عاجل:

هل سلّمت واشنطن إدارة سوريا ولبنان للسعودية؟ بغداد تنتظر إعلان سلام إطلاق ورشة الإعمار (الأخبار)

  • ١٧

ينتظر لبنان نتائج زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج لكونها تنعكس على أوضاعه في عدة اتجاهات. ومع أن الواضح، أن بند تقديم العون للبنان اقتصادياً ومالياً لم يكن مُدرجاً على جدول أعمال لا الرئيس الأميركي ولا قادة الخليج، إلا أن ما خلصت إليه الاجتماعات في السعودية على وجه التحديد، جاء ليؤكد أن واشنطن في طريقها إلى ترك ملفات سوريا ولبنان لتدار من قبل السعودية.

وهو ما جرى التعبير عنه في تعامل واشنطن مع الملف السوري لجهة رفع العقوبات «تلبية لطلب» السعودية أو حتى اللقاء بين ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع.

لكن ما قاله ترامب عن لبنان ظلّ محور ترقّب داخلي، وسوف يراقب لبنان انعكاس هذا الموقف على اجتماعات القمة العربية في بغداد، والتي يترأس وفد لبنان إليها رئيس الحكومة نواف سلام، والسؤال يبقى حول الموقف من ورشة إعادة إعمار ما خلّفه العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، خصوصاً أن الدول العربية المعنية، أو التي بعثت برسائل تعبّر فيها عن الاستعداد للمساعدة في الورشة، أكّدت أن العائق أمامها الآن، لا يتعلق بموقف الولايات المتحدة فقط، لكن بالأساس، كون الحكومة اللبنانية لم تبادر إلى إطلاق برنامج إعادة الإعمار بعد، ولم تعرض خطتها ولا برامجها الخاصة بهذه الخطوة.

وحسب مصادر مطّلعة، فإن دولاً عربية منها العراق وقطر والكويت والجزائر، وحتى دولة الإمارات، أبدت رغبتها في المساهمة في ورشة إعادة الإعمار. ويبدو العرض العراقي هو الأكثر وضوحاً بين كل ما سبقت الإشارة إليه.

وتقول مرجعية على تواصل مع القيادة العراقية، إن المسؤولين العراقيين أبدوا استغرابهم لعدم إقدام الحكومة في لبنان على إطلاق الورشة، وسألوا عما إذا كان ذلك ناجماً عن ضغوط خارجية أو عن رغبة أطراف محلية بعدم إطلاق ورشة الإعمار.

وتضيف المرجعية أن الاتصالات التي جرت مع الحكومة العراقية، كشفت عن استعداد لصرف مبالغ ضخمة في ورشة الإعمار، من بينها صرف الأموال المستحقة للحكومة العراقية كثمن للفيول الذي يؤمّن بصورة مفتوحة لمصلحة شركة كهرباء لبنان.

وكشفت المرجعية، أن المستحقات التي للعراق في ذمة الحكومة اللبنانية ارتفعت من 1.2 مليار دولار إلى 1.8 مليار دولار، وأن الحكومة العراقية تبدي استعدادها لاستخدام هذه الأموال في الورشة، وهي بصدد اتخاذ قرار بإنشاء مؤسسة عراقية رسمية لتولّي الإشراف على هذا المشروع.

وكان مجلس الوزراء استمع أمس إلى رئيس الحكومة حول ملف إعادة الإعمار، وهو قال إن «اللجنة المعنية بمتابعة قرض البنك الدولي البالغ 250 مليون دولار، يمكن أن يكون لديها دور تنسيقي على مستوى إعادة الإعمار».

وهذه اللجنة مؤلّفة من وزراء معنيين مباشرة بقطاعات محدّدة ستطاولها المشاريع المموّلة من قرض البنك الدولي، ولا تشمل إعادة إعمار المساكن ولا بلدات الحافة الأمامية.

عندها طُرح اقتراح بأنه في حال تخطّت الهبات التي تأمل الحكومة استقطابها، أو القروض التي يمكن عقدها لصالح صندوق إعادة الإعمار، المليار دولار، يمكن تشكيل لجنة أوسع. حيث سيكون بوسع وزارات غير معنية مباشرة بمشاريع البنى التحتية الاستفادة من الأموال لصالح مشاريع أخرى. ولفتت المصادر إلى أن «مجلس الوزراء أضاف على لجنة إعادة الإعمار التي هي برئاسة رئيس الحكومة ومؤلّفة من وزيرة البيئة تمارا الزين ووزير الطاقة جو الصدّي، وزير الاقتصاد عامر البساط ووزيري الاتصالات شارل الحاج والمالية ياسين جابر».

ترامب ولبنان

بالعودة إلى زيارة الرئيس الأميركي، فهو كان قد قال إن «حزب الله جلبَ البؤس إلى لبنان ونهب الدولة اللبنانيّة. ميليشيا حزب الله وضعت بيروت في المأساة، مستعدون لمساعدة لبنان في بناء مستقبل من التنمية الاقتصاديّة والسّلام مع جيرانه». وقد كانت هذه الكلمات كافية لتحديد معالم المرحلة المقبلة التي تنبئ بمزيد من الضغوط على لبنان.

ومن يعرف فحوى الرسائل العربية التي كانت تصل إلى لبنان ولا تزال حتى الآن، منذ وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، يفهم جيداً أن ترامب تحدّث بلسان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي وضعَ شرطاً أساسياً لمساعدة لبنان وهو التخلص من سلاح حزب الله.

يقول مطّلعون، إن التوجيه واضح للسلطة الجديدة في ما يتعلق بهذا الأمر، فضلاً عن ربط المساعدات بالعلاقة مع الجيران، وهو تلميح إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي. وقد حملَ قرار رفع العقوبات عن سوريا، الذي اتّخذه الرئيس الأميركي «تلبية لطلب ابن سلمان» رسالة أخرى إلى السلطة في لبنان، باعتبار أن الرياض تعتقد بأنها «تتلكّأ في تنفيذ ما هو مطلوب»، وجاء التحذير بطريقة غير مباشرة، عبر لفت الانتباه إلى التعامل مع الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يقدّم فروض الطاعة، وأكثر مما هو مطلوب منه وهو وافقَ على السير في خطوات تقوده بشكل أو بآخر إلى اتّفاقيات أبراهام وقبض ثمن ذلك وساطة سعودية لدى الأميركيين وفتح باب المساعدات، وبالتالي فإن الرسالة الأميركية – السعودية جاءت بوضوح، أنه على من يريد أن يحظى بما حظيَ به الشرع، أن يبادر إلى تلبية الشروط من دون تلكّؤ.

ترامب قال أيضاً إن «لبنان قادر على التحرر من قبضة حزب الله وإن الرئيس جوزيف عون يمكنه بناء دولة بعيداً عن الحزب»، وقد فسّر المطّلعون هذا الكلام على أنه «ردّ على التعامل المرن والموضوعي لعون مع ملف السلاح وتأكيده الدائم على الحوار كسبيل للحل من دون دفع البلد إلى الانفجار وتخريب العهد». وتوقّعت أن يزداد الضغط على لبنان في الفترة المقبلة، وقد ترسل واشنطن قريباً إلى لبنان موفدين لتكرار المطالب الأميركية وتذكير عون والحكومة بضرورة الإسراع بالبتّ في ملف السلاح.

في هذا الوقت، يستمر الحوار غير المعلن بين الدولة والحزب، لكن بأشكال مختلفة عمّا يجري تظهيره في وسائل الإعلام. ويبدو أن البحث قد توسّع ليطاول أكثر من نقطة من بينها ملف مؤسسة «القرض الحسن» التي يطالب الأميركيون بإقفالها.

وعلمت «الأخبار» أن المعنيين بالحوار نقلوا أخيراً إلى الحزب «أجواء الضغط الأميركي في هذا الإطار، وبأنها ضغوط متزايدة، رغم أن مسؤولين في الدولة تحدّثوا إلى شخصيات في الإدارة الأميركية وشرحوا حساسية هذا الأمر».

وقد بادر مسؤولون في الحكومة إلى مطالبة الحزب بـ«التعاون لمعالجته والبحث عن صيغ مقبولة لا تؤدي إلى زعزعة الاستقرار».

وقد ردّ حزب الله على الرسائل بالقول: «إن مؤسسة «القرض الحسن» هي جمعية لا تبغي الرّبح، وإن توسّعها جاء نتيجة للعقوبات والضغوط التي تعرّضت لها بيئة الحزب واهتزاز الثقة بالمصارف اللبنانية»، كما أوضح الحزب أن ««القرض الحسن» له دور في تخفيف الأعباء عن الناس، حتى في موضوع الإيواء والترميم، واتّخاذ أي خطوة ضده قد يؤدي إلى انفجار في وجه الحكومة وزعزعة الاستقرار وهذا ما يجب أن يعرفه الأميركيون جيداً».

وفيما تمنّى الحزب أن «ينسحب الجو الإيجابي المتصل بملف السلاح على ملف «القرض الحسن»، وعدم اتّخاذ أي إجراء خارج إطار التفاهمات»، أكّد الحزب «انفتاحه على مناقشة أي فكرة تعالج الموضوع وتساعد الدولة من دون استفزاز البيئة».


المنشورات ذات الصلة