بقلم البروفسور فضل ضاهر الامين العام المساعد الاسبق لمجلس وزراء الداخلية العرب
آراء حرة – "إيست نيوز"
في خضمّ الانهيار المالي والاقتصادي الذي يرزح تحته لبنان، لم تعد مجرد المعالجات الشكلية والتبريرات القانونية التقليدية قادرة على إقناع الرأي العام المحلي والدولي بجدوى الحلول المطروحة. ولأنّ مسؤولية الكارثة المالية ليست قدراً محتوماً بل نتيجة قرارات وإهمالات وتواطؤات موثقة، تأتي هذه المداخلة القانونية ـ الأخلاقية لتكشف، بموضوعية وشجاعة، مكامن الخلل البنيوي في تعاطي السلطات النقدية والرقابية مع أحد أخطر ملفات الفساد المالي: تهريب أموال المحظيين، والتقصير الفاضح في رفع السرية المصرفية عمّن تثبت بحقهم المؤشرات الجرمية. إن ما يطرحه البروفسور فضل ضاهر من ملاحظات حازمة، مدعّمة بنصوص قانونية وطنية ودولية، لا يهدف إلى التشهير أو التصعيد المجاني، بل إلى فتح كوة في جدار الصمت الرسمي والتمييع القضائي، ودعوة صريحة إلى احترام المبادئ الأساسية للدستور اللبناني والاتفاقيات الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. المقال لا يكتفي بإدانة التعميم رقم 169 شكلاً ومضموناً، بل يذهب إلى جذور الأزمة، موضحًا أن غياب الاستقلالية الفعلية لهيئة التحقيق الخاصة، ومراوغة مصرف لبنان في تنفيذ التزاماته، يشكّلان عائقاً أمام أي محاولة جدية لاسترداد الأموال المنهوبة وبناء الثقة المالية. ومن هنا، فإن الأفكار الواردة فيه، والمبنية على تحليل رصين، تمثّل صوتاً قانونياً وأخلاقياً يجب أن يُصغى إليه، ليس فقط من قبل النواب والهيئات الرقابية، بل أيضًا من قبل كل من يحمل همّ الإنقاذ الفعلي لهذا الوطن.
أخذاً بالإعتبار لما كنا قد توسمناه في حاكم المركزي، السيد كريم سعيد ،من فضائل المغفور له والده الذي اتسم بالايثار وبشغف العطاء تنكباً لمسؤولياته الإنسانية والوطنية قبل أي اعتبار وعلى قاعدةِ أنّهُ “شتّانَ ما بينَ التنعُّمِ بسلطةِ الموقعِ وموجباتِ المسؤولية الإجتماعية “،وذلك في ضوء التزامه المعلن، والموثّق كتابةً في خطابِ بدءِ ولايته في الحاكميّة،”باحترام مبدأ التمانع لتضارب المصالح”،المنصوص عليه في مقدمة المبادئ العامّة للمدوِّنة الدولية في إجراءات مكافحة الفساد التي أقرّتها لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية في دورتها الخامسة في النمسا( فيينا من ٢١ الى ٣١ مايو/أيار ١٩٩٦) والمتضمنة تحديدا: “تضارب المصالح وفقدان الأهلية، الإفصاح عن الأصول، قبول الهدايا أو غيرها من المجاملات، المعلومات السريّة،النشاط السياسي”.
غير ان الحاكم ،وللمفارقة غير المبررة اطلاقا، قد أعطى لنفسه العنان في اصدار بياناتٍ وقراراتٍ وتعاميمَ منعدمةِ المشروعيةِ الدستوريةِ من جهة أولى، ومجافيةٍ، من جهة ثانية، لمقتضيات مباشرته الفوريّة بمهمة استعادة جميع الأموال المنهوبة والمهدورة والمهرّبة المقدرة بمئات مليارات الدولارات الأميركية، ممراً الزامياً وحقيقيا للإنقاذ والتعافي واستعادة الثقة الداخلية والخارجية، بدءا من حماية أموال المودعين المختلسة من قبل المصارف بعيدا عن أيّ اجتهادٍ مندرجٍ في إطار مجموعة التوهُّمات الدونكيشوتية والمناورات الإحتيالية والتضليلية لأغراض منع المحاسبة وحماية مربع حيتان المال الفاسِدين والمُفسدين. ..
واذ نؤكد،في ضوء ذلك، على انعدام شرعيّة Légalité وصوابيّة معظم بيانات الحاكم الخاصة المنشورة والمتعلقة بحماية اموال المودعين،لكونها مرفوضةً سواء بالشكل(مخالفة نظام الموظفين بالمرسوم الإشتراعي رقم ١١٢ تاريخ ١٢/٦/١٩٥٩) ،ام بالمضمون على نحو ما هو ثابتٌ ومعلومٌ من جميع أصحاب الخبرة المتخصصين، سيما منهم خبراء الهيئات الرقابية المالية الدولية، الاستخبارية والاستقصائية والتقويمية التي انضم اليها لبنان تباعاً (FATF,EGMONT,CRS,BCBS,MAC…ETC )، فإننا لنراه واجباً علينا بالتالي، في هذه العجالة وعلى سبيل الإيجاز مرحليّاً،الاكتفاءُ باستعراض بعض أهم ملاحظاتنا المتمحورة تحديداً حول التعميم الأساسي للمصارف رقم ١٦٩ تاريخ ١/٧/٢٠٢٥،وذلك على النحو التالي:
١_ إنّ تذرّع الحاكميّة، إستهلالاً، بمراعاتها للمساواة هو كلام حقّ يُراد به باطلٌ ويحاكي تخرّصات ناصبي طواحين الهواء الهادفة الى التضليل ورمي القذى في العيون!!؟؟، سيّما وأن ما تضمنه القرار من تأكيد لمعرفة حاكمية المركزي بتحويلات المحظيين المذكورين في تعميمه المرفوض شكلاً ،يتجاهل في حقيقة الامر موجبات”مساواة جميع الافراد في التمتع بحماية القانون دونما تمييز،كما وبحقهم في التمتع بحمايةٍ من أي تمييز ينتهكُ هذا الإعلان ومن أي تحريضٍ على هذا التمييز( المادة السابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان).
إضافة إلى ذلك وفي سياق متصل بمثالب هذا القرار المرفوض جملة وتفصيلا،يسجل تجاهل الحاكم لما اوجبه عليه القانون من مبادرةٍ عاجلةٍ إلى دعوة مدقّقي هيئة التحقيق الخاصة كي يباشروا واجباتهم المحددة بالقوانين النافذة، تأكيداً لما سبق لنا انتقاده ،إثر بيان توضيحي سابق للحاكمية، من تجاهلٍ متعمّدٍ وغير مبررٍ لواقع كونه يترأسُ هذه الهيئة الخاصّة خلافا لقناعاته المشار اليها اعلاه(مبدأ التمانع لتضارب المصالح وفقدان الأهلية)،وخلافا كذلك للمادة عشرين من قانون النقد والتسليف، كما ولسائر مقتضيات الحوكمة والإدارة الرشيدة بمعرض تطبيق الآليات الدوليةوالوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، المتوفرة جميعها وبأدق التفاصيل المغايرة والنافية لاحكام جميع “الأفخاخ التشريعية ” الجاري ابتداعها حماية للفاسدين وتجاوزا لموجبات مباشرة مدققي الهيئة لاجراءات “التقصي والتحقق والتدقيق” تمهيدا لاقتفاء أثر تحويلات “المحظيين” وأثر العائدات الجرمية المتحصّلة منها،المنعقدة تجاهها اسباب الحجز أو التجميد او الضبط من حيث اعتبارها ناتجة عن إرتكاب جرائم أصليّة تصل عقوبتها إلى أربع سنوات، خطيرة ومنظمة وعابرة للحدود الوطنية من جهة، ومتمادية ومتكررة ومستمرة من جهة ثانية على نحو ما جاء في توصيفها القانوني Qualification الملحوظ تفصيلا بالفقرات ال ٢١ من المادة الأولى من القانون ٤٤/،٢٠١٥ عموما، وبالفقرة التاسعة من هذه المادة تحديدا( استغلال معلومات مميزة،صرف نفوذ وإساءة استعمال السلطة، فساد ورشوة وإثراء غير مشروع،اساءة أمانة،إختلاس،…إلخ)،
معطوفة كذلك على جريمة التهرب الضريبي المنصوص عليهافي الفقرة ٢١ الاخيرة من هذا القانون،المتلازمة تبعياً مع جميع جرائم التحصل على الأموال غير المشروعة، والكفيلة برفد الخزينة أضعاف أضعاف ما درجت عليه الحكومات المتعاقبة من اقتناصٍ ممنهجٍ لمعاشات جميع منسوبي ومتقاعدي القطاع العام عبر موازنات متضمنة لضرائبَ تراكميةٍ سنويةٍ تطالهم خلافا لفقه قوانين التقاعد المُجسّدة بالمادة ٢٥ من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وتجاوزا لابسط واجبات الدولة الراعية والحامية تجاه مواطنيها المحرومين من أبسط ضمانات شيخوختهم..؟!
٢-إن إخلال هيئة التحقيق الخاصّة بواجباتها في “التقصّيMonitaring and Investigation والتحقّق والتدقيق” حول تحويلات المحظيين الملحوظة في قرار الحاكم ، وذلك من قبل” مدققيها الذين لا يعتدّ تجاه أي منهم بالسرية المصرفية المنصوص عليها بقانون سرية المصارف لعام ١٩٥٦،(على نحو ما تكرر ذكره مرتين في القانون٤٤/٢٠١٥)،يشكِّل “ملابساتٍ وقائعيةً وموضوعيةً مجيزةً لإستنباط العلم والنيّة بإرتكاب الهيئة جرائم متناسبة مع غسل الأموال وتمويل الإرهاب،سيما لنواحي التسهيل أو التحريض أو الإشتراك أو الإخفاء…الخ، على نحو ما نصّت عليه النبذات ألف ودال وجيم من الفقرة السابعة للتوصية الثالثة لمجموعة العمل المالي- FATF
٣-اضافة لما تقدّم أعلاه،ان مجموعَ ما يضيقُ المجالُ لاستحضاره هنا من حالاتٍ مشهودةٍ وموثقةٍ حول تخلُّفِ هيئة التحقيق الخاصة، المتعمَّد، عن تنفيذ المهام الموكلة اليها في اطار حصرية اختصاصها برفع السرية المصرفية لأغراض مكافحة جرائم غسل الاموال وتمويل الإرهاب العابرة للحدود الوطنية،أياً يكن مكان حصولها،يسمح بتقدير قيمة الاموال غير المشروعة الممكن استعادتها من خلال الهيئة بما يربو على مئتي مليار دولار أمريكي قد توفّرت بشأنها “ملابساتٌ وقائعيةٌ وموضوعيةٌ ” دامغةٌ تشكّل براهينَ ملاحقةٍ وادعاءٍ وتحقيقٍ ومحاكمة؟!
٤-ان مواصفات واختصاصات الهيئة،المحددة بالمواثيق والاتفاقيات الدولية المُلزِمة للبنان، والمجسّدةِ وجوباً في” القانون الخاص” بانشائها انفاذا للفقرة(ب)من مقدمة دستورنا،قد ضمنت استقلاليتها التامة المنعقدة أسبابها لضرورات اخضاع جميع مؤسساتنا المالية والمصرفية الى مراقبتها، بما في ذلك مصرف لبنان على نحو ما قد نصت عليه حرفيا الاسطر الأولى للمادة السادسة من القانون الخاص ٤٤/٢٠١٥المعدِّل للقانون٣٢/ ٢٠٠٨المعدِّل بدوره للقانون و٣١٨/٢٠٠١(يمكن العودة في هذا السياق،على سبيل التوثيق والاسناد،الى المادة السابعة من اتفاقية باليرمو لعام ٢٠٠٠،والى المادة١٤ من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، والى المعايير التفسيرية والتنفيذية للتوصية رقم ٢٩ من توصيات مجموعة العمل المالي-الفاتف ، ذات الحجية القانونية الثابتة والمقضية كونها،اي التوصيات، وردت على راس قائمة الأسباب الموجبة لإنشاء هيئة التحقيق الخاصة) .
٥- ان الهدف الرئيسي من تكريس القانون لواقع اعتبار هذه الهيئة ذات طبيعة قضائية ، اضافة الى ما قد أسند اليها قانونا من “حصرية الاختصاص الحكمية برفع السرية المصرفية”، والى ما قد اختصت به، في سبيل ذلك، من صلاحياتٍ إستثنائيةٍ واسعةٍ لأغراض التقصّي والتحقّق واقتفاء اثر الاموال غير المشروعة، في اطار تنقيذها لتدابير مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب،انما تندرج جميعها في اطار تمكينها من تنكُّب مسؤولياتها،الحصرية، لتنفيذ جميع اجراءات ” التدقيق المالي الشامل على جميع مؤسساتنا المالية والمصرفية، بما فيها مصرف لبنان كما اسلفنا”،سواء منه التدقيق التشريحي، ام الاخر المكمل الموصوف بالجنائي Anatomic And Forensic Audit، وذلك تتبُّعاً لما سُمِّيَ “بالفجوة الرقمية “،دقيقةً بدقيقةً وساعةً اثر ساعةً ، بدءاً من تاريخ انشاء الهيئة في العشرين من نيسان لعام ٢٠٠١والى حين كتابة هذه العجالة،سيّما وانها،اي الهيئة، قد زُوِّدت لهذه الغاية بجميع الوسائل التشغيلية اللازمة،بشرياً ولوجستياً، كما وبأحدث التجهيزات التقنية عالية الجودة التي من شانها تُمَكِّين مفوّضي وحدات أمانتها العامة، الأربعة، من التواصل الفوري والمباشر مع جميع وحدات الاستخبار المالي الشاملFIUs في اربع جهات المعمورة، المنعقدة تجاهَها وجوباً مجموعة الأحكام الناظمة” لآليات التعاون الدولي بين الدول الأطراف بالإتفاقيات الدولية مع عدم جواز التذرّع بالسرّية المصرفية”!!؟؟
دليلنا على ما تقدم ،النجاح الباهر والفعالية القصوى لهيئتناالوطنية هذه بمعرض تلبيتها لجميع “طلبات التزود بالمعلومات ورفع السرية المصرفية الخارجية، الواردة اليها من شتى الاصقاع والمراجع المتراوحة بين دوائر الشرطة ومجلس الأمن الدولي!!؟؟،في مقابل إخلالها شبه التام بواجباتها على الصعيد الوطني والذي نكاد نزعم بكونه ممنهجاً ومنتظماً بمعظم الحالات والأوضاع المفضية الى الإنهيار المالي الكارثي الحاصل،القابل للمعالجة لكونه مصطنعا من قبل مجموعة منظمة معتلمة بالأسماء وبالمواقع خلافا لكل تخرُّصات المدّعين بأن الأزمة نظامية (لمزيد الإطلاع العودة الى تقرير المقرر الأممي الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان في لبنان السيد أوليفييه دي شوتر).
٦-قبل الختام ،وعود على بدء لبيان انعدام اي اثر قانوني للقرار رقم ١٦٩،أسوة بالعديد من الأحكام القانونية الوطنية غير المتلائمة او المعَدِّلة لأحكام القانون الخاص المنشئ لهيئة التحقيق الخاصة مع تعديلاته، وأخذاً بالإعتبار لكون التحصّل على ما عُرِّفَ قانوناً “بالأموال غير المشروعة” قد صُنِّف في خانة الجرائم الاصلية الخطيرة،المتكررة والمتمادية والمستمرة بحيث تنعدم معها أسباب الإسقاط لمرور الزمن من جهة، كما وتنتفي معها الحصانات الإدارية التي توصف ، والحال هذه،بعرقلة سير العدالة المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية التي انضم اليها لبنان …
٧- في الختام ،واذ نستحضر للمناسبة تجربة نيلسون مانديلا الإنسانية الغنية من خلال مقولته الشهيرة ” التخلّص من الفقر ليس عملاً خيرياً وإنّما إلتزامٌ بتحقيق العدالة”، فإنه لا يفوتنا التوقف عند بعض الحقائق الجوهرية التي يتم تغييبها وتجاهلها تدليساً وتضليلاً الى أقصى درجات الاستخفاف بعقول أصحاب الحقوق المختلسةِ والمسلوبةِ والمهدورةِ، والتي نتوجه بها الى الهيئات الإعتبارية الرئيسية ،كل من موقعها وبحسب اختصاصها ومسؤولياتها،على سبيل النقد البناء وبإسم جميع فئات مسلوبي الحقوق طالبي العدالة حيثما كانوا وكائنا من يكونوا دون أي تمييز او تفرقة:
أ-السيدات والسادة اعضاء البرلمان الأوروبي الذين أقرّوا حديثاً مضمون قرار الإتحاد الأوروبي الأخير المُفضي،وبكل أسف،إلى معاقبة ٩٨% من أصحاب الحقوق،لبنانيين وأجانب،في حين كان من الأجدى لو أنهم أصرّوا على إلزام سلطاتنا التشريعية والتنفيذية والقضائية بإتمام واجباتها المنعقدة أسبابها الحاكمة بالخروج من بدعة و/أو شمّاعة السرّية المصرفية المستمرة منذ ديسمبر ١٩٩٩ تفرّداً من لبنان بالخروج عن الإجماع الدولي من جهة، ومصحوباً من جهة ثانية، بغض طرفٍ استثنائي وذي انعكاساتٍ خطيرةٍ من قبل الهيئات الرقابية التي إنضم اليها لبنان بما في ذلك “الفاتف” والإتحاد الأوروبي!!!!
ب_ السيدات والسادة أعضاء البرلمان اللبناني، المدعوين الى تلبية نداء الشعب بالتصويت العاجل لإقرار اقتراح القانون الهادف إلى تصحيح تشكيل هيئة التحقيق الخاصة لضمان استقلاليتها وفعاليتها،المودع أصولاً لدى المجلس النيابي -الإدارة المشتركة تحت رقم ورود ١٢٥٦/٢٠٢٢ تاريخ ٢٥/١٠/٢٠٢٢، لعلّكم بذلك تعيدون تصويب وتأريف مسارات الإنقاذ والتعافي واستعادة الثقة بأسهل وأسرع ما يكون،رحمة بوطنكم وبشعبه وبناخبيكم.
وحيث أن الإنتقائية المشهودة في أداء الهيئة لمهامها كان لها الإسهام المباشر في حصول الأزمة المالية الكارثية، المصطنعة والقابلة للمعالجة، على نحو ما أكّده تقرير المقرّر الأممي الخاص إلى لبنان السيد أوليفيه دى شوتر.
وحيث أن في جميع ما تقدّم أعلاه،ما يشكّل ملابساتٍ وقائعيةَ وموضوعيةَ دامغةَ تجيز استنباط مسؤولية الهيئة التقصيرية، ليس بالنسبة إلى تحويلات المحظيين فقط، وإنما كذلك، وبصورة تبعية و/أو متلازمة، بالنسبة إلى ما سبق لنا تقديره بما يربو عن المئتي مليار دولاراً أمريكياً تتوفر بشأنها “ملابساتٌ وقائعيةٌ وموضوعيةٌ دامغةٌ ومستوجبةٌ لمباشرة جميع وحدات الهيئة، كلٌّ من موقعها وبحسب إختصاصها، في تكوين ملفاتها القضائية وإيداعها سلطات إنفاذ القانون، ضمن الأحكام والمهل القانونية المتوجّبة والمتلائمة وجوباً مع المعايير التنفيذية والتفسيرية المحدثة لتوصيات الفاتف
فإن جُماع قولنا يتوجّه في هذه العجالة إلى جميع الحرصاء على ترصين الإنتظام المالي المستند إلى تعزيز حقوق الإنسان وصيانة حكم القانون والنزاهة وفقاً للمبادئ العامّة للعدالة الجنائية الدولية، سيّما منها تلك المتعلقة بمكافحة الفساد وغسل الأموال والتي تنعدم معها،وجوباً،أيّة مشروعية دستورية Légitimité لجميع النصوص التشريعية و/أو الإجرائية المغايرة أو المعدّلة لها،وذلك عملاً بقواعد توازي الأشكال القانونية ،لاسيما مبدأ تدرّج القوانين لأغراض إخضاع جميع السلطات والأفراد الى القاعدة الدستورية الحاكمة والجابّة أو المتقدمة على سائر قوانين الدولة الوضعية!!؟؟