رأى النائب إلياس جرادي، أن إنجاز الاستحقاق البلدي في مواعيده الدستورية "لم يكن حدثاً استثنائياً جللاً يستدعي هذا الكم من التطبيل والتزمير، بقدر ما كان القاعدة الطبيعية التي يُبنى عليها بشكل دوري، إما تجديد الثقة بالمجالس البلدية في المدن والبلدات والقرى، وإما حجبها عملاً بحق الناس في اختيار الفريق الأكفأ إنمائياً وانطلاقاً من المبدأ الديمقراطي العام: الشعب مصدر السلطات".
وأضاف في حديث لـ"الأنباء": "إحدى أبرز المشاكل في لبنان هي استغلال الأحزاب للاستحقاقات الدستورية لتوظيفها سياسياً بما يتماهى ومصالحها الخاصة، وبالتالي صناعة انتصارات أقل ما يُقال فيها إنها وهمية لا تعبّر لا عن تطلعات السواد الأعظم من الشعب إلى غد أفضل اجتماعياً وإنمائياً وبيئياً، ولا عن دعم العهد في مساعيه لإخراج لبنان من النفق. والدليل ما شهدناه خلال الانتخابات البلدية بمراحلها الأربع، من تحالف هجين بين أضداد في السياسة، قوامه المصالح الحزبية الضيقة، وانقسام عمودي حتى بين الفريق الواحد".
وردّاً على سؤال، قال جرادي: "البذور الجذرية للنهوض بالبلاد لا تكمن فقط في إنجاز الاستحقاق البلدي وأداء المجالس البلدية، بل أيضاً في كيفية مقاربة القوى السياسية، رئاسةً وحكومةً ومجلساً نيابياً، للملفات الوطنية الأساسية وأبرزها: هيكلة المصارف، واستعادة أموال المودعين، وإنجاز الإصلاحات المالية والإدارية، واستقلالية القضاء، وإعادة الإعمار، وتحرير الجنوب... أمور لن تتحقق إلا بتعاضد الفرقاء اللبنانيين من دون استثناء وتوافقهم على كلمة سواء تعيد بناء الهوية اللبنانية، كمدخل رئيس إلى بناء جمهورية حقيقية كاملة الأوصاف".
وتابع: "الجميع دافع عن لبنان، إنما من وجهة نظر مختلفة بين فريق وآخر. لكن أمام المتغيرات الجيوسياسية الحاصلة في المنطقة، لابد من تغيير الوسائل في سبيل الحفاظ على لبنان الـ 10452 كيلومتراً مربّعاً، لبنان الدولة التي وحدها تحمي وتبني".
وتابع: "سحب السلاح من المخيمات الفلسطينية مجرد تفصيل بسيط في مسار إعادة بناء الدولة. إلا أن السؤال الأبرز يتمحور حول سلاح المقاومة، إذ لا يمكن بناء الطابق الأول في العمارة اللبنانية وما فوقه من طوابق، قبل إنشاء القواعد والركائز والأساسات. وهذا يعني أنه علينا كلبنانيين مسؤولين أمام الله والشعب والتاريخ، إعادة بناء الثقة بين مختلف المكونات اللبنانية بما يطمئن كل منها إلى مكانتها ودورها وحضورها في المعادلة اللبنانية، لا سيما بعد سقوط مفهوم المحاور والساحات نتيجة المتغيرات التي شهدها لبنان والمنطقة الإقليمية. وبالتالي، فإن المطلوب من الجميع وقف الخطاب الاستفزازي بما يشجع العودة إلى الدولة".
وعلى صعيد مختلف، وعن مقاربته لقرار المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بوقف التغطية الاستشفائية للنازحين السوريين ابتداءً من شهر تشرين الثاني المقبل، قال جرادي: "قد يكون هذا القرار حلقة جديدة من مسلسل الضغط على لبنان لأهداف لم تعد خافية على أحد، خصوصاً أن الكتلة البشرية السورية المتواجدة على الأراضي اللبنانية لا تشكل فقط عبئاً كبيراً على الاقتصاد اللبناني، إنما أيضاً تؤسس لانفجار اجتماعي كبير في حال استمرارها من دون علاج جذري. من هنا ضرورة انتفاض الدولة اللبنانية على هذا الواقع المأساوي، من خلال البدء بلقاءات جدية بين الحكومتين اللبنانية والسورية، تنتهي أولاً بإعادة السوريين إلى ديارهم، خصوصاً بعد انتفاء أسباب لجوئهم إلى لبنان، وثانياً بترسيم الحدود وضبطها من الجهتين اللبنانية والسورية".