ارتفعت أسعار بيع الأسمنت في السعودية خلال شهر أبريل الماضي بنسبة 1% على أساس سنوي، ليصل متوسط كيس الأسمنت الذي يزن 50 كيلو جرام إلى 14.45 ريال، مسجلًا بذلك أعلى مستوى له منذ حوالي 12 عامًا، في ظل تحسن ملحوظ لأسعار معظم المواد الإنشائية مثل الحديد والخرسانة الجاهزة وكذلك الألمنيوم.
وظلت أسعار الأسمنت خلال العقدين الماضيين متذبذبة في نطاق ضيق بين 12.5 إلى 15 ريالًا تقريبا، بسبب تأثير الدعم الحكومي لهذا القطاع.
ويرتبط الارتفاع الأخير لأسعار الأسمنت بعدة عوامل، أبرزها انتهاء “حرب الأسعار” التي استمرت لفترة طويلة، بين الشركات العاملة في القطاع، حيث ضغطت هذه الحرب على هوامش الربحية وأبقت الأسعار عند مستويات منخفضة، ومع خروج الشركات من هذه المرحلة التنافسية الحادة، حدث تحسن تدريجي في مستويات الأسعار، بحسب تقرير أوردته صحيفة الاقتصادية.
كما أسهمت الزيادة في الطلب المحلي على الأسمنت هذا العام في دعم الأسعار، حيث ارتفعت المبيعات المحلية بنسبة 13% منذ بداية العام، في حين قفزت مبيعات أبريل وحده بنسبة 39% على أساس سنوي.
من بين العوامل أيضًا، ارتفاع تكاليف الإنتاج المتعلقة بأسعار الوقود والمواد الأولية، التي تمت خلال العامين الجاري والماضي، وقد تكون الشركات مررت هذه التكلفة أو جزءا منها على السعر النهائي للأسمنت.وارتفعت المبيعات الإجمالية لشركات الأسمنت السعودية الـ17 بنسبة 39% خلال أبريل 2025 لتصل إلى 4.3 مليون طن، حسب بيانات صادرة عن شركة أسمنت اليمامة.
قالت شركات الأسمنت المدرجة في السوق المالية السعودية في إفصاحات منفصلة، إن زيادة أسعار الطاقة التي تمت مطلع العام الجاري خصوصا زيت الوقود الثقيل، سوف تؤثر في متوسط تكلفة إنتاج الأسمنت بمعدلات تتراوح بين 7 و8%.
ورغم هذا التحسن في مستويات الأسعار والمبيعات، إلا أن نتائج شركات الأسمنت السعودية في الربع الأول من عام 2025 أظهرت تراجعًا في أرباح الشركات المدرجة بالسوق المالية، حيث انخفض صافي أرباح 14 شركة إلى 650 مليون ريال، بتراجع 16% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم ارتفاع صافي المبيعات 5% لتصل إلى 2.9 مليار ريال.
لكن رغم تراجع الأرباح جاء أداء الشركات في الربع الأول في مجمله أفضل من توقعات المحللين، بفضل تحرير الأسعار وزيادة الكميات المبيعة، ما ساعد الشركات جزئيًا على مواجهة ارتفاع التكاليف.
أكد رؤساء تنفيذيون في عدد من شركات الأسمنت السعودية التزامهم بالمساهمة في بناء سوق أكثر كفاءة وتنافسية، وذلك خلال لقاء جمعهم بالرئيس التنفيذي للهيئة العامة للمنافسة فهد بن إبراهيم الشثري.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أسمنت الرياض شعيل العايض، إن قطاع الأسمنت يشهد حاليا ارتفاعا في الطلب جراء تنفيذ المشاريع العملاقة وخاصة في منطقة الرياض التي أصبحت سوقا جاذبة لكل الشركات، متوقعًا استمرار ارتفاع الطلب بنسبة تتجاوز 15% على مستوى منطقة الرياض حتى نهاية العام الحالي.
من جانبه، يرى الرئيس التنفيذي لشركة أسمنت القصيم عمر بن عبدالله العمر أن تقلبات الأسعار، الناتجة عن كثرة المشغلين والشركات في القطاع، تمثل تحديًا يؤثر على أسعار البيع، نظرًا لطبيعة هذا المنتج التي تجعله عرضة لتقلبات متكررة، سواء في السوق المحلية أو العالمية.
وأضاف “التقلبات السعرية تُشكّل عامل ضغط كبيرًا يؤدي إلى تذبذب الأرباح، كما أن سعي الشركات لكسب حصة سوقية يكون غالبًا على حساب الأسعار، وهو نهج غير صحي للسوق،لكن بمرور الوقت سيشهد القطاع نضجًا أكبر، وتصبح المنافسة مبنية على جودة المنتج، وخدمة العميل، وغيرها من العوامل الأخرى”.
وذكر العمر أن نمو الطلب بلغ حوالي 4.4% في 2024، متوقعا أن يُقفل متوسط السعر على نمو في حدود 5.5% خلال عام 2025، مع استمرار ارتفاع الطلب مدفوعًا بتنفيذ عدد من المشاريع العملاقة، لا سيما في مدينة الرياض.
يرى حجاج حسن، مدير وحدة “أرقام بلس” أن قطاع الأسمنت في المملكة يتجه نحو نمو ملحوظ في 2025، مدفوعًا بثلاثة محركات رئيسية تشمل المشاريع الحكومية، ومشاريع الإسكان، والتصدير، متوقعًا أن يرتفع الطلب بشكل واضح مع تسارع تنفيذ مشاريع كبرى مثل إكسبو، وكأس العالم، وحديقة الملك سلمان، ونيوم، خاصة أن تأثير هذه المشاريع عادة ما يظهر بعد عامين إلى ثلاثة من إعلانها.
وأشار إلى أن مشاريع الإسكان بدأت تنتعش نتيجة تراجع أسعار الفائدة وارتفاع عقود التمويل العقاري، مما يعزز الطلب المحلي.