ابتسام شديد – "إيست نيوز"
في المشهد الموازي لتصعيد "حزب الله" الذي رفع أمينه العام نعيم قاسم سقف خطابه السياسي معلنا رفض تسليم السلاح قبل الحصول على ترتيبات تتعلق بالأسرى والانسحاب الإسرائيلي، كانت لافتة المرونة التي أبداها الحزب في الداخل سواء بقرار ضبط التحركات على الأرض وتهدئة مناصريه. فيما كان الأهم الجولة التي بدأتها وفود من الحزب قبل الجلسة الحكومية على شخصيات سياسية وحليفة، حيث التقى الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون، رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، رئيس الحزب رئيس الحزب الديمقراطي طلال ارسلان ورئيس تيار الكرامة فيصل كرامي ورئيس حزب الإتحاد حسن مراد وسيلتقي لاحقا رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
عن هذه الجولة والظروف التي استدعتها وما يمكن ان تؤدي اليه، أكدت مصادر سياسية وحزبية لـ "ايست نيوز" ان تسارع الأحداث والأجندة الساخنة المتعلقة بقرار نزع السلاح والخوف من اي تداعيات في الداخل دفعت الحزب لهذه الجولة بهدف التواصل مع القوى السياسية لشرح وجهة نظره وفتح النقاش حول مصير سلاحه. وقد استدعت رؤيته ان تكون جولة واسعة وشاملة لتشمل شخصيات "صديقة وحليفة" حصل تباين سياسي معها في وقت سابق حول ملفات أساسية .
وكشفت المصادر لـ "موقع ايست نيوز" ان "حزب الله" سيكثف حراكه نظرا لتزايد التحديات الجديدة التي فرضت نفسها بعد اجتماع مجلس الوزراء امس، وهو اليوم يقوم باتصالات مع قوى سياسية ابتعد عنها قبل فترة ولأسباب مختلفة من أجل ترميم علاقاته بها، بحثا عن مساحات تفاهم مشتركة معها
وعلى الرغم من اهمية الحركة التي يقوم بها الحزب، إلا ان لقاء الرابية مع الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون. فهو شكل في شكله ومضمونه وتوقيته المحطة الأبرز التي لا تشبه مثيلاته قياسا على حجم وشكل العلاقة مع الرجل التي تعود على عقدين من الزمن على الأقل بين الطرفين وهي تمتد بمحطتها الأولى منذ تفاهم "مار مخايل" في شباط 2006 ، وكان عون من أول الشخصيات التي قدمت التعازي وتأثرت باستشهاد الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصرالله .
على وقع هذه التطورات تضيف المصادر لتقول: مع ان العلاقة اهتزت في الأشهر الماضية بين الطرفين على أثر التباين في مواقفهما واختلاف وجهات النظر، إلا ان العلاقة الإستراتيجية والتواصل عبر قنوات معينة لا تزال موجودة مع شخصيات في الحزب. وعليه فإن أهمية لقاء الرابية أنه يأتي بعد فترة من "البعد القسري" بين الطرفين على إثر موقف التيار من حرب "الإلهاء والإسناد" - كما تقول المصادر - فالتيار الوطني الحر وقف ضد انخراط الحزب فيها إسنادا لغزة بتأكيده حينها ان "لبنان ليس مرتبطا بمعاهدة دفاع عن غزة"، وكذلك كان رافضا لمبدأ "وحدة الساحات" مما أدى الى الخلل في ميزان العلاقة حيث لم يكن الحزب مرتاحا في حينه لمواقف كل من الرابية و الشالوحي.
وعن لقاء الرابية أكدت المصادر عينها، ان الحديث شمل جولة أفق حول مواضيع الساعة وموضوع تسليم السلاح مرورا بأحداث السويداء. وقد تناول عون رؤيته للمتغيرات في المنطقة واستمرار الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان معربا عن تخوفه من احتمال حصول عدوان اسرائيلي جديد على لبنان .ولم يخفي عون قلقه من الضغوط التي تمارس على لبنان والسعي الأميركي للسيطرة على المنطقة. وفي شأن السلاح جدد تأكيده على اهمية "حصر السلاح بيد الدولة" بقوله "ان موضوع السلاح يحتاج الى استراتيجية دفاعية وأن الحزب يعرف كيف يتصرف في هذا الموضوع".
وفي المقابل أكد وفد الحزب امام الرئيس عون ان موضوع السلاح يحتاج الى حوار واستراتيجية بسبب الخطرين المتأتيبن من الحدود الجنوبية مع اسرائيل والحدود الشرقية مع سوريا. ولذلك اعتبر الحزب ان نظرته ليست بعيدة عن قراءة التيار، وهما يلتقيان حول"ضرورة التزام العدو الإسرائيلي بالاتفاقيات وقيام الدولة الضامنة بدورها .
وختاما تنتهي المصادر الى القول: ان رسائل كثيرة يمكن استخلاصها من جولة الحزب، فهو يحاول ان يقول ان السلاح مصدر قوة للبنان ضد المخاطر ويجب الإستثمار فيه ويحاول ان يفرض حصول ترتيبات وضمانات أتسبق قرار تسليم السلاح وهو يسعى وراء حشد سياسي داعم لموقفه، وهو أمر ليس من السهل البت بوجوده من اليوم.