عاجل:

هل تريد مزارع طائفية أم بلدًا موحّدًا؟ (آراء حرة)

  • ٧٢

بقلم العميد الرّكن المتقاعد زخيا الخوري

آراء حرة-"إيست نيوز" 

بعد إتفاقية سايكس بيكو ١٩١٦، أُعلِن دولة لبنان الكبير ١٩٢٠ ، ولكن بوصاية فرنسية حتى إستقلاله سنة ١٩٤٣ . وبين العرف، والميثاق ، والشراكة ، والتوافق ،تمَّ توزيع سلطات الحكم على الطوائف الثلاث الكبرى ، وألحِقت الطوائف الصغرى للوظائف الأخرى ، وكُرِّسَ حكم الطوائف> 

ففي كل مرة يهتزّ فيها لبنان، تعود الأصوات ذاتها لتتحدث بإسم الطائفة لا بإسم الوطن. 

وتُرفع رايات المذهب فوق راية الدولة، وتُقدَّم الزعامة المحلية على السيادة الوطنية. هكذا يعيش لبنان، لا كدولة واحدة، بل كمجموعة "مزارع طائفية"، تتقاسم النفوذ، وتتنافس على الغنائم، وتُبقي الشعب رهينة خطوط تماس غير مرئية، وخوف كل طائفة من الأخرى. وهذه المزارع الطائفية هي منظومة كاملة قائمة على:

- تربية الولاء للطائفة بدل الولاء للوطن.

- وعلى تسييس القضاء والإدارة والخدمات بحسب الانتماء.

- وتحويل الدولة إلى "جباية" لزعيم الطائفة بدل مؤسسات الدولة .

- وتعمل على تذكية الخوف من الآخر، بدل بناء الثقة بين المكوّنات.

وهكذا يعيش اللبناني في دائرة الطائفة: يولد، يتعلّم، يعمل، ويُدفن، غالبًا داخل هوية فرعية لا تعترف بلبنان الكبير .

من هنا نشعر ،ونلمس مخاطر هذه المزارع الطائفية من خلال تفكك الدولة لتتحوّل السلطة إلى مجموعة سلطات متنازعة. وإنهيار العدالة فتسقط المساواة، ويُصبح الفساد محميًا بغطاء طائفي. وغياب الكفاءة فيُقصى أصحاب الكفاءة لحساب المحسوبيات ،وتوتر دائم لأن المزارع الطائفية لا تتعايش، بل تتنافس ، مما يُغذي العنف وألإنقسام ، وإستمرار هجرة الشباب هرباً من "الواسطة الطائفية"، بحثًا عن وطن بديل.

ولكن في المقابل إذا أردنا بلداً موحّداً ،أي بلد القانون والمؤسسات،

بلد يحكمه الدستور، لا التفاهمات السرية ، بلد تعلو فيه راية واحدة ، لا عشرات الرايات الحزبية والطائفية، بلد المواطنة ، حيث الجيش واحد، والقضاء واحد، والتعليم موحّد .

يا زعماء لبنان ،أصحوا من الطائفية وإلتحقوا بالوطن الموحّد قبل فوات الأوان ، لأن المنطقة بأثرها تغيّرت معالمها ، وأن المجتمع الدولي مُهتم بإعادة تنظيم دولتي سوريا أولاً ، ولبنان ثانياً. ولكن إذا تعذّر تكوين لبنان الموحّد بكافة مؤسساته ،فالخوف من إعادة الوصاية القريبة عليه . 

وأخيراً بين المزرعة الطائفية والوطن الموحّد، الخيار ليس نظريًا. 

فالمزارع تعني الفقر، الإنقسام، الهجرة، الحرب، والذُّل، أما الوطن الموحّد، فهو الأمل، الاستقرار، والكرامة.

الاختيار واضح بين الإثنين، لكن المسار صعب ، فهل نملك الإرادة ؟لأن لبنان ليس قدرًا مكتوبًا بالمزرعة، بل حلمًا قابلًا للتحقيق إذا أردنا. 

لذا إتّقوا شَرَّ الوصاية !

المنشورات ذات الصلة