رغم إصدار اللجنة الوزارية المؤلفة من وزراء الداخلية والخارجية والعدل والعمل والإعلام والدولة لشؤون التكنولوجيا تقريراً في 9 تموز الماضي حول تنظيم الانتخابات النيابية، وطلبها من رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وضعه على جدول الأعمال لمناقشته، يمتنع الأخير عن إدراجه على جدول الأعمال منذ شهر.
وتقول مصادر وزارية لـ"الأخبار" إن رئيس الحكومة غير متحمس لمناقشة المسألتين العالقتين في القانون، أي اقتراع غير المقيمين والبطاقة الممغنطة، وينتظر ما سيؤول إليه موضوع سلاح حزب الله ظناً منه أنه بعد الانتهاء من هذا الملف يصبح في إمكانه الانتقال إلى تطبيق اتفاق الطائف كاملاً، بما فيه قانون انتخاب خارج القيد الطائفي واستحداث مجلس شيوخ. لكن المصادر نفسها تستبعد أن ينجح في هذا المسعى لمعارضة أطراف داخل الحكومة نفسها هذا الطرح، ولا سيما الأحزاب المسيحية.
سلام سيجد نفسه مجدداً أمام مشكلة القانون الانتخابي الحالي 44/2017، إذ يتوجب عليه طرح ما تضمّنه التقرير على مجلس الوزراء لاتخاذ قرار في ما يخص التعديلات أو المراسيم التطبيقية أو يتحمل مسؤولية مخالفة القانون وصولاً إلى تأجيل الانتخابات النيابية. فمهمة رئيس الحكومة ليست سهلة مع إصرار كل الوزراء باستثناء حزب الله وحركة أمل على إلغاء المادة 122 التي تنص على إضافة ستة مقاعد نيابية للاغتراب موزعة على القارات الست.
«الأخبار» حصلت على تقرير اللجنة الوزارية الذي تفنّد فيه على مدى سبع صفحات المشكلات التي تواجه الحكومة وتخلص إلى ضرورة تحضير مجلس الوزراء مشروع قانون يتضمن: «إما تعليق أو إلغاء المواد المتعلقة بتخصيص ستة مقاعد للمغتربين أو استكمال النواقص وإلغاء اعتماد البطاقة الممغنطة المنصوص عنها في المادة 84 من القانون أو استبدالها بآلية تجيز التصويت في مراكز معدّة لهذه الغاية في بعض المناطق بموجب الـ QR code».
في النقطة الأولى، رأت اللجنة الوزارية أن ثمة تضارباً في النصوص، إذ نصت المادة 122 على إضافة ستة مقاعد لغير المقيمين إلى عدد أعضاء مجلس النواب ليصبحوا 134 في الدورة الانتخابية التي تلي الدورة الانتخابية الأولى التي تجري وفق القانون. أما في الدورة اللاحقة، فيجب تخفيض المقاعد الستة من عدد الأعضاء من الطوائف نفسها التي خصصت لغير المقيمين عبر مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير.
بناء عليه، «ضاع» الوزراء بين إن كان عليهم اعتبار الدورة الانتخابية التي ستحصل في عام 2026 كأنها الانتخابات الأولى، فيتم تطبيق القانون كاملاً أي زيادة عدد النواب إلى 134 أو أن تعليق المادة 122 في الدورتين السابقتين لا يؤدي إلى تجاوزها، أي اعتبارها لم تَجرِ، ما يوجب تخفيض عدد النواب إلى 122.
كذلك، وجد الوزراء «ثغرة» في القانون تتعلق بالقارات الست المذكورة بالمادة 112، إذ لم يعمد المشرعون إلى تحديد تلك القارات بينما يتم في الواقع اعتماد خمس قارات في المعاجم وهي أميركا وآسيا وأوروبا وأفريقيا وأوقيانوسيا. وعندما «يتم الإشارة إلى ست قارات يتم إضافة قارة سادسة وهي القطب أي أنتاركتيكا أو يمكن تقسيم القارة الأميركية واستثناء القطب». لذلك رأت اللجنة أن تحديد هذا التفصيل يعود إلى المُشرِّع، و«من غير المنطقي أن يقوم مجلس الوزراء بتوزيع المقاعد على أساس طائفي نظراً إلى دقة هذه المسألة وارتباطها ببعد دستوري يخرج عن صلاحية الحكومة».
في موازاة ذلك، وجد الوزراء ثغرة إضافية تتعلق بحق الترشح؛ فالقانون «لم يحدد ما إذا كان من حق أي لبناني غير مقيم في قارة من القارات أن يترشح عن المقعد المنسوب إلى القارة المذكورة، على أنه من غير الجائز أن تفصل السلطة التنفيذية في هذا الموضوع ما دام القانون فصل هذه المسألة في ما يتعلق بالترشح على المقاعد في لبنان». وعدّدت اللجنة الكثير من الشوائب في القانون من عدم تحديد المعايير الموضوعية لتوزيع الطوائف على القارات، وإن كانت تعتمد بشكل ثابت أو تتبدل في كل دورة انتخابية، سائلةً عن المعيار المعتمد (مكان الإقامة أو التسجيل القنصلي أو مكان الاقتراع) لربط المرشح أو الناخب بقارة معينة.
وأيضاً، تحدثت اللجنة عن غموض نظام الاقتراع في الخارج لناحية آلية تشكيل اللوائح وخضوعها للأحكام العامة (40% من عدد المقاعد بما لا يقل عن ثلاثة مرشحين) وكيفية احتساب الصوت التفضيلي في الخارج. فتلك الأمور وفقاً للتقرير «مسؤولية المُشرِّع الذي حدّدها للمقيمين ويفترض أن يحددها أيضاً للمغتربين». وفي هذا السياق، أورد الوزراء مجموعة ملاحظات حول غياب الشروط الخاصة بالترشح لناحية الأهلية والمستندات والحملات الانتخابية والحسابات المصرفية والإنفاق المالي وآلية مراقبة العملية الانتخابية في الاغتراب، وإن كانت هيئة الإشراف تملك صلاحية العمل خارج الأراضي اللبنانية.
أما في موضوع البطاقة الممغنطة، فتؤكد اللجنة بناء على المعطيات المتوافرة من وزارة الداخلية أنها لا تمتلك التجهيزات والوسائل اللوجستية الازمة لإصدارها وفقاً لما نصّ عليه القانون، ولكنها قادرة على وضع آلية تجيز إنشاء عدد من مراكز الاقتراع يمكن للناخب اللجوء إليها للاقتراع بدلاً من الاقتراع في دائرته، وذلك لتجنيبه عناء المسافة. وتتطلب هذه الآلية اعتماد الـ QR code بدلاً من البطاقة. غير أن تحديد مصير هذه المادة يعود إلى مجلس النواب أيضاً.
لذلك أوصت اللجنة المؤلفة من ستة وزراء برفع تقريرها إلى مجلس الوزراء حتى يصار إلى تحضير مشروع قانون للبتّ ببعض التعديلات وإرسالها إلى مجلس النواب الذي ينتظرها. فهل يدرج سلام الانتخابات على قائمة أولوياته، ولا سيما أن ثغرات القانون الانتخابي تتطلب وقتاً وتوافقاً سياسياً قد يحتاج الوصول إليه شهوراً، فيما الوقت يضيق، أم يواصل المماطلة إلى حين انقشاع الرؤية الأميركية حول مصير لبنان؟