عاجل:

طائرة الـ"F-35": "شبح" إسرائيل الجوي... كيف أسقطتها إيران؟

  • ٣٩

أعلنت "القوات المسلحة الإيرانية"، في 13 حزيران 2025، إسقاط مقاتلتين إسرائيليتين من الجيل الخامس طراز «F-35» أثناء غارات جوية على الأراضي الإيرانية، لكن هذا كان مدوياً بالنسبة إلى إسرائيل التي تعتبر هذا الطراز من الطائرات المصنعة أميركياً عصيّاً على السقوط.

طائرة الـ"F-35" المعروفة بـ"الشبح" تسللت بالفعل إلى الأراضي الإيرانية، وهو أمر "غير مسبوق"، ولعل إسرائيل اختارت هذا الطراز لأن عملية في عمق إيران تحتاج إلى طائرات أكثر تطوراً من "F-15" و"F-16"، اللتين تفتقران إلى التقنيات الرادارية الحديثة، ولا تنجح في استخدام قنابل "السقوط الحر» التي تحتاجها إسرائيل في حربها ضد إيران.

ما هي طائرة الـ "F-35"

بحسب مركز "Defense Security Cooperation Agency" فإن مقاتلة "F-35" التي تصنعها شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية، تعد من أبرز المقاتلات المتعددة المهمات في العالم، إذ تنتمي إلى الجيل الخامس من الطائرات الحربية، وتتميّز بقدرات شبحية تُمكّنها من التخفي عن الرادارات.

يبلغ طول الـ"F-35" نحو 15.7 متراً، وارتفاعها 4.33 أمتار، وتصل سرعتها إلى نحو ألفي كيلومتر في الساعة، وتستخدم في جميع قطعات الجيش.

وتستطيع طائرة الـ"F-35" التحليق لمسافات بعيدة من دون الحاجة إلى التزوّد بالوقود، ويصل مدى تحليقها إلى 2200 كيلومتر، وبسرعة 1.6 ماخ أي نحو ألفي كيلومتر في الساعة.

مميزات طائرة الـ"F-35"

أبرز ما يميز مقاتلة الـ"F-35" قدرتها العالية على التخفي عن الرادارات، بفضل تصميمها الانسيابي والطلاء الخاص الذي يمتص موجات الرادارت، ما يمنحها تفوقاً تكتيكياً واضحاً في ساحة معركة.

كما توفّر طائرة الـ"F-35" قدرات متقدمة في مجال الحرب الإلكترونية، مثل التشويش على الرادارات المعادية، وتعطيل شبكات الاتصال، وتضليل أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة.

ووفقاً لتقارير رسمية من وزارة الدفاع الأميركية، فإن "الشبح" مزوّدة برادار متطور من طراز "AN/APG-81"، ونظام استهداف كهربو ــ بصري، إضافة إلى خوذة ذكية للطيار تعرض المعلومات مباشرة على شبكية العين.

وتستطيع الـ"F-35" تنفيذ مهمات التفوق الجوي والهجوم الأرضي والحرب الإلكترونية في آنٍ واحد، كما يمكنها حمل صواريخ جو ــ جو وذخائر موجهة داخل مخازنها الداخلية حفاظاً على خاصية التخفي، وفقاً لموقع شركة "لوكهيد مارتن" الرسمي.

وتم تصميم الطائرة لتقوم بمهام متنوعة تشمل: الاعتراض الجوي، القصف الأرضي الدقيق، الحرب الإلكترونية، والاستطلاع. وقد تم إنتاج ثلاثة نماذج منها:

F-35A للإقلاع والهبوط التقليدي (تستخدمها القوات الجوية)

F-35B للإقلاع القصير والهبوط العمودي (تستخدمها قوات المارينز)

F-35C للهبوط على حاملات الطائرات (تستخدمها القوات البحرية)

أما من حيث سعر طائرة الـ"F-35"، فقد قدّر تقرير لهيئة المراجعة التابعة لوزارة الدفاع الأميركية عام 2023 أن كلفة المقاتلة "F-35A" المخصصة لسلاح الجو يبلغ نحو 80 مليون دولار للطائرة الواحدة، فيما يصل سعر نسخة الإقلاع القصير "F-35B" إلى قرابة 100 مليون دولار، وسعر النسخة البحرية "F-35C" إلى ما يفوق 110 ملايين دولار، من دون احتساب تكاليف الصيانة والتدريب وقطع الغيار.

وبحسب تحليل لمجلة "Defense News"، فإن هذه الأسعار تجعل البرنامج أحد أغلى برامج التسليح في التاريخ، رغم تعهّد الشركات المصنعة بتخفيض الكلفة تدريجياً عبر الإنتاج المتسلسل وتوسيع قاعدة المستخدمين الدوليين.

عيوب طائرة الـ"F-35"

رغم أن طائرة الـ"F-35" تُعد واحدة من أكثر الطائرات المقاتلات تطوراً في العالم، فإنها لا تخلو من نقاط الضعف، تتمثل بجوانب تتعلق بالتكلفة، والتشغيل، والصيانة، وحتى الأداء القتالي في بعض الحالات.

وتُطلّب مقاتلة الـ"F-35" مستوى عالي من الصيانة لاحتوائها على تقنيات شديدة الحساسية. وقد واجهت الجهات المشغلة مشاكل تتعلق بنقص قطع الغيار، وتأخر الصيانة، وانخفاض معدل الجاهزية للطيران.

وسجّلت تقارير عديدة، صادرة عن وزارة الدفاع الأميركية، وجود مئات العيوب الفنية في الطائرة، من بينها "أعطال في نظام التبريد، تأخر في إطلاق الذخائر، ضعف أداء أنظمة الاستشعار في بعض البيئات، ومشكلات متكررة في خوذة الطيار التي تعاني أحياناً من عرض غير دقيق للمعلومات".

وعلى الرغم من تفوقها في مهام التخفي والضربات الدقيقة، إلا أن طائرة الـ"F-35" لا تُعتبر من أفضل الطائرات في القتال الجوي القريب (Dog Fight)، حيث تُظهر رشاقة محدودة مقارنة بطائرات مثل "F-16" أو "Su-35".

إلى ذلك، شهد برنامج تصنيع وتسليم طائرة الـ«F-35» تأخراً ملحوظاً عن الجدول الزمني الأصلي، نتيجة لتغير المتطلبات التشغيلية، واختلاف المواصفات بين الجهات الشريكة، وارتفاع تكلفة التطوير. وقد تسبب ذلك في تعديلات متكررة على التصميم، ما أثر على استقرار المشروع وزاد من تعقيد إدارته.

من يمتلك الـ"F-35" في الشرق الأوسط؟

تُعدّ إسرائيل "الدولة" الوحيدة التي تمتلك هذا الطراز من الطائرات الحربية، إلى جانب تركيا، على الرغم من محاولات العديد من الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة. وتكمن العقبة الأساسية في التزام واشنطن بضمان "التفوق العسكري النوعي" لتل أبيب في المنطقة.

بحسب مجلة "تايمز أوف إسرائيل" تمتلك إسرائيل نحو 45 "F-35" فقط، وتعاني من قيود في العدد بسبب ارتفاع التكلفة وتأخر التسليم، ما يجعل أي عملية واسعة النطاق باستخدام هذه المقاتلات محكومة بالعدد المحدود المتاح منها.

أما بالنسبة للدول العربية التي تمتلك طائرة "F-35"، فمنذ عام 2017، أبدت السعودية اهتماماً بالحصول على هذه المقاتلة. وعلى الرغم من صفقة الدفاع التي وُقّعت بين واشنطن والرياض، خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة إليها في العام الحالي، لم يوضح الاتفاق ما إذا كان سيُسمح للرياض بشراء هذه المقاتلات.

أما الإمارات، فقد كانت "قاب قوسين أو أدنى" من الحصول عليها، عندما وقّعت اتفاقية مع الولايات المتحدة لشراء 50 طائرة مقاتلة من طراز «F-35»، إلى جانب أسلحة أخرى متنوعة، تُقدَّر قيمتها بنحو 23.3 مليار دولار، وذلك قبل أيام من نهاية ولاية ترامب الأولى عام 2020.

غير أن الصفقة تعثّرت لاحقاً، بعد تعذّر التوصّل إلى اتفاق، إثر هزيمة ترامب أمام الرئيس الأميركي جو بايدن في العام نفسه.

كذلك، تقدّمت قطر عام 2020 بطلبٍ لشراء طائرة الشبح من شركة "لوكهيد مارتن"، دون أن تحصل على الموافقة حتى اليوم.

كيف أسقطت إيران طائرة الـ"F-35"؟

بحسب الموقع المتخصص في الأخبار العسكرية "militarywatchmagazine" فإن طائرة الـ «F-35» تُعد الطائرة الحديثة الوحيدة في سلاح الجو الإسرائيلي.

وبحسب المجلة فإن «F – 35» تتمتع بتقنيات تخفٍّ متقدمة، لكن الترسانة الإيرانية الضخمة والمتنوعة من الدفاعات الجوية، وخاصة امتلاكها لنظام رادار روسي متطور من طراز «Rezonans-NE» قادر على كشف الطائرات الشبحية، مكّنها من إسقاط الطائرتين.

ولعبت طبيعة المهمات التي يُعتقد أنها استخدمت فيها، خاصة ضد منشآت نووية محصنة، دوراً مهماً في الكشف المبكر عن أهداف اختراقها للعمق الإيراني، ما جعل ضرباتها متوقعة سلفاً.

ورغم أن الطيارين الإسرائيليين يستخدمون عادة طائراتهم الشبحية في عمليات دقيقة وسريعة، إلا أن الحمولة المحدودة للطائرة من الذخائر جعلها عرضة للاعتراض الجوي، ورجّح خبراء عسكريون أن تكون الطائرات التي تم إسقاطها فوق إيران تفتقر إلى صواريخ جو ــ جو، ما ترك مجالاً لنجاح اعتراضها.

وهذه ليست التجربة الأولى لإيران في إسقاط طائرات أميركية الصنع عالية التقنية، إذ تمكنت من إسقاط الطائرة الشبحية "RQ-170" عام 2011، وطائرة الاستطلاع "RQ-4 Global Hawk" عام 2019.

المنظومات التي تستطيع إسقاطها

يمكن‭ ‬لنظام‭ ‬دفاع‭ ‬جوي‭ ‬روسي‭ ‬الصنع‭ ‬من‭ ‬طراز "إس 400" ‬اكتشاف‭ ‬المقاتلة على بعد 20 ميلاً. كان هذا إقرار من كاثرين ويلبارغر، مساعدة وزير الدفاع الأميركي بالوكالة، التي قالت في عام 2019 إنّ المنظومة الروسية مصمّمة لإسقاط مقاتلات أميركية متطورة مثل «إف 35».

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬القوات‭ ‬التركية‭ ‬استخدمت‭ ‬نظام‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي «إس 400» لرصد المقاتلات الأميركية من الجيل الخامس من طرازي "إف 35" و"إف 22"، ووفقاً لوسائل إعلام تركية كانت «نتائج التعقب مرضية» بالنسبة إلى أنقرة.

كما‭ ‬إن‭ ‬نظم‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الروسي‭ ‬الأكثر‭ ‬تقدماً أي "إس 500"، ‬يمكنه‭ ‬بسهولة‭ ‬رصد‭ ‬طائرة الـ"F-35" وتعقبها، لكونه يوفر مدى كشف يصل إلى 600 كيلومتر أي 373 ميلاً، وتسمح هذه القدرة برصد وتتبع الطائرات قبل دخولها منطقة الاشتباك بوقت طويل، ما يوفر ميزة تكتيكية كبيرة.

كما‭ ‬يمكن‭ ‬للرادار‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬متعددة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التتبع‭ ‬والاشتباك‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد،‭ ‬ما‭ ‬يضمن‭ ‬تغطية‭ ‬مستمرة‭ ‬واستجابة‭ ‬سريعة‭ ‬للتهديدات‭ ‬الناشئة.‬

المنشورات ذات الصلة