بات لبنان أمام واقع نفاذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع 27 نوفمبر وانتهاء صلاحيته، على رغم ضرب إسرائيل به عرض الحائط منذ اليوم التالي له، بإقدامها على احتلال أراض لبنانية، والقيام بأعمال تفجير للمنازل وتجريف الطرق والبنى التحتية في القرى الحدودية، ومنع أي شكل من أشكال الحياة فيها.
في الصالونات السياسية اللبنانية كلام أيضا عن ضربات إسرائيلية متوقعة ومتفاوتة في حدتها، من دون حسم إمكانية رد لبناني (من قبل حزب الله)، وإن كانت معلومات أمنية أشارت لـ «الأنباء» إلى «تبدل المعطيات اعتبارا من بداية سبتمبر المقبل، ما لم يتم التوصل إلى حلول، ونزول الطرف الإسرائيلي عن الشجرة قليلا».
وسجل المراقبون تصعيدا في المواقف الضاغطة على الحكومة اللبنانية من خلال التصريحات التي اطلقها الموفد الأميركي توماس براك في ختام زيارته إلى لبنان وبعد مغادرته، ليبدد الكثير من الاجواء المقبولة التي سادت خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين.
وعبر مقرب من مسؤول رسمي كبير لـ «الأنباء» عن الخشية من أجواء التصعيد انطلاقا من تصريح براك، إلى قرار الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف سحب فريق التفاوض بشأن غزة، في خطوات تحمل أكثر من إشارة، بالتوازي مع الرعاية الأميركية للقاء إسرائيلي ـ سوري في باريس، لإبلاغ الجميع بطريقة غير مباشرة أن هذا المسار المطلوب، وهو التفاوض مع إسرائيل حول ما هو أبعد من هدنة أو فض اشتباك ووقف إطلاق نار.
وأضاف المصدر «طلب الجانب اللبناني وقف الغارات لمدة محددة لا تتجاوز الاسبوعين للبدء بخطوات مقابلة بشأن جمع السلاح، وهذا أقل المطلوب من قبل لبنان الذي التزم بكل بنود اتفاق وقف إطلاق النار، على رغم استمرار العدوان والخروقات الإسرائيلية التي تجاوزت الـ 3500 على مدى الأشهر الثمانية الماضية.. لكنه فوجئ بشن إسرائيل بعد مغادرة الموفد الأميركي أعنف الغارات على منطقة النبطية شمال الليطاني. وسبق ذلك استهدافات بالمسيرات والقيام بعمليات تدمير للمنازل في القرى الحدودية، فيما كان لافتا إشعال الحرائق في أحراج المناطق القريبة من الحدود، وقد عملت فرق الدفاع المدني بصعوبة على منع تمددها إلى القرى المجاورة».
ورأى المصدر «انه من الواضح ان إسرائيل قد تجاوزت اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل اليه في 27 نوفمبر 2024، وكذلك بنود القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن بعد حرب يوليو عام 2006، وتدفع الامور نحو إجراءات جديدة مستفيدة من الأجواء الإقليمية المستجدة، والتي قلبت موازين الامور لصالحها على كل المحاور. وكذلك غياب توازن الردع على الجبهة اللبنانية الذي كان سائدا على مدى نحو 18 سنة قبل الدخول في «حرب الإسناد» للعدوان على غزة من قبل حزب الله، وما اعقبها من حرب مدمرة على لبنان، والتي أدت وفقا لتقرير للأمم المتحدة إلى تهجير مليون و200 الف شخص، وتعرض 64 الف مبنى للدمار أو الضرر الكبير، إضافة إلى تراجع مستوى التعليم في المناطق التي طالتها الحرب، الأمر الذي يعني ان لبنان لن يستطيع النهوض بمفرده مهما حاولت الحكومة اتخاذ اجراءات وخطوات، ما لم تتلقى الدعم الاستثنائي من المؤسسات الدولية ومنظمات الامم المتحدة».