكن نتيجة جهد شخصي فقط بل هناك ورشة كبيرة شارك فيها مدراء عامون وقادة الاجهزة العسكرية والامنية وجميع الموظفين الذين بذلوا جهودا مضنية لتكون انتخابات نزيهة وشفافة. وهي عملية تبدأ من المراحل التحضيرية الاولى حتى الاعلان عن نتائجها لتكون آمنة ومضمونة”.
وأكد “اننا لن ندخر جهدا لاتمام العملية في أفضل الظروف” لافتا الى “ان من المنطقي ان تكون انتخابات بيروت ام المعارك فهي عاصمة الوطن”، مؤكدا “بذل الجهود الممكنة على أكثر من صعيد لإتمامها بما يضمن حقوق جميع البيروتيين”.
وفي اطار التدابير الأمنية دعت قيادة الجيش المواطنين إلى التجاوب مع تدابير أمنية استثنائية، تشمل إقامة حواجز ظرفية وتسيير دوريات، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى، بهدف ضمان حسن سير العملية الانتخابية يوم الاحد المقبل ضمن نطاق محافظتَي لبنان الشمالي وعكار، موضحة ان التدابير للحفاظ على أمنهم وسلامتهم، ولتمكينهم من التعبير عن آرائهم في صناديق الاقتراع، ضمن أجواء من الحرية والديموقراطية. كما دعتهم إلى إبلاغ أقرب مركز عسكري عن أي محاولة للإخلال بالأمن، أو الاتصال بغرفة عمليات القيادة على الرقم 117.
اما في ما يتصل بالوضع في الجنوب فاجتمع وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي مع رئيس بعثة قوات اليونيفيل العاملة في لبنان وقائدها العام اللواء أرولدو لاثارو والوفد المرافق، وجرى البحث بتطورات الوضع في الجنوب في ظل الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة. وعرض اللواء لاثارو على الوزير رجّي طبيعة المهام التي تقوم بها قوات اليونيفيل في الجنوب في الفترة الأخيرة ورصدها للانتهاكات لقرار مجلس الأمن رقم 1701. كما تطرق لاثارو الى التعاون والتنسيق القائمَين بين اليونيفيل والجيش اللبناني، مشيداً بالعلاقة المميزة بين الجانبين. وقدّ وجّه دعوة للوزير رجّي لزيارة مواقع اليونيفيل في جنوب لبنان. من جهته، أكد الوزير رجّي تمسّك لبنان بدور قوات اليونيفيل وشكرها على الجهود التي تقوم بها في الجنوب، مشددا على أهمية تمكينها من أداء مهامها وفق الولاية المحددة لها من قبل مجلس الأمن والتي يُرتقب تمديدها في آب المقبل.