عاجل:

البروفسور صليبا لـ"إيست نيوز" حول قراري الدستوري الطعن بقانوني الهيئة التعليمية والإيجارات غير السكنية: يا مرحبا بـ"دولة القانون" التي طال انتظارها أكثر من ثلاثة عقود (خاص)

  • ١٠٥

خاص ـ "ايست نيوز":

رحب الباحث في القانون الدستوري، عميد معهد العلوم السياسية في جامعة الجنان البروفسور أمين عاطف صليبا بقراري المجلس الدستوري المتعلقين ببعض أحكام قوانين تتعلق بتنظيم الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة، وتنظيم الموازنة المدرسية" وبـ "الإيجارات للأماكن غير السكنية"، معتبراً انه من الواجب الترحيب بكل ما يوحي بـ"امكان احياء دولة القانون" وقال: "إن ما حصل أعاد مسار النشر السابق الذي كان معتمداً في مثل هذه الحالة الى مساره الدستوري الصحيح، ولهذا استبشرت بطلائع دولة القانون في لبنان".

وقال الباحث في القانون الدستوري، عميد معهد العلوم السياسية في جامعة الجنان البروفسور أمين عاطف صليبا في حديث خاص الى موقع "ايست نيوز" تعليقا على قراري المجلس الدستوري رقم 4 و5/2025 تاريخ 20/5/2025، بشأن المراجعتين اللتين رفعتا أمامه من قبل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وعشرة نواب آخرين بهدف الطعن وتعديل مضمون "بعض أحكام قوانين تتعلق بتنظيم الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة، وتنظيم الموازنة المدرسية" والمتعلق بـ"الإيجارات للأماكن غير السكنية: "بداية أقول يا مرحبا بـ "دولة القانون" في لبنان، التي طال انتظارها أكثر من ثلاثة عقود بعد استحداث المجلس الدستوري، لأن دولة القانون معادلتها بسيطة جداً وهي: "على الحاكم قبل المواطن أن يخضع للدستور وللقانون". وهذا من الصعب تحقيقه إلاّ من خلال قرارات المجلس الدستوري في لبنان وخارجه!

وأضاف البروفسور صليبا: لقد أصدر المجلس الدستوري قراره رقم 4 في معرض طعن رئيس الجمهورية بالقانون النافذ حكماً رقم 2 الصادر بتاريخ 3/4/2025 (الرامي الى تعديل بعض أحكام قوانين تتعلق بتنظيم الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة، وتنظيم الموازنة المدرسية). كذلك أصدر قراره رقم 5 في معرض طعن رئيس الجمهورية في المراجعة رقم 4/و/2025، بعد ضمّ المراجعة رقم 6/و/2025 المقدمة من 11 نائباً بالطعن بذات القانون النافذ حكماً رقم 1 الصادر بتاريخ 3/4/2025 (المتعلق بالإيجارات للأماكن غير السكنية).

واستطرد يقول: "قبل ان ابدأ تعليقي اود لفت الانتباه الى أن المجلس الدستوري لم يتدخل في مضمون كلا القانونين، وذلك كي أخفِّف من استياء البعض ممن كانوا يريدون إقرار القانونين، حيث جاء القرارين بالإبطال لمسألة لا علاقة لها بالمضمون، بل تركّزت على مسألة دستورية شكلية جديرة بأن تُعرف أهدافها، إذ أن العرف الدستوري الذي كان مستمراً منذ بداية الأزمة السياسية في لبنان ما بعد زلزال 2005،لجهة نشر القوانين في الجريدة الرسمية من دون توقيع رئيس الجمهورية. خلافاً لصلاحياته الدستورية بإصدار القوانين وفق المادة 51 من الدستور، ويطلب نشرها مع توقيع رئيس مجلس الوزراء عملاً بأحكام المادة 54/الفقرة الأخيرة من الدستور. لكن الدستور اعطى في المادة 57 الحق لرئيس الجمهورية طلب إعادة النظر في القانون لمرة واحدة، بعد إطلاع مجلس الوزراء، ولا يجوز أن يُرفض طلبه، وعلى المجلس النيابي ان يقوم بمناقشة أخرى وإقرار القانون بالغالبية المطلقة من مجموع الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً، أي بـ65 صوت وما فوق، وفي حال انقضاء مهلة الشهر المنصوص عنها في المادة 56 من الدستور دون نشره، يُعتبر القانون نافذاً ووجب نشره!"

وقال: "هنا اسمح لنفسي بتفسير هذه النصوص الدستورية الآمرة لكل قارئ مثقف وغير ضليع بالقانون الدستوري، لأن قراري المجلس الدستوري أعلاه، أعادا مسار النشر السابق الذي كان معتمداً في مثل هذه الحالة الى مساره الدستوري الصحيح، ولهذا استبشرت بطلائع دولة القانون في لبنان.

وتساءل البروفسور صليبا فقال: لماذا هذا الموقف؟ وأجاب: "لأن رئيس الجمهورية هو الساهر على احترام الدستور، وهو الوحيد في السلطات الدستورية الذي يؤدي القسم الدستوري وفق نص المادة 50 من الدستور، ولذلك أعطاه الدستور هذا الحق بطلب إعادة مناقشة القوانين، لأنه قد يكون التصويت عليها قد حصل من قبل 33 نائباً في حال كان انعقاد الجلسة بالنصاب الأدنى دستورياً أي 65 نائباً، هنا تتبدّى أهمية حق الإعادة المعطى دستورياً لرئيس الجمهورية، وذلك ليس من باب الصراع مع مجلس النواب، بل يتم التصويت عليه بنصاب 65 نائباً على الأقل. هنا يكون رئيس الجمهورية قد وفى بقسمه، وفي حال بقيت لديه شكوك بدستورية القانون، من واجبه الدستوري – ولا يمكنه التملص من هذا الواجب - توقيع المصادقة على القانون وأن يطلب نشره وفق الأصول الدستورية، حيث من المفترض أن يكون سبّاقاً بالطعن بالقانون فور نشره بالجريدة الرسمية.

إن هذا التصرف المسؤول من قبل رئيس الجمهورية، عملاً بالوجوبية المفروضة عليه وفق المادة 56 أعلاه، يُصحِّح العرف الدستوري الذي ساد النظام القانوني بنشر القوانين في الجريدة الرسمية دون توقيع رئيس الجمهورية، وحتى من توقيع رئيس الحكومة. فعلاً كان تطبيقاً مخالفاً للدستور، لأنه لا يجوز نشر قانون لا يقترن بتوقيع رئيس الجمهورية!

فعلاً لقد أعاد قراري المجلس الدستوري 4 و 5 الانتظام الى الصلاحيات الدستورية، بحيث لا يعود بالإمكان مستقبلاً نشر القوانين من دون توقيع رئيس الجمهورية، حيت انني مقتنع بأن المؤتمن على الدستور ومن خلال قسمه لن يتردّد في نشر القوانين، بعد مساعيه لتصويب النص القانوني بما يتوافق مع الدستور من خلال ممارسته هذا الدور، الذي يعتبر بمثابة الرقابة السياسية الشائعة على دستورية القوانين، وعندما لا يؤخذ برأيه المُسند الى نص الدستور، من قبل المجلس النيابي يبقى من حقِّه اللجوء الى الطعن امام المجلس الدستوري، بعد صيرورة القانون دستورياً من خلال نشره في الجريدة الرسمية.

نعم لقد بدأت طلائع دولة القانون في لبنان، وعلى كافة السلطات الدستورية (نيابية ومجلس الوزراء والوزراء) الاقتداء بما سيتصرّف به رئيس الجمهورية بالخضوع للدستور والتقيد بأحكامه، كي لا يبقى العرف السابق القاضي بنشر القوانين من دون توقيع رئيس الجمهورية قائماً في نظامنا الدستوري.

بيد أنه وانطلاقاً من تعمقي في الاجتهاد الدستوري، أود أن ألفت نظر أعضاء المجلس الدستوري الذين وافقوا بالإجماع على هذا القرار وغالبيتهم أصدقاء لي، والذي سيكون السند الدستوري مستقبلاً الأداء في مسألة نشر القوانين وفق الأصول، بحيث لا نرى أي قوانين تنشر كالسابق من دون توقيع رئيس الجمهورية، وذلك لأن قرارات المجلس الدستوري نافذة ومُلزمة لكافة السلطات!

 لكن للأسف ورد في نهاية القرار ما يلي:

"قبول المراجعة بالأساس و"إعلان عدم نفاذ القانون المطعون فيه الرامي.....".

إن هذا النص يخرج عن صلاحياتكم الدستورية المنصوص عنها في المادة 19 من الدستور، واولها "مراقبة دستورية القوانين"، وبالتالي تكون قراراتكم بالإبطال الكلي او الجزئي، أو رد الطعن وقراركم مُلزم ولا يجوز الالتفاف على جوهره من خلال نص قانوني آخر، وبالتالي أنتم لا تعلنون عدم نفاذ القانون حيث لا وجود لهذه الصلاحية في المادة 19 من الدستور، خاصة في هذه المرحلة الجديدة التي أسّستم فيها الى تصويب مسألة نشر القوانين وعدم جواز نشرها من دون توقيع رئيس الجمهورية. وعليه كنت أرى أن يصدر القرارين في نص واضح، وهو إبطال نشر القانونين للمخالفة الدستورية الشكلية في مسألة النشر لجهة عدم توقيع رئيس الجمهورية وقد اسهبتم في تعليل القرارين من خلال حيثيات واضحة مستندة الى نص الدستور، حيث اعتبر أن القرارين من القرارات الأساسية التي يجب تدريسها في كليات الحقوق في لبنان لكي يختزنها حقوقيي المستقبل في ذاكرتهم، ولكي يدركوا ان العرف الذي كان يطبّق في السابق بالنشر من دون توقيع الرئيس على القوانين، هو عرف باطل كونه يخالف صراحة النص الدستوري.

وختم البروفسور صليبا حديثه متوجها على أعضاء المجلس الدستوري متمنيا "رحابة صدرهم على ملاحظته الأخيرة، ووجه لهم التهنئة الصادقة على هذين القرارين، اللذين اعادا الأمل فعلاً بإحياء دولة القانون في لبنان من خلال تصويب الآلية الدستورية في موضوع نشر القوانين ونفاذها".


المنشورات ذات الصلة