كتب ميشال نصر:
تشهد الايام المقبلة حركة ديبلوماسية ناشطة، بعدما انتظمت الحياة السياسية، مع انتهاء الانتخابات البلدية والنيابية، فيما ينتظر الجميع وصول نائبة المبعوث الأميركي الخاص الى المنطقة، مورغان اورتاغوس، لمعرفة ما ستحمله معها، وسط مخاوف متزايدة من اقدام اسرائيل على توسيع مروحة اعتداءاتها.
ومع تقدم ملف السلاح الفلسطيني الى صدارة المشهد محليا، وفي عواصم القرار الدولي والاقليمي، وبعيد الجولة التاريخية للرئيس الاميركي دونالد ترامب الخليجية، وما افرزته من تداعيات خصوصا على الساحة السورية، عاد الهم الامني ليتقدم على ما عداه في الداخل الاسرائيلي، وسط الخشية من تحول لبنان الى ساحة تصفية حسابات.
اجهاض الحوار؟
مخاوف حركت تل ابيب، متهمة حزب الله من جديد، بالسعي لاستعادة قدراته العسكرية، وتعزيز انتشاره وقدراته في بلدات الجنوب والمناطق المحاذية للحدود، مع ما يشكله ذلك من تحديات امنية متزايدة، ملوحة بتوسيع مناطق احتلالها في الجنوب، محتجة بذلك لتوسيع استهدافاتها كما حصل نهاية الاسبوع الماضي، رغم ان صفحات تابعة للمستوطنين، نشرت معلومات عن ان عملية الخميس – الجمعة، جاءت ردا على اختراق مسيرة لحزب الله الحدود ووصولها الى اجواء حيفا قبل ان تعود ادراجها، رغم ان الاخطر، في الادعاءات الاسرائيلية، هو في تحميل فريق القيادة المركزية الاميركية، المشرف على لجنة وقف النار، جزءا من مسؤولية تلك الشؤون الجوية، التي تتم بغطاء منها، في ظل تقارير اسرائيلية عن عدم القدرة على تدمير شبكة الانفاق والبنى التحتية للحزب.
وتوقعت المصادر ان تشهد الاسابيع المقبلة شد حبال داخليا وخارجيا، محوره السلاح، بعد سلسلة المواقف التي صدرت، عن اكثر من جهة معنية، تزامنا مع تصعيد ميداني اسرائيلي، بدأت بوادره، بهدف اجهاض اي محاولات لفتح قنوات الحوار الداخلي، مستبعدة حصول اي حرب في المدى المنظور، لعدم رغبة الطرفين المعنيين، اقله حتى الساعة.
ورأت المصادر ان كلام امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم الاخير، الذي بنى عليه كثيرون، ليس بجديد، فقد ذكره في اطلالتين سابقتين، «فحزب الله ليس لديه شيء اضافي ليقدمه في موضوع السلاح، الذي يتوقف على ما ستقوم به اسرائيل لجهة، وقف عدوانها، اطلاق الاسرى، وانسحابها من الاراضي المحتلة، مشيرة الى ان «واشنطن تراعي الخصوصية اللبنانية في بعض جوانبها، بطريقة يبقى خلالها لبنان في مرحلة الاستقرار وعدم الفوضى «المشروطين» ، الا ان ذلك لا يعني تفهما أميركيا بالمطلق».
استراتيجية جديدة
على هذه الخلفيات تتقاطع المعلومات، التي تحدثت عنها تقارير ديبلوماسية عديدة، والواردة من أكثر من عاصمة أن الاستراتيجية الأميركية المعتمدة في منطقة الشرق الاوسط قد اتخذت منحى جديدا بعدما انحرفت بشكل متدرج وغير متسرع عما كانت عليه من قبل، وأن هناك معطيات جديدة توحي بأن الرئيس ترامب مصمم على السير بمشروعه في المنطقة بمن حضر.
عليه، اعتبرت المصادر، ان الوصول الى وقف لاطلاق النار في غزة، وفقا للرؤية الاميركية، سيكون له تاثيره الايجابي الكبير في الانسحاب الاسرائيلي من لبنان، لان ذلك سيفتح صفحة جديدة في المنطقة، وان كانت ملامحها غير واضحة بعد، ويصعب التكهن بها، على ما ينقل زوار واشنطن، مؤكدين ان الادارة تعمل على قدم وساق لاتمام هذه العملية.
وبناء على ما تقدم، نصحت المراجع الديبلوماسية بضرورة فهم عناوين الاستراتيجية الأميركية في لبنان والمنطقة نتيجة ما انتهت اليه زيارة ترامب الى المنطقة، لافتة الى أنها لا تخفي ما تريده من جميع الأطراف.
وحول الترتيبات العسكرية الجديدة، من اعادة نشر لفرقة الجليل، على طول الحدود مع لبنان، من مزارع شبعا الى الناقورة، وابقاء الفرقة 210، عملها في قطاع مزارع شبعا امتدادا الى هضبة الجولان، فترى فيه المصادر مجرد اعادة تمركز وتموضع، بعدما استقرت الاوضاع الى حد ما على طول هذا الخط الحدودي، في ظل الخطوات المتخذة من الجانب اللبناني، اذ ان هذا القرار كان مخططًا له منذ عدة أشهر، لكنه كان مرهونًا بثبات الهدوء النسبي على الحدود الشمالية.
توغل وانسحاب
وكانت توغلت فجر الثلاثاء قوة اسرائيلية في اتجاه الداخل اللبناني، قبل ان تعود وتنسحب بعد رفعها عدد من السواتر الترابية، قبل ان يعمد الجيش اللبناني، الى إزالة ساترَين ترابيَّين بعد إقامتهما في بلدتَي بليدا وميس الجبل - مرجعيون من قبل العدو، وفي منطقة كروم المراح شرقي مدينة ميس الجبل.
وفي سياق متابعة عمليات المسح الهندسي في المناطق الجنوبية، عثرت وحدة عسكرية مختصة على جهاز تجسس للعدو الإسرائيلي، مموه ومزود بآلة تصوير في خراج بلدة بليدا - مرجعيون، وعملت على تفكيكه.
زيارة للعراق
وفيما تردد ان رئيس الجمهورية سيقوم نهاية الاسبوع بزيارة الى العراق، حيث ستكون له سلسلة من اللقاءات والاجتماعات، لبحث قضايا مشتركة، يتوقع ان تنجع الجهود في تأمين لقاء بين وفد من حزب الله ورئيس الحكومة «لغسل القلوب» واستيضاح بعض ما ورد في حديثه مع محطة «سكاي نيوز»، بعد الامتعاض الذي اثاره في بيروت، ولدى بيئة الحزب تحديدا، في ظل اجواء التشنج التي خلفتها الهتافات التي رافقت وصول الرئيس سلام الى ارض ملعب المدينة الرياضية، لحضور مباراة الانصار والنجمة.
وفيما يتوقع ان يلتقي رئيس الحكومة بوزير الخارجية السورية على هامش زيارته الاماراتية، علم ان الوزير اسعد الشيباني، سيكون في بيروت قريبا، لبحث عدد من الملفات التي سبق وانطلق النقاش بشانها سابقا، وسط توقعات بتشكيل لجنة مهمتها موضوع النزوح السوري، وآليات تسويته بشكل نهائي.
سلام من دبي
وخلال مشاركته في قمة الاعلام العربي في دبي، أكد رئيس الحكومة أن «لبنان ينهض اليوم من ركام أزماته، فمشروعنا يقوم على تلازم الإصلاح والسيادة التي تستوجب حصرية السلاح، اي ان نتحرّر من ثنائية السلاح التي كانت تؤدي الى ثنائية القرار وضياع مشروع الدولة الوطنية. ورؤيتنا للبنان ليست خيالا، بل مشروع واقعي: دولة قانون ومؤسسات لا دولة محاصصة وزبائنية. دولة سيادة لا ارتهان. دولة قرار لا ساحة صراعات. إننا نريد لبنان الذي يمتلك قراره في السلم والحرب. نريد لبنان متجذرا في هويته وانتمائه العربيين، المنفتح على العالم القادر أن يكون جسر تواصل بين الشرق والغرب».
وكان زار رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان في قصر البحر في أبو ظبي، كما التقى على هامش فعاليات المؤتمر بشيخ الازهر.
ملف التعيينات
في ملف التعيينات علم ان التشكيلات الديبلوماسية سلكت طريقها الصحيح، حيث تم الاتفاق على عدد السفراء من خارج الملاك، فيما تبقى بعض العقبات الاجرائية، التي تحتاج الى التذليل، في ظل قرار الحكومة تفعيل عمل البعثات الديبلوماسية، في عواصم القرار، خلال الفترة المقبلة، خصوصا ان العديد من تلك المراكز شاغرة، او شل عملها بسبب الازمات المتلاحقة في بيروت.
البلديات
وبعد اقفال صناديق الاقتراع في كل المحافظات انتهت معارك البلديات، لتنتقل معها المعارك الى ملعب آخر، ساحته اتحادات البلديات التي لا تخلو من السياسة. انتخابات تختلف هذه الدورة عن سابقاتها، بحسب بعض المراقبين، فلبنان على ابواب استحقاق نيابي بعد عام بالضبط، حيث ينظر الى موقع الاتحادات كمنصة توفر خدمات وامكانات، وتعزز الحضور السياسي والانمائي للمرشحين، رغم اقرار الجميع بان الاتكال هذه المرة على الجهات المانحة، في ظل تعثر الدولة المالي.
هذه المعارك كانت بدايتها من المتن الشمالي، حيث شكا تحالف القوات – الكتائب، من تعرضه للخيانة والغدر، من قبل رؤساء بلديات، وعدوا بالتصويت لمصلحة رئيسة بلدية بكفيا، قبل ان يتراجعوا لمصلحة ميرنا المر، رغم ان الابرز يبقى انتصار «شراكة» المر – الوطني الحر، الذي كرس التحالف الانتخابي النيابي بين الطرفين.
وفي شان بلدي آخر، تستمر الاتصالات بين الاطراف المسيحية، «للملمة الوضع» ورأب الصدع، الذي خلفته معركة نيابة رئاسة البلدية، التي انتهت لمصلحة مرشح القوات اللبنانية، رئيس نادي الحكمة راغب حداد، بعدما كان حزب الكتائب قد اعلن تاييده لمرشحه اليكس بريدي. معركة بين الطرفين فرضتها ظروف الاطاحة بمرشح المطران الياس عودة، ايليا اندريا لمصلحة خرق العميد المتقاعد محمود الجمل، والذي اتهم به انصار الحزبين اللذان عمدا الى «تشطيبه».
استقلالية الهيئة المصرفية
هذا وعقدت اللجنة الفرعية لقانون إصلاح المصارف اجتماعا برئاسة النائب ابراهيم كنعان وفي حضور وزيري المال والاقتصاد ياسين جابر وعامر بساط، وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، ورئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ. وبعد الجلسة تحدّث كنعان فقال «اجتماع اللجنة الفرعية، تخلله نقاش حول المادة 5 التي تتعلّق بتكوين الهيئة المصرفية العليا، مشيرا الى ان «الاقتراح يرمي الى هيئة مستقلة، لا يتم تعيين خبراء فيها من قبل الحكومة، أو ممثلين عن المصارف، وهذا الاقتراح سيبحث لاتخاذ القرار المناسب في شأنه والبت به في الجلسة المقبلة».
تحقيقات المرفأ
قضائيا، وبعد ان انهى المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت، تحقيقاته مع العسكريين والامنيين والسياسيين ( باستثناء النائب غازي زعيتر الى حين انتهاء الدورة العادية للمجلس)، اطلق المرحلة الاخيرة، والاكثر حساسية، من جلساته للاستماع الى زملائه من القضاة، قبل ختم تحقيقاته، وتحويل الملف للنيابة العامة التمييزية، علما ان البيطار ابلغ عبر رئيس مجلس القضاء سهيل عبود كلا من المدعي العام السابق غسان عويدات والقاضي غسان خوري طلب مثولهما امامه والاستماع اليهما بصفتهما مدعى عليهما في الملف، يوم الجمعة، وهو ما يعد سابقة في تاريخ الجسم القضائي لم يشهد لها لبنان مثيلا، وفقا لمصادر قانونية.
وفي سياق آخر، علم ان المحقق العدلي في قضية اخفاء الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه، القاضي زاهر حمادة، باشر تحضير رده القانوني، بالرفض، على كتاب المدعي العام الليبي الذي وصل الى بيروت قبل ايام، والذي طلب فيه تسليم هنيبعل القذافي. وكشفت مصادر متابعة للملف ان طرابلس لم تف بما التزمت به لجهة تسليم الوثائق ومحاضر التحقيقات التي اجريت حول اختفاء الصدر، وهو الشرط اللبناني للافراج عن القذافي، الذي حاول «مساومة» الدولة مشترطا الابداء بما يعلم في حال الافراج عنه.