بعض ما جاء في مانشيت الجمهورية:
وفي اليوم الثاني عشر توقفت الحرب الإسرائيلية ـ الأميركية على إيران، ليتركّز الاهتمام على ما سيكون لنتائجها من انعكاسات وتداعيات على لبنان والمنطقة، في ظل تخوف البعض من أن يكون ما حصل جولة أولى من مجموعة جولات قد تحصل لاحقاً، خصوصاً انّ وقف إطلاق النار المعلن، لم يتضمن أي بنود تُلزم الطرفين المتحاربين بعدم العودة إلى الحرب. والمرجح لبنانياً، أن ينشط الجهد الديبلوماسي اللبناني في اتجاه الراعيين الأميركي والفرنسي للاتفاق على وقف إطلاق النار، بغية وقف الخروقات الإسرائيلية واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من التلال الخمس. وهو ما كان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بحث فيه مع الموفد الأميركي توماس براك، الذي وعده بإثارة الموضوع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خصوصاً انّ رئيس الجمهورية وحسب معلومات لـ «الجمهورية»، شدّد على انّ حصول الانسحاب الإسرائيلي الكامل من شأنه أن يسهّل تنفيذ القرار 1701، ويؤمن الظروف المناسبة لمعالجة موضوع السلاح، إذ لا يمكن البحث في شأنه مع «حزب الله» ما لم يتحقق الانسحاب الإسرائيلي الكامل مما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلة.
وفيما يبدو أنّ لبنان اجتاز «قطوع» التورط في الحرب الأميركية ـ الإسرائيلية على إيران، إذا كانت هذه الحرب قد توقفت فعلاً، يعود إلى الواجهة محلياً ملف اتفاق وقف النار المتعثر منذ توقيعه في 27 تشرين الثاني الفائت.
ولوحظ أنّ إسرائيل تعمّدت في اليومين الأخيرين إطلاق العنان لمسيّراتها في أجواء الجنوب بغير انقطاع، للمرّة الأولى منذ فترة طويلة، كما كثفت ضرباتها في عدد من المناطق.
ووضعت مصادر مطلعة هذا الاستعراض والتصعيد العسكري الإسرائيلي في سياق ممارسة الضغط السياسي على لبنان، واستغلال اللحظة السياسية التي يتحرّك فيها الأميركيون من خلال موفدهم، السفير في تركيا، توماس براك، في سعي منه إلى إقناع لبنان بتنفيذ البند الوارد في القرار 1701 واتفاق وقف النار، والمتعلق بحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، ضمن مهلة محدّدة.
وإذ تردّد أنّ براك «منح» الحكومة مهلة 3 أسابيع ليعود إلى بيروت، ويتبلّغ منها قراراً حازماً بتنفيذ هذا البند، فإنّ اهتمام أركان الحكم يتركز في هذه الفترة على تحضير الصيغة المناسبة للردّ على طرح واشنطن، باللغة التي تفهمها وتقنعها. ويتلخّص الردّ اللبناني بالطلب من الأميركيين أن يضغطوا في المقابل على إسرائيل لتنفيذ البند المتعلق بانسحابها الكامل من كل الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها على سيادة لبنان، بحيث يكون هناك تزامن في التنفيذ من الجانبين اللبناني والإسرائيلي.
مقاربة «الثنائي»
وإلى ذلك، قارب مصدر بارز في «الثنائي الشيعي» عبر «الجمهورية»، انعكاسات وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بالآتي:
«جاء المبعوث الأميركي توماس براك إلى لبنان بعناوين سبق أن تحدث بها الأميركي، لكنه رتّبها بأكثر حنكة وبلغة أخف حدّة، وأراد من خلالها أن يدفع في اتجاه شرعنة حصرية السلاح، وطرح هذا الأمر على مجلس الوزراء، بالإضافة إلى إجراء بعض الخطوات المتزامنة، خصوصاً أنّ وجهة نظر رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري و«حزب الله» الأساسية، هي الانسحاب ووقف العدوان واسترداد الأسرى، كمقدمة لمناقشة الاستراتيجية الوطنية التي من ضمنها سيُطرح ملف السلاح».
وأضاف المصدر «أنّ الغرب مع قسم من الداخل، أولوياتهم مختلفة، تنادي بتسليم السلاح كمقدمة للإنسحاب الإسرائيلي، وكل طرف متمسك بوجهة نظره، والرئيس عون مدرك أنّ طرح نزع السلاح في هذه الظروف يمكن أن يؤدي إلى وضع داخلي غير مستقر، لذلك يحاول إيصال رسالة إلى الأميركيين بضرورة مساعدته في هذا الأمر. وأشار المصدر إلى أنّ الجديد الذي أتى به براك هو فكرة التزامن في الخطوات، أي خطوة من الدولة وخطوة من إسرائيل. وهذا الكلام لم يكن مرتبطاً منطقياً بالعدوان على إيران ولا بنتائج الحرب، لأنّ احداً لم يكن يتوقع أن تصل الامور إلى هذا الحدّ، وأن تندلع مواجهات لمدة إثني عشر يوماً، وأن يخرج الإيراني منتصراً من هذه المعركة قياساً على الأهداف المعلنة وغير المعلنة من إيران، وهناك احتمال كبير في إطار التهدئة في الإقليم والمنطقة، أن تقوم الأطراف الفاعلة بنوع من التفاهمات في ظل المنحى الذي أخذته الاوضاع».
وتحدث المصدر نفسه عن «احتمال أن تتحرك بعض الأمور في المنطقة، خصوصاً أنّ ترامب يعتبر أنّ المحور كمحور تقوده إيران تعرّض لضربة في الملف النووي بمعزل عن التفصيل، وأنّ هذا سيحفّز على التهدئة في المنطقة وإطفاء الحرائق المشتعلة من جانب إسرائيل، وأنّ لبنان في هذه الحال ينتظر اليوم التالي لما بعد اتفاق إطلاق النار وربما ينسحب تهدئة. ثم انّ هناك مجموعة عوامل ترتبط بعضها ببعض وتتعلق بالمحددات الثلاثة؛ أولاً، ما جاء في خطاب القَسَم لرئيس الجمهورية، وثانياً، البيان الوزاري للحكومة الذي وافق عليه وزراء «الثنائي الشيعي» لجهة حصرية السلاح مع حق لبنان في الدفاع عن نفسه وأرضه، والنقطة الثالثة، أنّه حتى الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم قال إنّ الحزب مع تثبيت حصرية السلاح، وانّ سلاح المقاومة مرتبط بالحرب مع إسرائيل. والفكرة الأساسية هنا أنّ هذه السياقات هي سياقات ليست متناقضة إنما متكاملة. وفي النهاية عندما يستردّ لبنان أرضه وسيادته لا ضرورة للسلاح، خصوصاً أنّ المقاومة تتبنّى من الأساس فكرة أن تكون للبنان استراتيجية دفاعية يتفق عليها اللبنانيون».