رغم التحدّيات السياسية والأمنية والاقتصادية، ظلّ الجيش اللبناني ثابتًا وسط الركام وحرائق الحروب. تمكّن من الإمساك بخيوط الاستقرار المحلّي في بلد يهوى اللعب على حافة السقوط. عليه، ينطبق المثل العسكري – الشعبي القائل "ما في غير طنسة بالجيش"، إذ "لم يبقَ في الدولة إلّا الجيش"، لا سيّما خلال مرحلة الانحلال المؤسّساتي واستفحال الأزمات المصابة بداءٍ مزمن، متأهّبًا في ساحات الوطن وحده (إذ لا ساحة له غيره)، من الحدود إلى الحدود ومن الساحل إلى الجرود. تلقّى سهام التشكيك بدوره وقدراته، تحمّل أوزار الانهيار المالي. لكنّه، اكتسب ثقة الشعب اللبناني. لم ينخره الفساد كباقي المؤسّسات، وبقيت قيادته متراصّة موحّدة على عكس تشتت السلطات الحاكمة طيلة الفترة الماضية.
أثبت الجيش أنه ليس قوّة عسكريّة وأمنيّة فقط، بل عمادًا اجتماعيًّا وأهل ثقة عند المجتمعين الغربي والعربي. تجلّت هذه الثقة، عقب انفجار مرفأ بيروت، إذ وبطلب دولي، تسلّم الجيش إدارة مسح الأضرار وتوزيع المساعدات. من دون أن ننسى جهوده في مقاومة "كورونا"، وتنفيذ مهمّات الإغاثة في العواصف والحرائق.
أمّا على مستوى مكافحة الإرهاب، فأدّى انتصار الجيش في عملية "فجر الجرود" عام 2017، وتحرير السلسلة الشرقية من فلول "داعش"، إلى تعزيز صورته كمؤسّسة قادرة على صون البلاد من الخطر الإرهابي من دون منّة أحد. وأثبت أنه بقوّته الذاتية وعقيدته القتالية الوطنية الصافية والتفاف الشعب حوله ووضوح القرار السياسي، يستطيع حماية السيادة، رغم غطرسة المشكّكين ومخرّبي الأوطان والساحات.
خلال انتفاضة 17 تشرين بحكمة وحذر بين غليان الشارع و "تطنيش" السلطة السياسية التي يخضع لها الجيش، كان صمّام الأمان، ومَنَعَ انزلاق البلاد إلى صدام أهليّ.
في إطار ضبط الحدود ومنع التهريب، يقوم الجيش بتكثيف انتشاره على طول الحدود اللبنانية التي تشهد تهريبًا أو نشاطًا غير قانوني. يشمل تعزيز المواقع العسكرية في النقاط الحدودية لتوفير تواجد مكثف وإغلاق أيّ ثغرات يمكن أن تستغلّ من قبل المهرّبين. وتجدر الإشارة إلى أنّ معظم الحدود الدولية لا تخلو من التحدّيات وأعمال التهريب، خصوصًا إذا كانت متداخلة وطبيعتها الجغرافية صعبة للغاية كالحدود اللبنانية - السورية، وذلك لوجود سلسلة جبال لبنان الشرقية مع كلّ ما تحتويه من تضاريس يتمّ استغلالها من قبل المهرّبين.
من هنا تبرز الحاجة لإقامة مراكز عسكرية ثابتة على طول الحدود تترافق مع تسيير دوريات راجلة ومؤللة ونصب كمائن بصورة مستمرّة، بالإضافة إلى تشييد أبراج مراقبة مجهّزة بكاميرات حديثة يمكنها العمل في مختلف الظروف المناخية، ما يساهم في ضبط هذه الحدود إلى حدّ كبير.
في هذا السياق، حقق الجيش نتائج ملموسة، وقد نشر بيانات تشير إلى الإنجازات التي حقّقها في محاربة التهريب. وذلك بالتنسيق مع هيئة الأركان العامة السورية عبر مكتب التعاون والتنسيق في الجيش اللبناني.
كما في البرّ كذلك في البحر، تنفّذ وحدات الجيش عمليات مكافحة التهريب للمهاجرين غير الشرعيين، نظرًا إلى الأخطار التي تؤثّر على الأمن الداخلي من جهة والأخطار الناجمة عن محاولات التهريب عبر البحر في مراكب غير آمنة تهدّد حياة عائلاتهم وأطفالهم خلال عمليات التهريب. في هذا الإطار تعمل المؤسسة العسكرية على التعاون مع مختلف الجيوش الصديقة المعنيّة لتجاوز التحدّيات المرتبطة بحماية الحدود البحرية.
كما تعمل وحدات الجيش والقوات البحرية وفق الإمكانات المتاحة والمتوافرة، لكنها غير كافية لجهة العديد والعتاد لضبط الحدود البرية والبحرية على السواء، الأمر الذي يتطلّب تأمين العتاد المطلوب والآليات والمحروقات اللازمة لتنفيذ الدوريات والمهمّات. وفي هذا المجال، تبذل المؤسسة أقصى جهودها في سبيل الحفاظ على أمن لبنان واستقراره.