عاجل:

مورغان أورتاغوس المتورطة عاطفياً بلبنان… هل تقول وداعاً؟ (النهار)

  • ٤٩

كتب جهاد بزي:

لم ينسَ اللبنانيون بعدُ الدخولَ العنيف لمورغان أورتاغوس إلى بلدهم قبل بضعة أشهر. يومها بدت السيدة الأربعينية أقرب إلى المرأة الخارقة ووندر وومن في القصص المصورة منها إلى سياسية ومبعوثة بلادها الرسمية إلى لبنان.

ذاك الدخول كان مدروساً بشدّة، من نجمة داوود الألماسية في يدها، إلى شكرها عدو البلد الذي تقف في مقره الرئاسي على عدوانه الأخير ضده. دخول لإثبات الهيبة والحزم الأميركيين الترامبيين، يأتي بلمسة مضافة من إعلامية وملكة جمال سابقة تعرف كيف لا يكون مرورُها بلا أثر يُذكر، بلا استعراض خاوٍ في المضمون، وإن كان كثير البهرجة في الشكل.

أورتاغوس الجديدة على اللبنانيين حينها، لم تختلف قط عن أورتاغوس نصف المخضرمة على سلالم السياسة الأميركية. هي نفسها بثقتها الزائدة بالنفس واعتدادها برأيها وبقدرتها على التعبير عنه بأكثر الأساليب مباشرة وصراحة، من دون خوف لا من صوابية سياسية ولا من الاتهام بأي نوع من أنواع الفوبيا. فتاة أميركية مئة في المئة. فخورة بالمحافظة على القيم الأميركية التقليدية من حبّ العائلة والمجتمع وتقديس عاداتهما، إلى الانغماس في متاهات "الشرق الأوسط" بعد 11 أيلول/سبتمبر.

هذه الشخصية المُتفق على "قوتها" توصف أيضاً بأنها صلفة. أما إذا كانت مَن تشخّصها يمينيةً مطلقة الولاء لدونالد ترامب، مثل لورا لومر، فستصير مورغان أورتاغوس "أفعى"، تتلوّى لنيل عطف ترامب، هي التي هجته حين ترشّح أوّل مرة، ووصفته بالمثير للاشمئزاز، ثم عملت في واحدة من إداراته خلال ولايته الأولى، لتعود فتدعم منافسته نيكي هايلي في الانتخابات التمهيدية الأخيرة.

ومع ذلك، فقد وافق ترامب على أن تكون نائبة مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مع تمنينها بأنها لم تكن خياره، وإنما لحبّ الحزب الجمهوري لها، ومشكّكاً بقدرتها على أداء العمل الذي أوكله إليها، قائلاً "سنرى"، بدلاً من عادته في كيل المديح لمساعديه وتأكّده من نجاحهم في وظيفتهم المقبلة.

وأورتاغوس سرعان ما لسعها دبور السياسة اللبنانية، فظنت أنها ستبقى في مهمتها إلى الأبد، وبدت قاب قوسين أو أدنى من الانطلاق في استخدام مصطلحات قاموس السياسيين اللبنانيين في عراكهم الأبدي. ولم توفّر فرصة لتعلن أنها منخرطة في الشأن اللبناني إلى درجة الدخول في معركة تهكم غير متكافئة مع وليد جنبلاط، المتمرّس في هذه الألعاب منذ نعومة أظفاره.

آخر تعليق لها على الشأن اللبناني كان عبر إعادة تغريد منشور على منصة "إكس" لحساب شخص يُعرّف عن نفسه بأنه "يهودي صهيوني أرثوذكسي"، نقل فيه كلامَ الرئيس نواف سلام عن أن إيران لم تعد تريد تصدير الثورة، وأن السلاح خارج الدولة ممنوع. لكنها تصل إلى المنطقة الآن، وقد سبقتها الأخبار عن أن زيارتها ستكون وداعية، بعد تسريبات عن نية ترامب إعفاءها من مهمتها، ومعها مسؤولان آخران هما الإسرائيلية الأميركية ميراف سيرين (الملف النووي الإيراني)، وإريك تراغر (الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا).

الإعلام الإسرائيلي أشار إلى قلق المسؤولين بسبب هذه التغييرات التي ترتبط بحسبهم بمحاولة الولايات المتحدة تليين قبضتها في المفاوضات مع إيران. لن تحل حمائم بالضرورة محلّ هؤلاء الصقور، لكن اللغة قد تتغير، على الأقل في حالة مورغان أورتاغوس التي تفاخر بأنها إسرائيلية أكثر من الإسرائيليين. لكن سحب لبنان من يدها إذا ما تم، فسيكون إعلاناً لا غبار عليه من رؤسائها المباشرين، ومن الرأس الكبير خلفهم، أنها فشلت في مهمتها. أي منصب آخر ستتولاه لن يعوّض هذه الوصمة في مسيرتها السياسية الواعدة، كما لن يسدّ الفراغ الذي سيتركه انفصالها عن البلد الصغير الذي يجيد توريط الجميع به عاطفياً، إلى حدّ العجز عن التمييز بين السياسة والمشاعر، وارتكاب الأخطاء المميتة، تلك التي لا يمكن إصلاحها بعد ذلك، إن بالشكل أو بالمضمون.


المنشورات ذات الصلة