عاجل:

تثبيت وقف النار مدخل لتغيير قواعد اللعبة في لبنان ( الأنباء الكويتية )

  • ٤٩

بعيد من ظاهر الصياغة الديبلوماسية للورقة التي قدمها الجانب الأميركي بشأن تثبيت إعلان وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، وتحديدا لمرحلة ما بعد 27 نوفمبر 2024، تتكشف في عمق البنود الـ 11 الأميركية والمعدلة لبنانيا أهداف تتعدى مجرد التهدئة إلى مشروع إعادة تشكيل الواقع اللبناني على المستويين السيادي والأمني، وصولا إلى إعادة هندسة العلاقة بين الدولة اللبنانية ومكوناتها السياسية والأمنية، وفي مقدمتها «حزب الله».

اللافت، وفق ما يؤكد مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ«الأنباء»، «أن الورقة بصيغتها المعدلة والتي أدخل الجانب اللبناني تعديلات عليها، لا تشكل مجرد خارطة طريق لهدنة تقنية أو مؤقتة على الجبهة الجنوبية، بل ترسم مسارا طويلا ومركبا نحو إعادة بناء الدولة اللبنانية ككيان سيادي مكتمل المواصفات. فكل بند من بنود الورقة يحمل في طياته اشتراطات واضحة لتحصين وقف إطلاق النار، لكن على قاعدة إعادة تعريف الدولة، وموقع القوى غير الشرعية، وتحديد وجهة لبنان الجيوسياسية في المرحلة المقبلة».

وتظهر القراءة المتأنية لهذه الورقة أنها لا تقف عند حدود القرار 1701 الذي طالما شكل أساسا نظريا للتسوية في الجنوب، بل تسعى إلى توسيع مضمونه نحو التطبيق الكامل للدستور اللبناني واتفاق الطائف، بما يعنيه ذلك من تحويل مجمل التوازنات الداخلية، وإلغاء الأدوار العسكرية لأي قوة غير نظامية. والمقصود هنا في شكل غير ملتبس هو سلاح «حزب الله» والفصائل الفلسطينية، الذي يفترض وفق الورقة أن يجرى العمل على إنهاء وجودها المسلح تدريجيا في الأراضي اللبنانية، شمال الليطاني كما جنوبه، وذلك بآليات دعم مباشر للمؤسسات الأمنية الرسمية، وفي طليعتها الجيش اللبناني.

ويضيف المصدر الديبلوماسي: «هذه الورقة تستبطن بوضوح تصفية تدريجية للبنية المسلحة للحزب، والفصائل المسلحة الأخرى وإن بشكل غير تصادمي، وذلك عبر ثلاث أدوات متوازية: أولا، تعزيز قدرات الجيش اللبناني ورفده بالعتاد والدعم النوعي. ثانيا، نشره في كل النقاط الاستراتيجية الحساسة ولاسيما الحدودية. وثالثا، ربط أي دعم اقتصادي دولي للبنان بتنفيذ التزامات هذه الورقة حرفيا، أي بجعل الدعم المشروط سلاحا ناعما بيد الدول الكبرى لدفع الدولة اللبنانية نحو خيار واحد لا ثاني له: حصرية السلاح بيدها».

في الموازاة، لا تهمل الورقة الإشارة إلى ضرورة انسحاب إسرائيل من «النقاط الخمس» العالقة، وتسوية قضايا الأسرى، وترسيم الحدود مع إسرائيل وسورية، ما يعني أن الحل المطروح هنا ليس أحاديا ولا استنسابيا، بل يعرض تسوية شاملة لا تستثني أي طرف من موجباتها.

لكنه، كما يلفت المصدر نفسه، «يخضع كل بند للموافقة الصريحة من الدول المعنية، ما يمنح الورقة طابعا تعاقديا غير ملزم إلا برضا الأطراف الإقليمية والدولية، وهذا ما يفتح الباب أمام مسار تفاوضي طويل، لكن مضبوط بالحد الأدنى من التفاهمات الكبرى».

المنشورات ذات الصلة