عاجل:

بيروت بانتظار “مهندس” المُثلث اللبناني السوري الإسرائيلي (الراي الكويتية)

  • ٥١

على وَهْجِ تشظياتِ أحداث السويداء التي هبّت على «بلاد الأرز» في الأيام الماضية، تستعدّ بيروت خلال ساعاتٍ لاستقبالِ الموفد الأميركي إلى لبنان وسورية توماس براك، في زيارةٍ يتم التعاطي معها على أن ما بعدها ربما لن يكون كما قبْلها على صعيد ترسيم مسار ملف سلاح «حزب الله» ومصيرِ المرحلة «الانتقالية» التي يمرّ بها الوطن الصغير منذ وَقْفِ النار مع اسرائيل (27 تشرين الثاني)، فإما يدخل مربّع الحلّ الدائم وإما ينفجر الخَطَرُ الداهِمُ حرباً متجدّدة.

وفي الزيارة الثالثة للبنان منذ تكليفه مَهمة إرساء إطار تنفيذي مجدْوَل زمنياً لاتفاق وقف الأعمال العدائية (27 تشرين الثاني)، وجوهرُه سحْب سلاح «حزب الله»، يأتي براك فوق الصفيح الإقليمي الساخن، الذي تَحَرَّكَ معه «فالقُ» الانقساماتِ العميقة داخل كياناتٍ، وطنية وطائفية ومذهبية، سرعان ما وجدتْ نفسها في عين «عاصفة السويداء»، بالتوازي مع إحياء خطوطِ تقسيمٍ وتَقاسُمٍ للخرائط واستحضار ممرّاتٍ «تفتح» على سردياتٍ دينية وتاريخية كأنها تحاول «التسلل» من خلْف المتغيرات الجيو – سياسية التي يُعاوَد من خلالها تشكيلُ المنطقة.

وفي الوقت الذي يُرجَّح أن يُجْري براك محادثاتٍ بعد غد في بيروت (قد يصلها غداً)، فإنّ مَهمته بدتْ محمّلةً بأبعاد أكثر حساسية، بعدما ارتسم لهذا الدبلوماسي اللبناني الأصل، دورٌ أقرب إلى «هنْدسةِ» مَخارج على «مثلث» لبنان وسورية واسرائيل معاً، وسط مُفارقةِ أن التطورات الدراماتيكية الأخيرة في السويداء كرّستْ واقعَ الأواني المستطرقة بين «بلاد الأرز» و«بلاد الشام»، سواء بالارتدادات المباشرة لأحداث الجنوب السوري على لبنان أو بمعاني الانخراط الاسرائيلي «بالنار» تحت عنوان «المنطقة العازلة» في هذه البقعة.

وفي رأي أوساط مطلعة في بيروت أن ما تشهده السويداء، في الميدان كما في الدبلوماسية خصوصاً لجهة الدلالات الكبيرة لإعلان براك أن وقف النار هو بين بنيامين نتنياهو والرئيس أحمد الشرع وما يَعنيه ذلك من تكريسِ تل أبيب شريكاً أمنياً في ما يتعلّق بجنوب سورية وكل مستقبلها، سيشكّل في ذاته عامل ضغط أكبر على المسؤولين اللبنانيين الذين حاولوا طويلاً المواءمة بين:

* حضّ واشنطن وتل أبيب لهم بحزْمِ أمرهم و«مهْرِ» قرار سحْب سلاح «حزب الله»، وفق جدول زمني واضح، بتوقيعٍ من مجلس الوزراء وبإقرارٍ علني من الحزب «بالتسليم»، وهو فحوى الورقة الثانية التي سلَّمها الموفد الأميركي لبيروت التي تضع اللمساتِ الأخيرةَ على الردّ عليها، وذلك بعد نسخةٍ أولى جاء الجواب اللبناني عليها خالياً من أي التزاماتٍ بمهلٍ زمنيةٍ ومُعْلياً الحاجة إلى ضمانات تقدّمها الولايات المتحدة بأن تنسحب اسرائيل من التلال الخمس وتوقف اعتداءاتها وتعيد الأسرى.

* وبين سعي «حزب الله» إلى مزيد من كَسْبِ الوقت وضبْط مسألة سلاحه على «ساعةِ» الملف الايراني وموجباتِ عدم إفقاد طهران أوراق ولو قوةٍ واهنة، وهو ما يفسّر محاولته صوغ موقفٍ من قضية سلاحه يوحي بأنه «يفعّل» مبدأ تسليمه بعد تنفيذ اسرائيل الانسحاب ووقف الاعتداءات وتسليم الأسرى وإطلاق عملية الإعمار، ولكن مع ربْط ذلك بحوار داخلي حول إستراتيجية دفاعية، قبل أن تأتي أحداث السويداء لتوفّر له سردية جديدةً في إطار تبرير استئخار الحديث عن السلاح و«أدواره الحِمائية».

المنشورات ذات الصلة