أشار رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ، إلى أنّ “يعد السلام الأمنية المشتركة والهدف السامي للبشرية، فعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وُلدت وبقيت من أجل السلام، ولقد أصبحت وسيلة مهمة للحفاظ على السلام والأمن العالميين، إنّ عمليات حفظ السلام تُعزز الثقة في مناطق النزاع، وتعطي الأمل للسكان المحليين.”
يصادف هذا العام الذكرى الـ35 لمشاركة الجيش الصيني في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. على مدار الـ35 سنة الماضية، أرسل الجيش الصيني أكثر من 50 ألف عنصر في عمليات حفظ السلام إلى أكثر من 20 دولة ومنطقة، بما فيها جنوب السودان وجنوب لبنان، كما نفّذ 26 عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، وحتى الآن، قد بذل 17جنديًا صينيًا أرواحهم الغالية من أجل قضية السلام العالمي.
في آذار عام 2006، أرسلت الصين قوات حفظ السلام إلى منطقة البعثة في لبنان لأول مرة، وقد أكملت حتى الآن 22 دورة مناوبة، ليصل إجمالي عدد قوات حفظ السلام المُوفدة إلى أكثر من 8300 عنصر. ظلّت دفعات من قوات حفظ السلام الصينية في لبنان تضع في اعتبارها مهمتها الأصلية، وتبقى ملتزمة بمواقعها، مصرة على أداء مهام حفظ السلام بإخلاص، والمساهمة الإيجابية في الحفاظ على السلام والاستقرار في جنوب لبنان.
أولًا: إزالة الألغام من “الخط الأزرق” علامة بارزة للصين
على مدى السنوات الـ19 الماضية، قامت قوات حفظ السلام الصينية في لبنان بأمان وكفاءة تامة بتنقيب ما يقارب مليوني متر مربع من حقول الألغام المشبوهة ومناطق المتفجرات المتناثرة و14200 متر من طرق الدوريات على طول “الخط الأزرق” ، كما كشفت ودمّرت أكثر من 18 ألف لغم وأنواع أخرى من الذخائر غير المنفجرة، وأكثر من 500 ألف قطعة من الأجسام المعدنية، وعملت على تنظيف وصيانة أكثر من 300 ممر لحقول الألغام، وإزالة أكثر من 100 ألف متر مربع من الألغام. منذ تنفيذ وقف إطلاق النار بين لبنان واسرائيل، لا تزال بعض الذخائر غير المنفجرة المتبقية في منطقة البعثة تُشكّل تهديدًا مباشرًا على الحياة اليومية للشعب اللبناني. وقد نفذت قوات مكافحة الألغام الصينية
مرارًا وتكرارًا مهام إزالة الذخائر غير المنفجرة بالقرب من الخط الأزرق، حيث نظفت مساحة إجمالية تزيد عن 60 ألف متر مربع. لطالما حافظت قوات حفظ السلام الصينية على فخر إنجازها في إزالة أكبر مساحة من الألغام وأكبر عدد من الذخائر بأقوى سرعة بين قوات حفظ السلام التابعة لليونيفيل، فحققت “المعجزة الصينية” المتمثلة في “صفر إصابات” وأصبحت علامة بارزة لقوات اليونيفيل.
ثانيًا: الهندسة والبناء وإنشاء علامة تجارية صينية
ونظراً للتضاريس الحدودية المعقدة والممرات الضيقة في جنوب لبنان، وضعت قوات حفظ السلام الصينية خطة علمية لاستكمال بناء الملجأ الأرضي الأكبر والأكثر حماية واكتمال في منطقة البعثة، ونفذت أكثر من 13 ألف مهمة دعم هندسية من مختلف الأنواع بمعايير عالية، ومهدّت أكثر من 180 ألف متر مربع من الأراضي، وأزالت الأنقاض عن الطرق في 46 منطقة، وبنت أكثر من 11 ألف متر من الطرق، وزرعت 135 أساسًا لمشروع تحديد “الخط الأزرق”،
وبنت 1200 متر من قنوات الصرف الصحي و102 ملجأ، و38 منزلاً جاهزاً. منذ وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، لطالما ساعدت قوات هندسة البناء الصينية القوات الصديقة في إزالة أكثر من 30 حاجزًا على الطرق قرب “الخط الأزرق”، وتنظيف أكثر من 1600 متر من الطرق، وفتحت العديد من الممرات الخضراء السالكة لتسهيل عودة السكان اللبنانيين إلى ديارهم. وقد لاقت “الجودة الصينية” و”المعايير الصينية” و”السرعة الصينية” إشادة واسعة من المجتمع المحلي.
ثالثًا: المساعدات الإنسانية تُظهِر المسؤولية الصينية
قامت قوات حفظ السلام الصينية في لبنان بمسؤولياتها كقوة عسكرية كبيرة، وعملت بجد لتقديم المساعدات الإنسانية، ونشرت مبدأ “المحبة الصينية”. فقد تبرعت بالأدوية والمستلزمات اليومية واللوازم المدرسية للمدارس المحلية والقرى المجاورة أكثر من 200 مرة، وساعدت القرى المحلية في تركيب مرافق الإضاءة، وقدّمت المساعدات لبناء مدرسة صور الفنية الرسمية للتعليم المهني والتقني. كما وبادرت قوات حفظ السلام الصينية بإجراء استشارات طبية لعناصر الجيش اللبناني والسكان في القرى والبلدات المحلية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية ومدارس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث استخدم الأخصاء الصينيون علاج الوخز بالإبر والتدليك وأساليب أخرى من الطب الصيني التقليدي، حيث وبلغ إجمالي عدد المرضى الذين عولجوا 90 ألف مريض، وأُجريت أكثر من 2500 عملية جراحية. عززت هذه الإجراءات العملية ثقة السكان المحليين وعزيمتهم، ولقيت استحسانا من الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية والشعب اللبناني.
رابعًا: التبادلات الخارجية تروي قصة الصين
على مر السنين، نظمت وشاركت “الخوذ الزرقاء” الصينية بشكل نشط في مختلف أنشطة التبادل الثقافي في منطقة البعثة، وفتحت دورات تدريبية للغة الصينية والفنون القتالية، وأقامت حفل عيد الربيع الصيني، ومهرجان الطعام الصيني الثقافي، واليوم العالمي للغة الصينية وغيرها من الأنشطة، وقدمت إلى المسرح الدولي مقومات ثقافية صينية تقليدية مختلفة مثل فنون الدفاع عن النفس، ورقصة الأسد، وعرض الأوبرا السيتشوانية (تغيير الوجه)، والرسم المائي والخط الصيني التقليدي. كما قدمت قوات حفظ السلام الصينية للأصدقاء الأجانب إنجازات التنمية الصينية والمفهوم الاستراتيجي لمبادرة “الحزام والطريق” والممارسة العملية لإصلاح وتقوية الجيش، وشاركت في منح الميداليات في مراسم التسلم والتسليم لقوات حفظ السلام لأكثر من 10 دول بما فيها سريلانكا والهند وإيطاليا، ونفذت ندوات حول تجربة حفظ السلام والتبادلات الثقافية مع قوات حفظ السلام لأكثر من 10 دول بما فيها إيطاليا وكمبوديا وغانا، فَرَوَت القصة الصينية بصورة جيدة، وسمحت لمزيد من الأصدقاء الدوليين بفهم الصين والإعجاب بها.
ظل الجيش الصيني قوةً ثابتة في الحفاظ على السلام العالمي، وسيواصل في المستقبل توسيع وتعميق مشاركته في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وتنفيذ مبادرات الأمن العالمي بنشاط، وخدمة بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، ودفع التعاون العسكري الدولي بشكل شامل في العصر الجديد، وتوفير المزيد من منتجات الأمن العام للمجتمع الدولي، وتقديم مساهمات جديدة وأكبر من أجل الحفاظ على السلام العالمي والاستقرار الإقليمي.