عاجل:

وزير المالية السعودي لـ“فايننشال تايمز”: سنراجع أولويات الإنفاق في ظل هبوط أسعار النفط

  • ٣٩

تواجه السعودية ضغوطًا متزايدة فيما يتعلق بالإنفاق الحكومي على أجندة مشروعاتها العملاقة في ظل الانخفاض المستمر لأسعار النفط، ما يضع المملكة بين مطرقة اللجوء إلى أسواق الدين والاقتراض لتوفير التمويل اللازم، أو تقليص الإنفاق العام، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على جهود المملكة الرامية إلى تنويع الاقتصاد.

يقول وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، إن المملكة ستستمر في وتيرة الإنفاق الحكومي الحالية رغم العجز في الميزانية، لكنها ستراجع أولويات الإنفاق وتقييم المشاريع التنموية خلال فترة انخفاض أسعار النفط.

وتهدد الانخفاضات المتواصلة لأسعار الخام، بمحو عشرات المليارات من الدولارات من إيرادات المملكة النفطية، التي تعتمد عليها بشكل كبير في تمويل مصروفات الميزانية، إلى جانب تراجع متوقّع في توزيعات أرباح شركة أرامكو العملاقة، المملوكة للدولة.

وأضاف وزير المالية السعودي في تصريحات لصحيفة “فايننشال تايمز”، إلى أن الأزمة الحالية المتمثلة في انخفاض أسعار النفط وعدم اليقين في الأفق العالمي توفر للمملكة “فرصةً للتقييم وإعادة النظر” في خططها المالية.

استعانت الحكومة السعودية بتمويلات من خارج الميزانية في تنفيذ برنامج “رؤية 2030″، لكنها اضطُرت للإنفاق على مشاريع بنية تحتية ضخمة مرتبطة بالرؤية التي تهدف إلى فك ارتباط الاقتصاد بما وصفته بـ”إدمان النفط”.

يعد الهدف الأساسي لدى السعودية حاليًا هو تجنب الوقوع في “فخ التقلبات الاقتصادية بين الازدهار والانكماش”، بحسب وزير المالية، الذي كشف أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي “سيعيد ضبط” استراتيجياته بما يتناسب مع المتغيرات الحالية.

وتوقّع نيل كويليام، الزميل في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعهد “تشاتام هاوس” في لندن، أن تؤدي أسعار النفط المنخفضة إلى إعادة ترتيب أولويات المشاريع الكبرى، وترشيد إضافي للإنفاق في السعودية، ومراجعة الجداول الزمنية للتنفيذ، وتقليص القوى العاملة في المشاريع.

يرى كويليام، أن الحكومة السعودية على الأرجح تعتبر أن المخاطر قصيرة الأجل الناتجة عن انخفاض الأسعار، تستحق العائد طويل الأجل، مشيرًا إلى أن المملكة تتمتع بنسبة دين منخفضة إلى الناتج المحلي وثقة قوية من المقرضين.

سجلت الميزانية السعودية في الربع الأول من العام الجاري عجزًا للفصل العاشر على التوالي، نتيجة لاستمرار توجه المملكة نحو التوسع في الإنفاق، حتى في ظل تراجعت الإيرادات نتيجة ضغوط سوق النفط العالمية، والتزام المملكة بخفض الإنتاج الذي تعهدت بها ضمن تحالف “أوبك+”.

وأظهرت بيانات وزارة المالية السعودية، تسجيل عجز بلغت قيمة 58.7 مليار ريال في الربع الأول من العام الجاري، ويعد هذا العجز هو الأعلى منذ الربع الثالث من عام 2022.

يأتي هذا العجز مع تراجع إنتاج السعودية من النفط بنسبة 1% إلى 8.95 مليون برميل يوميًا بحسب منظمة أوبك، كما تراجعت أسعار خام “برنت” 15% خلال الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من 2024.

ولفت وزير المالية إلى أن اتساع عجز الميزانية ليس مصدر قلق طالما أن الإنفاق الحكومي يدعم النمو في القطاعات غير النفطية، موضحًا أن حماية الاحتياطيات الأجنبية والحفاظ على تكاليف دين “معقولة” قد يؤديان إلى تباطؤ في الإنفاق الحكومي.

نفى الجدعان وجود أي سيناريو قد يجعل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تقترب من سقف الوزارة البالغ 40%، مضيفًا “لست قلقًا بشأن اتساع العجز ليصل أحيانًا إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، ما دام الإنفاق الحكومي يدعم النمو غير النفطي، وهو مقياس رئيسي لخطط التنويع الاقتصادي”.

وذكر أن السعودية ستستغل هذه الفترة لتقييم كيفية إدارتها لمجموعة واسعة من خطط التنمية، مشددًا على أن الاقتصاد السعودي في وضع جيد.

وأكد الجدعان في تصريحات لصحيفة “فايننشال تايمز” أن السعودية تدرك أهمية ألا تسير في اتجاه مُواكب للدورات الاقتصادية، بل تتحرك في اتجاه مُعاكس لها، مضيفًا أن المملكة تحرص على الإنفاق لدعم النمو، بدلًا من العمل على موازنة الحسابات فقط.

وأوضح أنه قد يكون هناك عجز أكبر من المتوقع في الميزانية، ولكنه ليس كبيرًا، لافتًا إلى أنه لا يزال هناك متسع كبير في الاحتياطيات المالية السعودية، واحتياطيات أجنبية وفيرة، واحتياطيات حكومية كبيرة.

وتوقع الجدعان أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي عند نسبة 4.6% خلال العام الحالي، مدفوعا بالأنشطة غير النفطية، مشيرًا إلى تحقيق العديد من الأهداف، والأهداف الأخرى في الطريق لتحقيقها، ما يعطي ثقة للحكومة.

المنشورات ذات الصلة