عاجل:

مستنقعات التسويَّة وأوهام الوِدّ! (الحرّة)

  • ٧٠

بقلم: زياد الصائغ

إغتيال معنى التَّسوية بمفهومِها النَّبيل باتَ من عنديَّاتٍ لبنانيَّة. لَيسَت التَّسوية تكريسًا لموازينِ قوى. فِعلُ انعِطافَةٍ إلى ترميمِ الخيرِ العامّ. هي السِّياسَةُ ترتقِي في هذا السِّياق إلى مرتَبَةِ الشَّرف. نذالَةُ تطويعِها لخِدمَة مواقِع نفوذ وباء. حين تُخاطِبُ الشرعيَّةُ بحِكمَة هادِئة اللَّاشرعيَّة نكونُ بإزاءِ بَلْوَرة مسارٍ إنقاذيّ. بَلْوَرَةُ المسار الإنقاذيّ لا تعني تطبيعًا مع الانتِهاك والاستِباحَة. إنتِهاكُ الدَّولةِ واستِباحتُها يواجَهُ بالدُّستور. مَرَاهِمُ المستنقعات التسويَّة أنتَجَت تفاهُماتٍ هجينَة في المُقايَضة، والمُسَاومة، والتَّهويل، والتَّحريض. هجينة في مُخَيَّلةِ البعضِ المُعتَادِ على الاستِقواء والابتِزاز هنا وثمَّة.

إغتيالُ معنى التَّسويَّة لا يقتصِرُ حصرًا على التَّطبيع مع قِوى اللَّاشرعيَّة. يقُومُ حتَّى في تبريرِ مَنْحِ هذا أو ذاكَ مواقِعَ باسْمِ الحِرصِ على التَّوازُن. التَّوازُن خيارٌ سليم شَرطَ أن لا يَنسَاق لمُحاصصةٍ وزبائنيَّة. التَّوازُن يستقي قُوَّتَهُ من معايير الكفاءَة والنَّزاهة والخُبرة مقرونَةً بتاريخٍ أبيَض. التَّاريخُ الأبيض لا يحتمِلُ مُهَادناتٍ أو التِفَافات. المُهادنات والالتِفافات يُتقِنُها من يَسعَون إلى إرضاء الكُلّ. إرضاءُ الكُلّ من سذاجَةٍ باهِتَة. إحتَرَفَ البعضُ المتمكِّنُ هذه المُعَادلة ليُثَبِّتَ وُجودَهُ على حِساب الحَسْمِ الواجِب. الحَسْمُ الواجِبُ يؤمِّنُ الانتِقال إلى هيبةٍ مفقودة. إلى الدَّولة الفعليَّة. دولة المواطنة السيّدة الحرّة العادلة المستقلَّة.

مردُّ الهيبة المفقودة الإصرارُ على سرديَّاتٍ هشَّة. هشاشتُها من نواةِ الاستِرسال في التَّخفيف من وقعِ التَّجاوزات. التَّخفيف تواطؤ. إمتهانُ التواطؤ باسْمِ إبْعَادِ كأسِ فَرْضِ القانون بالقُوَّة تذاكٍ مؤذٍ. أذِيَّةُ المومنتوم التَّغييريّ الرَّاديكاليّ يُسوِّفُ الفُرَصَ النَّادِرَة. التَّسويف رِهانٌ على شراء الوقت. ترقُّبٌ لتفاهُمَاتٍ من وراء الحُدُود. الوَقْتُ مع التَّفاهُمات لا يُمكن أنْ يَصنَعا بُنًى دولتيَّة. البُنى الدَّولتيَّة رَهْنٌ بِفَهْمِ طبيعة التحوُّلات الجيو ـ سياسيَّة. وَقْفٌ على مواكبة ديناميَّة إطلاقِ منظومَةِ أمن قومي-وطنيّ. هذه الدّيناميَّة تفترِضُ مقوِّمات من خارِج الصُّندوق. إعتماد المنهجيَّات نفسِها مع الوسائل عينها يؤدّي النَّتائج الكارثيَّة السَّابِقَة.

صَونُ الودِّ السِّياسيّ بمعزِلٍ عن الحَزْمِ في حصريَّة الشرعيَّة مَتَاهَة. دُعاةُ الودِّ هذا من بوَّابة منع انهياراتٍ بالإبتِزاز يتناسَوْن المشهديَّات التي نَهَشت لَحْمَ الدَّولة بنَهَم. حتَّى إنَّ الدُّستور أُحِلَّت مكانَه أعرافُ خبيثة. أولَيْسَ الضميرُ الوطنيّ أفْعَلَ من الودِّ السِّياسيّ؟ بنيتُه الأخلاقيَّة تستطيع حياكَة التَّلاقي على القِيَم المشتركة والمصالح المُتقاطِعَة. تصديرُ التوتُّرات نهجٌ من زمنٍ ولَّى. عسى يَقْنَعُ الغارِقون في مستنقعاتِ التسويَّة أنَّ الوِدَّ المبنيّ على أحقادٍ أيديولوجيَّة إعدادٌ حتميّ لتصدُّعٍ ما. الإتِّعاظُ من التَّجارب قِمَّةُ الحِكْمَة. لُبنان مكشوفٌ على كُلِّ الاحتِمالات. مصيبَةُ الاحتِمالات غياب تطبيق الدُّستور وتدمير الحوكمة الرّشيدة، مع ولاءَاتٍ مهتزَّة.

المنشورات ذات الصلة