خاص – "إيست نيوز"
لفتت تفاصيل انتخابية صغيرة على هامش الإنتخابات في بلدية بيروت انتباه المتابعين، بطريقة لا يمكن تجاهلها او غض النظر عنها في الحسابات الانتخابية. وان كان بعضها قد جرى قبل الإنتخابات او بعد اقفال صناديق الاقتراع، فإن احد أهم المشاهد التي نشرت على هامشها يكمن في "الفيلم القصير" المصور للأمين العام لتيار المستقبل احمد الحريري وهو يتلقى نتائج بيروت من ماكينة الفرز بسؤاله صارخا" الجنرال قطع"؟ بالطبع كان المقصود السؤال عن نجاح محمود الجمل الذي اخترق لائحة "بيروت بتجمعنا" التي شكلت التحالف الإنتخابي الكبير المنافس للائحة "بيروت بتحبك".
وتأسيسا على هذه الملاحظات قالت مصادر بيروتية لموقع "إيست نيوز" أن إختراق الجمل المقرب جدا من تيار المستقبل وأحد صقوره البيروتيين المعروف بخدماته وشعبيته في منطقة الطريق الجديدة والأحياء السنية ليس أمرا عابرا فهو حمل رسائل ودلالات سياسية وانتخابية عدة. فالشارع السني جمهورا وقيادة صوت بكثافة للجمل ليس لكونه شخصية قيادية في التيار وتعمل في الشأن العام، فالجمهور البيروتي السني انتخب عاطفيا وسياسيا في آن واحد.
هذا من جهة، أما من جهة اخرى ، فان التصويت البيروتي تأكد كما تقول مصادر سياسية أخرى لـ "ايست نيوز" ان تيار المستقبل "المحروم" من خوض الانتخابات "فش خلقه" بهذا التصويت على خلفية الانسحاب من معركة بيروت، بعدما ترك صدمة قاسية لا يمكن اخفاءها في الشارع السني نتيجة قرار العزوف الذي اتخذه الرئيس سعد الحريري بعدم المشاركة تاركا الخيار للناخبين البيروتيين.
وعليه قالت المصادر: أن انتخاب الجمل شكل تعبيرا عن نقمة سنية واضحة، فالجمهور السني قصد أن يعبر عن احباطه مثبتا ان الرئيس سعد الحريري هو الممثل الأقوى والأوحد للسنة في رسالة مباشرة ورد على الضغوط والأسباب التي دفعت زعيم المستقبل الى اتخاذ هذا القرار كما أن هناكرسالة أخرى برزت وهي موجهة الى القيادات السنية التي غلبت مصالحها السياسية وطموحاتها. وفي اعتبارها ان النائب فؤاد مخزومي - يضيف المقربون من المستقبل - كان "عراب معركة" بيروت لمصلحة اللائحة الفائزة التي ضمت تحالفات "هجينة" جمعت الاضداد تحت عنوان "المناصفة."
وعليه تصر أوساط المستقبل على التاكيد بان انتخابات بيروت شكلت استفتاء دقيقا وواضحا للتيار الأزرق بحصول العميد الجمل على 44 ألف صوتا، وقد جمع النسبة الاكبر منها من الاقلام السنية وهي محطة سيتم التوقف عندها في الإستحقاقات المقبلة. فالتصويت البيروتي شكل "رد اعتبار" هو الأقرب إلى التمرد على قرار "عزل" المستقبل و"اقصائه" عن المشهد السياسي والانتخابي.
وتستطرد المصادر عينها عند متابعتها لمسار الإنتخابات، لتؤكد أن الجمهور السني قال كلمته في "معركة بيروت ومشى". وأن قيادات المستقبل التي عملت في الظل من دون أن تحرك ماكيناتها علنا أو تفتح مكاتبها الإنتخابية، كانت حاضرة بقوة في انتخابات العاصمة، وبالتالي فإن المشهد البلدي في بيروت سيكون مماثلا للمشهد النيابي في استحقاق العام ٢٠٢٦ إذا انسحب قرار منع المستقبل من خوض الإنتخابات النيابية. لذلك ومن اليوم انطلقت العدادات المستقبلية للتحسب جيدا للمحطة النيابية المقبلة، فخروج التيار هذه المرة من السباق النيابي يعني انتهاء "الحريرية السياسية" لتسمح بـ "فرض زعامات سنية" لا تحظى بالشعبية وكاريزما سعد الحريري وتأثيره على البيئة والحالة السنية.
وعليه ترى هذه المصادر منذ اليوم أن انتخابات العام ٢٠٢٦ ستكون مصيرية وحاسمة وأن المستقبل أمام خيار صعب ومعقد. فالشخصيات السنية التي انسحبت من الحياة السياسية لن تكرر التجربة نفسها وقد تخوض الإنتخابات على طريقة ترشيح الجمل في حال لم تتوفر ظروف عودة سعد الحريري الى الزعامة السنية .
وتختم المصادر عند جوجلتها لحصيلة العملية الانتخابية وما رافقها وتلاها لتقول: ان المشهد البيروتي كان معبرا جدا، فالزعامات السنية البديلة للحريري لم تنجح بإثبات قدرتها على منافسته في العاصمة، ذلك أنها لا تمتلك الحيثية نفسها، ولا القدرة التجييرية التي تمتلكها زعامته الشعبية.