بعد توقعات وتقديرات الجهات الرسمية والسياسية اللبنانية حول حجم المخاطر الجمّة لإنعكاسات الاحداث السياسية والامنية الدموية الخطيرة الجارية في سوريا على وضع لبنان من نواحٍ عديدة، ذلك أن التدهور الامني والانقسام الخطير الذي يهدد الاستقرار في سوريا يؤثر على استقرار دول الجوار ومنها لبنان وتركيا والعراق والاردن. وظهر من مخاطر ما يجري في سوريا، ان المستفيد الوحيد هو الكيان الاسرائيلي، الذي باشر إجراءات فعلية لضم مناطق واسعة من الجنوب السوري الى ما يسميه المنطقة الآمنة من جبل الشيخ والجولان حتى حدود درعا والسويداء جنوب سوريا، وصولا الى غربي المنطقة لجهة الحدود اللبنانية الجنوبية – الشرقية من شبعا الى راشيا ومحيطها.
والخطير في ما تمارسه قيادة الاحتلال الاسرائيلي، هو المساهمة في الفرز الطائفي والمذهبي وتسعير الاقتتال، وصولا الى هدف تقسيم سوريا،وهو امر قد ينعكس خطراً على لبنان إذ يدغدغ أحلام ومشاريع بعض التقسيميين والداعين للفيدرالية من اللبنانيين، وهي باتت مشاريع معلنة ولا يخجل اصحابها من إعلانها، ولو انها مقتصرة على قلة قليلة، لكنهم ربما ينتظرون الفرصة الاقليمية او الدولية السانحة لتغيير خرائط المنطقة الجيو- سياسية.
ومن المخاطر المهمة ايضاً الانقسام الطائفي والمذهبي بين الدروز وبين بعض اهل السنّة من العشائر والبدو في سوريا، والذي بدأ ينتقل الى لبنان ولو بتصرفات فردية هنا وهناك في بعض مناطق البقاع والجبل، عدا الكشف عن مخازن اسلحة وتجمعات ومجموعات سورية مسلحة لا يدري احد الى من تنتمي وما هي اهدافها ومتى تتحرك لضرب الاستقرار اللبناني. كما لا يدري احد متى تنتقل التوترات التي تبدأ فردية ثم تتوسع الى توتر اكبر وفي مناطق جديدة مثل طرابلس المهيأة اكثرمن غيرها بنظر البعض، نظراً لوجود جماعات اسلامية تكفيرية او متشددة او خلايا ارهابية نائمة، ولكن حاضرة، بخاصة ان هناك من يشتغل ولو بالخفاء على افتعال التوتير، بينما لم تحصل متابعات حثيثة من الاجهزة الرسمية اللبنانية السياسية والامنية لدرء هذا الخطر، بإستثناء بعض الاجراءات اللاحقة لمعالجة ذيول اي حدث. لذلك، المطلوب تحرك الاجهزة الامنية بفعالية اكبر عبر إجراءات استباقية، وتحرك القيادات السياسية والروحية السنّية والدرزية بشكل افعل واكثر تأثيراً. (راجع مقال ص 3).
وفي هذا المجال، ذكرت مصادر حكومية لـ «اللواء» ان الوضع قيد المتابعة وهناك ترقب وحرص على ضبط الوضع في سوريا، وان رئيس الحكومة نواف سلام اجرى اتصالات مع وليد جنبلاط ومع الاجهزة الامنية لضبط الوضع ومنع انعكاس ما يجري في سوريا على لبنان، وعدم توسع بعض الاحداث الفردية بل وضبطها ومنع تكرارها.