يشعر السفير الأميركي السابق ديفيد هيل الذي زار بيروت قبل أيام بـ"إيجابية حيال لبنان أكثر من المعتاد".
وفي حديث لـ "النهار" قال هيل: "لمست وجود "مجموعة من وجهات النظر، لكنني أعتقد أن الجميع يركزون على مشكلة نزع سلاح حزب الله. الولايات المتحدة وإسرائيل تتوقعان التحرك السريع لتنفيذ اتفاق وقف النار، وقد كان الأمر أبطأ مما يأمل الناس".
وأضاف: "هذا لا يعني أن الفرصة قد ولّت. يجب أن نتذكر أن المنطقة بأكملها تتجه نحو السلام. لا ينبغي ترك لبنان خلفنا. لذا، من الخطأ حقًا الخوض في نقاشات حول متى وكيف وأين؟ اتفاق وقف النار يتطلب نزع سلاح حزب الله. هو وافق على نزع السلاح".
وتابع: "لا أحد يطلب من الجيش استخدام بنادقه وإطلاق النار، ليس فقط في جنوب الليطاني، بل البدء من الجنوب من دون انتظار الانتهاء من الجنوب. واضح أن الإسرائيليين في حاجة إلى الإيفاء بالتزاماتهم ويجب أن يعملوا على ذلك، لكن صبرهم بدأ ينفد، وهم يحاولون توجيه رسائل إلى القيادة هنا، كما حدث قبل أيام، مفادها أنه إذا لم تفعلوا ذلك، فلا يزال الأمر متاحا".
وبشأن سلاح حزب الله لفت الى أن "حزب الله" وافق بنفسه على نزع سلاحه وتساءل: "لمَ الانتظار؟ ولمَ يحاول التفاوض مع اللبنانيين وإبطاء العملية؟ لن ينجح هذا لأن الإسرائيليين، سواء أردنا أو لا، سيتولّون الأمور بأيديهم".
وعن جدية المسؤولين في لبنان إزاء ذلك يقول: "أعتقد أن المسؤولين اللبنانيين جادون. لا أرى أي مسار عمل آخر واقعي بديل من نزع السلاح سوى الاستمرار في الوضع الراهن. لا أعتقد أن الإيرانيين يستطيعون العودة بسبب التغيير في سوريا، ولكن لا يزال هناك ما يكفي من الأسلحة لدى الحزب لزعزعة الاستقرار، مع احتمال أن يظل الإسرائيليون خائفين فيهددون باتخاذ ما يرونه مناسبا ويعود سيناريو الحرب".
وأكد هيل "توافر الكثير من الطرق للتعامل مع الوضع خطوة خطوة". ويضيف: "أتذكر اتفاق الطائف. كنت هنا، وجميع الميليشيات الأخرى وافقت على نزع سلاحها، الجيش لم يذهب ليطالب بنزع السلاح. لقد سلموا أسلحتهم طوعا للدولة أو للسوريين. هذا ما يجب أن يحدث الآن".
وفي سؤال حول سبب التأخير قال: "هو استمرار حالة عدم اليقين في شأن معادلة القوة في الشرق الأوسط. فهناك من يرى مفاوضات إيرانية - أميركية ويقول "انتظروا وانظروا". هذا خطأ. لن تعيد الولايات المتحدة القوة إلى إيران، ولا أرى أن من مصلحة لبنان الانتظار والترقب. الأمر الآخر هو أنني متعاطف مع مشكلة خوف الكثير من الناس من العودة إلى الحرب الأهلية. لذا يجب أن يكون هناك نهج سياسي ومسار لبناني لمعالجة الأمر وطمأنة المجتمع الشيعي إلى أنه ليس مهددا بعد الآن، والجيش اللبناني وليس حزب الله هو الذي سيدافع عنه".
ويشير إلى "أن هناك الكثير من المحادثات الجارية لاضطلاع الولايات المتحدة بدور في آلية إنهاء التوتر. إذا شعر الإسرائيليون بأنهم لا يستطيعون إعادة مواطنيهم إلى الشمال، فقد يكون ذلك أحد المبررات للبقاء في النقاط الخمس. وهذا منطلق لكيفية البدء بمعالجة مخاوفهم الأمنية. الأمر يعود إلى الجيش. أعلم أنه يقوم ببعض العمل، ولكن يجب أن يكون العمل قابلًا للقياس وحقيقيًا ويتحرك في أسرع ما يمكن من الناحية العملية. أفهم أيضًا أن الأمر معقد سياسيًا، لكن حزب الله نفسه وافق على القيام بذلك. نحن لا نطلب منه أن يفعل شيئًا لم يوافق عليه".
ويرى هيل أن "الوقائع تُؤخر التعافي الاقتصادي، وترى جهات مختلفة أن وقف النار بات مستقراً فعلياً. قد يكون هناك بعض الدعم الإنساني، ولكن ليس الدعم القوي. لا أعتقد أن هذا شرط، ولكن الحقيقة أنه يتم التطلع إلى أكثر من مجرد إنهاء وقف النار. إذا أردنا تنمية اقتصادية حقيقية وقوية، فإن ذلك يتطلب شيئاً مثل السلام بين إسرائيل ولبنان. أعلم أن هذه الكلمة تُعدّ من المحرمات الكبيرة، وأفهم تاريخ لبنان. لقد فقدنا الكثير من الأرواح والكثير من المشاعر، ولكن نعمل لتجاوز الماضي وتجنب الحروب المستقبلية والمساعدة في تنمية البلاد. لن يكون الإيرانيون هنا لتقديم المساعدة، وهناك جهات أخرى ترغب في ذلك، لكنها في حاجة إلى رؤية بيئة أكثر استقرارا".