عاجل:

هل أصبحت اليونيفيل و«لجنة الإشراف» لزوم ما لا يلزم؟ (اللواء)

  • ١٩

كتب غاصب المختار:

انفتح سجال سياسي حول التجديد لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان بعد نهاية ولايتها أواخر شهر آب المقبل، وسط تسريبات إسرائيلية عن السعي لتعديل مهامها وعن رفض الإدارة الأميركية التجديد لها، مقابل نقاش داخلي لبناني أيضا عن تقاعس لجنة الإشراف الخماسية المولجة متابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 ووقف العدوان وانسحاب الاحتلال من القرى والنقاط الجنوبية المحتلة.

إسرائيل تواصل الاعتداءات على لبنان بحجة عدم نشر الجيش في كامل قرى الجنوب الحدودية وعدم قيامه بواجباته، لكنها في الحملة على قوات اليونيفيل الدولية تؤكد إن الجيش قام بإنجازات كبيرة على طريق تنفيذ القرار ١٧٠١ وإزالة المظاهر والمراكز العسكرية لحزب الله، وبشهادة لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وأيضا بشهادة اليونيفيل، ما يحمل التناقض والأكاذيب في الحجج الإسرائيلية.

ويبدو ان إسرائيل تريد إبعاد الشهود الدوليين عن تفاصيل اعتداءاتها، وتستخدم صمت لجنة الإشراف والموقف الأميركي الداعم غطاءً لاعتداءاتها وممارساتها الاستفزازية غير المبررة إطلاقاً. وتقوم بمنع الجيش من استكمال انتشاره، وفي الوقت ذاته تعمل على إلهائه «بخبريات» كاذبة كل فترة عن وجود معدات قتالية واسعة وذخائر في هذا المبنى أو ذاك بالضاحية الجنوبية أو غيرها في قرى الجنوب، ويتبيّن ان لا صحة لها.

ومن منظور الكيان الإسرائيلي فإنّ مهام قوات اليونيفيل الحالية باتت «لزوم ما لا يلزم»، لذلك تسعى عبر الإدارة الأميركية والأمم المتحدة إما لتعديل مهامها لتصبح قوة عسكرية ضاربة بخدمة أهدافها العسكرية والسياسية ولترييح جيشها وطمأنة مستوطنيها في شمال فلسطين المحتلة، وأما لسحبها من الجنوب واستبدالها بقوة ضاربة متعددة الجنسيات تدعمها أميركا للخلاص من أي عنصر قوة يمكن أن تواجه الاحتلال مستقبلاً في حال طال أمد الاحتلال.

وبالنسبة للبنان أظهرت وقائع الأشهر الماضية، ان قوات اليونيفيل تقوم بعملها بالتنسيق مع الجيش اللبناني وتراعي ظروف لبنان وحساسية الوضع السياسي الداخلي فيه، برغم بعض الثغرات والهفوات أحياناً، والتي تسبب إشكالات مع أهالي القرى الجنوبية لأنها حسب قول الأهالي تقوم بدخول وتصوير أماكن خاصة ليست من ضمن نطاق عملها، ومن دون مرافقة دورية من الجيش اللبناني بحجة ان عديد الجيش في الجنوب غير كافٍ، بينما عندما يحصل أي اشكال مع الأهالي تحضر دورية كبيرة من الجيش لفض الاشكال، وكان من باب أولى أن ترافق دورية اليونيفيل دورية صغيرة للجيش من 3 عناصر أو حتى عنصرين، لتبيان التنسيق القائم لا سيما في دخول القرى والأماكن الخاصة.

لكن بدا ان مشكلة لبنان مع لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار أكبر بكثير من الاشكالات البسيطة التي تحصل بين اليونيفيل وأهالي الجنوب والتي يجري حلّها بسرعة وسهولة، ولجنة الإشراف باتت بنظر لبنان ولا سيما الجنوبيين من شعبه «لزوم ما لا يلزم» أيضاً، خاصة انها تفتقر الى آلية واضحة وعملية ومؤثرة لوقف الاعتداءات والخروقات والانتهاكات الإسرائيلية اليومية، بل انها تغض النظر عنها واستغنت عن الاجتماعات الدورية المفروض أن تعقدها لمواكبة الاعتداءات ووضع حدٍّ لها، لا سيما بوجود الجنرال الأميركي المقيم في لبنان مايكل ليني وأمامه الجنرال الأعلى جاسبر جيفرز، حسبما أعلنت السفارة الأميركية، وباتت مهمتها تنفيذ طلبات إسرائيل حرفيا، وباتت أشبه بساعي بريد ينقل رسائل إسرائيل وطلباتها وشروطها للانسحاب الى لبنان، ولا تقوم بما يلزم حسب طبيعة تفويضها ومهامها لوقف العدوان وإلزام إسرائيل بالانسحاب.

لذلك يطلب لبنان تمديد ولاية اليونيفيل بلا شروط أو تعديل، ويطلب تفعيل عمل لجنة الإشراف، بل بات لبنان يعتمد على قوات اليونيفيل أكثر من لجنة الإشراف لوقف العدوان الإسرائيلي والخروقات أكثر مما يعتمد على لجنة الإشراف المسمّاة «ميكانيزم». علماً ان رئيس اللجنة الجنرال الأميركي الجديد ليني سبق وتعهد عند وصوله الى لبنان «بتفعيل عمل اللجنة»، ومن وقتها غاب عن السمع والنظر وكأنه غير موجود تاركاً إسرائيل تفعل ما تشاء، بينما ان الجانب اللبناني هو الذي يبادر للاتصال باللجنة طالباً وقف إرسال التهديدات المعززة بخرائط لهذه المنطقة أو ذاك المبنى ومنع الغارات الإسرائيلية عليها، لكن لا حياة لمن تنادي، وهو الأمر الذي أثار إستياء رئيس الجمهورية جوزاف عون وعبّر عن استيائه بموقف علني واضح بعد العدوان الأخير الواسع على الضاحية الجنوبية ووضعه برسم الإدارة الأميركية.


المنشورات ذات الصلة