ساد قلقٌ مكتوم في بيروت، مما قد تحمله مرحلة ما بعد زيارة توماس براك، في ضوء المؤشراتِ إلى أن محادثات الموفد الأميركي طغا عليها طابع.. "الحرَكة بلا بَرَكة".
وبدتْ أوساطٌ مطلعة غير مرتاحةٍ لمآلاتِ مَهمة براك رغم حديثه أمس، عن "لقاءٍ ممتازٍ" عَقَدَه مع رئيس البرلمان نبيه بري الذي يضطلع بمهمة مزدوجة:
- كركنٍ من "الترويكا" الرئاسية التي تصيغ "بإسم الدولة" موقفَ لبنان من المقترح الأميركي حيال سَحْبِ سلاح "حزب الله" ضمن مهلة زمنية مُجَدْوَلة لأشهر قليلة.
- وكمساعٍ، بتفويض من "حزب الله"، إلى "قوْلبةٍ" على طريقة الـ "لعم" لرَفْضِ الأخير مبدأ تسليم السلاح من ضمن إطارٍ ناظِم يَعتبر أن واشنطن وتل أبيب تحدّدانه، توقيتاً وأهدافاً، وذلك بما يجنّب إظهارَ الحزب وكأنه هو مَن أطلق "رصاصة الرحمة" على وساطة براك، وتالياً وَضْعِه ومعه المكوّن الشيعي في عين "عاصفة نار" إسرائيلية جديدةٍ.
وفي أعقاب لقاء الساعة ونصف الساعة مع بري، أكد براك رداً على سؤال عن عدم تقديمه ضماناتٍ للبنان مقابل سحب السلاح «ان المشكلة ليست في الضمانات»، لافتاً إلى أن «كل شيء يتجه نحو الأفضل، والمنطقةً تسير نحو الاستقرار».
وأضاف "مستمرّون بالعمل ونحرز تقدماً وعليكم أن تتحلّوا بالأمل".
وكان برّاك قال عند وصوله الى عين التينة "متفائل من زيارتي.. وأميركا لن تتخلّى عن لبنان".
وفي موازاة المناخ الذي أشاعه براك، فإن معطياتٍ برزت وحملت تشكيكاً في إمكان أن تخرج الزيارة الثالثة للموفد الأميركي في نحو شهر بما هو مختلف عن محطّتيه السابقتين، الأولى التي سلّم خلالها مقترحه حول سَحب السلاح، والثانية التي تلقّى خلالها الردّ اللبناني عليه قبل أن يعود ويَضع ملاحظاتٍ على الردِّ وصلتْ الى بيروت عبر السفارة الأميركية وتبلّغ الإثنين، الجواب اللبناني الرسمي عليها.
وإذ أشارتْ الأوساطُ المطلعةُ إلى أن ما قاله برّاك عقب زيارة بري مفهومٌ في ظل صعوبة تَصَوُّر أن ينزلق إلى نعي مَهمّته ومن بيروت، توقّفت عند مناخيْن متضاربين برزا بإزاء اللقاء مع رئيس البرلمان:
واحدٌ أشاع أنه كان "جيداً جداً وساهَمَ في تبديد جو التشاؤم الذي ساد في الساعات الماضية" وقوبل بأعصاب مشدودة في بيروت.
وآخَر تحدّث عن أن اللقاء لم يحمل إضافاتٍ إلى جوهر الموقف الرسمي على قاعدة "التزامُن والتوازي" بين السلاح والانسحاب والإعمار.
وبحسب هذا المناخ، فإن ما قيل عن طَرْحٍ يُفترض أن يكون قدَّمه رئيس البرلمان ويَقضي بالتزام اسرائيل بوقف النار التام لمدة 15 يوماً مقابل إطلاق مَسار سَحْب السلاح، لا "يملأ فراغاً" جوهرياً اعتَبر الموفد أنه موجود في الردّ الذي تبلّغه من الرئيس جوزاف عون واعتبرَه براك "ناقصاً" لجهة خلوّه من أي جدول زمني لنزْع السلاح.
وتَرافق ذلك مع 3 إشاراتٍ بالغة الدلالات تَعكس مخاوف من أن يكون لبنان ينزلق يوماً بعد آخر مجدداً ليعود "ملعب نار" لاسرائيل سواء في إطار الخط الأحمر الذي ترسمه أمام احتفاظ الحزب بسلاحه أو في سياق مواجهتها التي لم تنتهِ مع إيران. وهذه الإشارات هي:
- ما أبلغتْه أوساط مواكبة لزيارة براك إلى "الراي" عن أن براك يَعتبر أن "ساعة ترجمة النيات الرسمية حيال سلاح حزب الله وسحْبه دقّت"، لافتةً إلى أن لبنان بات أمام مفترق الانتقال من التمنيات والمصطلحات التجميلية إلى خطةٍ عملية تنفيذية ومحدَّدة زمنياً وفق مضمون المقترح الأميركي (يبدأ بقرار في مجلس الوزراء ويمر بموافقة علنية من الحزب ولا يمتدّ لأبعد من أربعة أشهر) وإلا "تَحمَّلوا مسؤوليتكم، فهذه أصلاً مطالبكم كلبنانيين"، ومشيرة في ضوء ذلك إلى أن محطة الأميركي في بيروت هي على طريقة "الثالثة ثابتة، يا بِتْحِطّ أو بِتْنِطّ".
- ما نقلتْه قناة "الحدث" عن مصادر من أن زيارة براك "خرجت بنفس نتيجة الزيارة السابقة"، وأن "حزب الله يسعى لإلقاء اللوم على الدولة للتنصل من مسؤوليته"، كاشفة أن "لبنان طلب من الأميركيين تحقيق أحد مطالبه حتى يواجه به الحزب".
ووفق المصادر فإن "اسرائيل رفضت تقديم أي تنازل" وأن "حال المراوحة الحالية تفتح الباب أمام تطور الوضع عسكرياً"، مشيرة إلى "أن الجميع متفقون على أن لبنان ذاهب لشكل جديد من المواجهة العسكرية"، ومضيفة "يمكن اختصار زيارة برّاك بأنه لم يقدّم جديداً ولم يأخذ أي جديد".