أكد رئيس الجمهورية جوزاف عون عمق العلاقات اللبنانية - الكويتية وأنها "التاريخ والحاضر والمستقبل الزاهر لكلا البلدين"، مثمناً المواقف التاريخية لدولة الكويت تجاه لبنان.
وفي حديث لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) بمناسبة زيارته الرسمية إلى البلاد، اشار عون الى انه "إن لقاءه المقرر في وقت لاحق اليوم الاثنين مع سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح يأتي لشكرخ على دور دولة الكويت التاريخي تجاه لبنان ودورها الإيجابي في تسهيل الوصول إلى الحلول خلال الأزمات، كما دأبت على فعل ذلك منذ ما قبل اتفاق الطائف حتى اليوم، مستذكراً "أول مبادرة كويتية حميدة في لبنان في أبريل العام 1973 قبل نحو 52 عاماً".
وأضاف أن زيارته الحالية إلى دولة الكويت تتناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية "فنحن لدينا هم مشترك يتمثل في الوحدة الداخلية في بلداننا، كما تأتي الزيارة لدعوة صاحب السمو وكل الكويتيين إلى زيارة لبنان ليكون الصيف صيفاً واعداً.. وهم لم يقصروا في هذا المجال".
وأوضح أن دولة الكويت ساهمت في عدد كبير من المشاريع الإنمائية في لبنان منذ ستينيات القرن الماضي، مستذكراً أول قرض كويتي لبلدية بيروت عقب أشهر قليلة على استقلال الكويت (العام 1961).
ونوّه بالمبادرات المستمرة للكويت التي شملت تشييد صوامع القمح في مرفأ بيروت وإعادة الإعمار بعد العدوان الإسرائيلي العام 2006، وإعادة بناء بنى تحتية في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي جنوب لبنان من شبكات الكهرباء إلى المياه والطرقات والمدارس.
وثمّن الرئيس عون المساعدات الإنسانية التي قدمتها دولة الكويت للبنان إثر انفجار مرفأ بيروت العام 2020، وتخصيص الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية مبلغاً لإعادة إعمار صوامع القمح في المرفأ التي دُمّرت في ذلك الانفجار.
وذكر أن دولة الكويت أبدت كذلك استعدادها للمساعدة في ملف البنى التحتية والمشاريع الإنمائية في بلده من خلال مشاركتها في الاجتماع الذي عقد في واشنطن والمخصص للبنان، معرباً عن "التطلع إلى مساهمة دولة الكويت في إعادة الإعمار في لبنان كما كانت دائماً إلى جانبه".
ورداً على سؤال عن الأوضاع اللبنانية الراهنة، أفاد الرئيس عون بأن "المسؤولية التي قبلتها وتحملتها تحتم عليّ أن أمارس دوري كرئيس مؤتمن على الدستور وأحمي بلدي وشعبي، وهي مسؤولية ليست بالسهلة في ظل الظروف التي مر بها لبنان"، مؤكداً أن "هناك آمالاً كبيرة في العهد الجديد، وأن العالم ينتظر ويترقب كيف ستمارس الدولة الإصلاحات التي وعدنا كدولة بتطبيقها".
وأوضح أن "النظام في لبنان ليس رئاسياً، فالسلطة في يد الحكومة، وعلينا، رئيساً ورئيس حكومة وأيضاً مجلس النواب، حيث نظامنا برلماني، ونحتاج إلى التشريع لإقرار القوانين أن نتعاون جميعاً من أجل مصلحة لبنان وشعبه، لإخراجه من الأزمات المتتالية التي عصفت به وإعادة عمل المؤسسات التي تنظم سير العمل في البلد".
وتابع: "نقوم بخطواتنا تدريجياً، وأعتقد أننا حققنا العديد من الخطوات، وهو مسار طويل ولن نتراجع، وأنا أردد دائماً أن القرار اتُخذ ولا عودة إلى الوراء، والجميع سيلمس التغييرات التي تحتاج إلى بعض الوقت لكنها تسير في المسار الصحيح".
وأشار الرئيس عون إلى أن لبنان كونه بلداً صغيراً ومتعدداً، فهذا يميزه، كما يجعله أيضاً أحياناً عرضة لأن يكون ساحة للصراع، لافتاً إلى أنه "لا توجد خلافات جوهرية بالنسبة للبنانيين إذا طبقنا الدستور".
وبيّن أنه كان هناك حوار ونقاش في النقاط الخلافية التي لا يستحيل الاتفاق عليها، "ولا أحد في لبنان يريد الحرب، والكل متفهم لموضوع حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية".
وقال: "أردد دائماً كلمة الحوار لأنني مقتنع بأنه السبيل الوحيد للوصول إلى الهدف، كما أردد بأن الدبلوماسية هي الطريق لاستعادة سيادتنا كاملة وأسرانا، وذلك عبر أصدقاء وأشقاء لبنان الذين يؤدون دوراً في شرح الواقع اللبناني الذي لا يحتمل الضغط عليه".
وشدد الرئيس عون على أن "هناك من يريد إنهاء ملف السلاح بسرعة، وأقول إننا نستطيع ذلك لكن من دون تسرّع، عبر الحفاظ على السلم الأهلي لأنه خط أحمر".
وذكر أنه منذ انتخابه في منصبه يعمل على إعادة لبنان إلى الحاضنة العربية "وهذا ما أقوله في كل خطاباتي وأدعو إليه، وأيضاً حريص على عودة العرب إلى لبنان، واليوم بدأت مؤشرات هذه العودة".
ولفت الى أنه يقوم بجولات خليجية كما سيقوم بجولات عربية من أجل تجاوز كل ما يعكر صفو العلاقات، "إذ إننا اليوم في مرحلة جديدة، ولبنان ملتزم إلى جانب أشقائه العرب، وملتزم بالموقف العربي الموحد".
وأعرب الرئيس عون عن شكره لكل الدول العربية نظير مساهماتها واستجابتها لطلبات لبنان، مشدداً على أن "لبنان لا يمكن أن يكون لا مقراً ولا ممراً لأي إساءة لأي دولة عربية.. فهذا البلد الصغير يحمل رسالة للسلام والحياد.. ويكون مقراً وممراً للغة الحوار والتسامح والعيش معاً".
وشدد على أن زياراته الخارجية تستهدف بناء جسور الثقة مع الدول، وإيصال صوت لبنان، وإعادة وصل العلاقات "من خلال شرح ما نقوم به في لبنان من عمليات إصلاحية وإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وعبر إقرار قوانين إصلاحية، وانتشار الجيش والقوى الأمنية في مختلف المناطق اللبنانية، وبدء عملية حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية".
ورداً على سؤال عن خطط جذب الاستثمارات الأجنبية إلى لبنان، قال عون إن العنوان الأساس في موضوع الاستثمار هو الإصلاح، "وقد بدأناه أولاً عبر القضاء، لأن قانون استقلالية القضاء والتشكيلات القضائية هما الأساس في حماية استقرار الدولة من أجل تشجيع الاستثمار".
وشدد كذلك على أن الأمن والقضاء يشكلان أساساً في هذا الشأن، بالتوازي مع الإصلاحات الاقتصادية والمالية، مشيراً إلى إعداد وإقرار قانون السرية المصرفية، "وسنستكمل التعيينات في الإدارات عبر تعيين الهيئات الناظمة في كل القطاعات، لأن هناك شغوراً واسعاً في الإدارة، كذلك تمرير قانون إعادة هيكلة المصارف".
وأضاف في هذا الشأن: "كما نحتاج إلى قانون الانتظام المالي المعروف بقانون الفجوة المالية، وهو ما ستقوم به الحكومة، ومن بعدها سينتقل إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره".
وشدد الرئيس عون على أن العمل جارٍ بالتوازي في كل المشاريع الإصلاحية، من الأمن إلى القضاء إلى الإدارات والإصلاحات الأخرى، وهي ورشة كبرى نعمل لإنجاحها.
وبسؤاله عن المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، أوضح عون أن الصندوق بدأ من خلال زيارته الأخيرة الإعداد مع الحكومة من أجل توقيع اتفاق، "وأعتقد أن هناك زيارة ستكون في نهاية هذا الشهر لاستكمال التباحث فيما تحقق من أجل ذلك".
وبيّن الرئيس عون أن "القوانين الإصلاحية هي أحد شروط صندوق النقد الدولي، من السرية المصرفية إلى إعادة هيكلة المصارف وقانون الانتظام المالي"، لافتاً إلى أن "هذا الملف تتم دراسته من خلال الحكومة والمستشارين والخبراء"، و"هناك تعيينات ستحصل لمجلس الإنماء والإعمار ستمر عبر الآلية التي وضعها مجلس الوزراء".
ورداً على سؤال عن تطلعات لبنان حيال القمة العربية والقمة الاقتصادية والاجتماعية المزمع عقدهما في بغداد منتصف ايار الجاري، قال عون إن لبنان يقف إلى جانب أشقائه العرب، ويتبنى الموقف العربي في كل المسائل المطروحة.
واضاف :"وكما كنا مع الموقف العربي الذي صدر في القمة العربية ببيروت العام 2002 بالنسبة لحل الدولتين، فسنكون مع الموقف العربي الواحد الذي سيصدر عن القمة، الذي نتمنى أن يصل إلى حل القضية الفلسطينية، ولبنان سيكون داعماً لهذا الموقف، وإلى جانب أصدقائه وأشقائه العرب".
وشكر الرئيس عون "دولة الكويت على الدعوة الكريمة لزيارة الكويت، متمنياً لأمير الكويت والشعب الكويتي المزيد من التقدم والنجاح في كل الخطوات التي يقومون بها.. "ورسالتي اليوم هي نحن ننتظركم في لبنان فلا تترددوا، لأن لبنان والكويت تاريخ وحاضر ومستقبل زاهر لكلا الشعبين".
وجدد الدعوة للكويتيين إلى زيارة لبنان والاستثمار فيه، معبراً من جديد عن "الشكر للكويت على رعايتها للبنانيين الموجودين فيها، والذين ساهموا في مساعدة أهلهم في لبنان، ونحن لا ننسى أن أول مهاجر لبناني للكويت كان العام 1915، منذ أكثر من مئة عام، كما أن أول طائرة لشركة طيران الشرق الأوسط حطّت في الكويت في أربعينيات القرن الماضي".