في أحدث موجة من الضربات وأكثرها شدة وتوسعاً، استهدفت موجة من الصواريخ الإيرانية اليوم الاثنين عدة مناطق في تل أبيب، حيث تعرّضت لهجوم صاروخي إيراني على دفعتين، مخلفا دمارا كبيرا وقتلى وجرحى في مناطق بينها تل أبيب وحيفا، وقاعدة نيفاتيم الجوية ، في حين قالت مصادر إيرانية إن الصواريخ المستخدمة تكتيكية ومزودة برؤوس شديدة الانفجار.
فيما طالت الضربات الإيرانية أيضا مناطق بالقرب من مصنع الأمونيا في ميناء حيفا، ومحطة كهرباء حيفا. ما أدى إلى وقوع عدة إصابات، حسبما أعلنت هيئة البث "الإسرائيلية".
بدورها أكدت شركة "أمبري" البريطانية للأمن البحري أن القوات الإيرانية شنت هجوما بالصواريخ الباليستية على البنية التحتية لميناء حيفا. وأشارت إلى رصد حرائق عند محطة للطاقة قرب ميناء المدينة. وذكرت إذاعة الجيش "الإسرائيلي" أن خطوط الأنابيب وخطوط النقل في مصفاة حيفا تضررت جراء الهجوم الصاروخي من إيران.
ووفقا لوسائل إعلام إيرانية، فإن طهران استخدمت صواريخ "عماد" و"قدر" و"خيبر شكن" في القصف الإيراني الليلي، الذي طال أهدافا شمال "إسرائيل" ووسطها وجنوبها.
ما أهمية ميناء حيفا؟
يُعتبر ميناء حيفا هو الميناء الرئيس والأهم في "إسرائيل"، وواحد من أكبر موانئ شرق البحر الأبيض المتوسط. يمثل الميناء بوابة "لإسرائيل" على العالم وله أهمية اقتصادية وأمنية واستراتيجية بالغة.
ويُعد ميناء حيفا مركزًا تجاريًا وصناعيًا رئيسيًا، حيث يشهد نشاطًا تجاريًا وصناعيًا على مدار العام. يتعامل الميناء مع كميات كبيرة من البضائع، مما يجعله محورًا هامًا في الاقتصاد "الإسرائيلي".
موقع الميناء
يقع ميناء حيفا على الساحل الشمالي الغربي لفلسطين المحتلة، عند الطرف الجنوبي لخليج حيفا المطل على البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من "قاعدة ستيلا ماريس"، وهي موقع عسكري إسرائيلي للرصد والمراقبة البحرية يطل على ميناء حيفا وخليجها.
ويوجد الميناء في خليج طبيعي عميق ومحمي نسبيا بفضل السفوح الشمالية لجبل الكرمل، وتحيط به شبكات مواصلات برية (طرق سريعة وسكك حديد) تربطه بالمناطق الداخلية في إسرائيل، وذلك يجعل منه بوابة تجارية رئيسية تنفتح منها آسيا على أوروبا عبر المتوسط.
المساحة
يمتد الميناء على مساحة واسعة تقدر بـ6.5 كيلومترات مربعة، ويغطي 3 كيلومترات على شاطئ مدينة حيفا، ويضم أرصفة ومحطات للحاويات، ومنشآت عسكرية وصناعية عدة، مما يجعله ذا أهمية إستراتيجية.
تاريخ الميناء
يعود تاريخ ميناء حيفا إلى منتصف القرن 18، حين كان مرفأ صغيرا في عهد الأمير "ظاهر العمر الزيداني" (1695-1775) الذي استخدمه لنقل البضائع إبان سلطته المحلية للمنطقة الممتدة بين حيفا وصيدا، تحت حكم الدولة العثمانية، مستفيدا من موقعه الطبيعي في خليج محمي على البحر الأبيض المتوسط.
ومع بداية الانتداب البريطاني على فلسطين في عشرينيات القرن العشرين، عملت السلطات البريطانية على توسيع الميناء، وربطه بشبكة السكك الحديد وبخط أنابيب النفط الممتد من مدينة كركوك في العراق إلى حيفا، الأمر الذي جعل منه مركزا لتصدير النفط نحو أوروبا.
وعقب إعلان قيام "إسرائيل" عام 1948، انتقلت إدارة الميناء إلى السلطات الإسرائيلية التي واصلت تطوير بنيته التحتية. وشهدت العقود التالية توسعة الأرصفة، وبناء مرافق مخصصة للبضائع والحاويات، إضافة إلى تحديث أنظمة المناولة والربط مع شبكة المواصلات الداخلية.
تحول الميناء في العقود الأخيرة من القرن العشرين إلى منشأة صناعية وتجارية كبيرة، فأصبح أحد أكبر الموانئ في شرق البحر الأبيض المتوسط، ليضطلع بدور محوري في الاقتصاد الإسرائيلي عبر استيراد البضائع وتصديرها وارتباطه المباشر بالأسواق العالمية.
خصخصة الميناء
في مطلع عام 2023 خصخصت الحكومة "الإسرائيلية" ميناء حيفا، وفوضته مقابل 1.15 مليار دولار إلى مجموعة تتألف من شركة موانئ "أداني" الهندية وشركة "سديه غادوت" الإسرائيلية، ويستحوذ الشريك الهندي على ثلثي أسهم الميناء، بينما تمتلك الشركة الإسرائيلية الثلث.
أهميته الإستراتيجية
يستمد الميناء أهميته الإستراتيجية لدولة الاحتلال "الإسرائيلي" من عوامل عدة:
1-يقع في خليج حيفا عند الطرف الجنوبي، محاطا بجبل الكرمل، وذلك يوفر له حماية طبيعية من الرياح والأمواج، ومن ثم لا يعرف الميناء توقفات كبيرة قد يسببها تقلب الظروف الجوية.
2-يشكل بوابة بحرية لإسرائيل نحو الأسواق الأوروبية، ومحطة مهمة في ممرات التجارة العالمية الجديدة، ضمن مبادرة "ممر الهند–الشرق الأوسط-أوروبا" التي تهدف إلى ربط جنوب آسيا بأوروبا عبر الخليج وإسرائيل (مشروع أميركي منافس لمبادرة الحزام والطريق الصينية).
3-يتوفر على تجهيزات متقدمة تشمل أرصفة للحاويات ومنشآت تخزين، وخطوط سكك حديد تربطه مباشرة بالداخل "الإسرائيلي"، مما يجعله نقطة توزيع رئيسية للبضائع الواردة والصادرة.
4-كما يحتضن منشآت أمنية وعسكرية يستغلها الاحتلال في عملياته العسكرية، وترسو فيه بوارج وغواصات حربية، الأمر الذي يجعله مضطلعا بدور محوري في "الأمن القومي الإسرائيلي".
5-ويضم مصانع وشركات كبيرة في مجالات متعددة، لا سيما في الصناعة البتروكيماوية، مما يجعل منه مرفقا حيويا للاقتصاد الإسرائيلي.
6-يرتبط بشبكات أنابيب الغاز والنفط، وتستخدمه "إسرائيل" لتصدير المواد الكيماوية ومنتجات الطاقة، وذلك يجعله محورا في إستراتيجيتها لتسويق مواردها في شرق المتوسط.
محطة كهرباء حيفا
هي إحدى أبرز محطات توليد الطاقة في شمال "إسرائيل"، تعمل بالوقود الأحفوري بقدرة إنتاجية تصل إلى 1022 ميغاواتا، مما يجعلها ركيزة أساسية في شبكة الكهرباء الوطنية، إذ تزود مدينة حيفا والمناطق المحيطة بها باحتياجاتها من الكهرباء، وخصوصا المجمعات الصناعية الكبرى.

