عاجل:

"مهمة نتنياهو التوراتية" وضرورات الحوار في لبنان وبين طهران والرياض

  • ٥٤

بقلم: عبد الهادي محفوظ

رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يعتبر نفسه في "مهمة إلهية توراتية". مهمة توكله التوسع الجغرافي في غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان والعراق وصولا إلى نهر النيل في مصر. وإلى ما هو أبعد في الهيمنة الجغرافية والسياسية. يريد أن يثأر من الرومان ونبوخذ نصر. وممن؟ من العالم العربي المنهك بخلافاته وشكوكه واستقوائه على بعضه وبغياب الرؤية السياسية البعيدة في قراءة المتغيرات الدولية.

كل دولة عربية تريد أن تبعد "الكأس" عنها ولو كان على حساب جارتها العربية أو الإسلامية. لا هم. المهم أن يسلم النظام السياسي والحاكم. وهذا ما يريده نتنياهو ومعه اليمين الديني اليهودي الحاكم وتتغاضى عنه واشنطن "سيدة العالم" التي تحتمي بها الأنظمة السياسية من دون جدوى فلا تطمئنها على مستقبلها ولا على استعدادها لتكون جزءا من "العالم الإبراهيمي" مقابل "وعد بحل الدولتين".

ومع أن واشنطن هي وراء السعي إلى إقامة "العالم الإبراهيمي" غير أن نتنياهو يريده وفقا "للإرادة التوراتية" كما يراها هو لا كما تشاءها واشنطن من ربط بين مصالح مختلفة محكومة "بإرادة أميركية" تجعل من الولايات المتحدة الأميركية الفاعل الوحيد عالميا المتحكم بالقارات.

مواجهة "المهمة الإلهية التوراتية" استبقها الغرب الأوروبي" بدفع من المملكة العربية السعودية ومن ولي الععد الأمير محمد بن سلمان بتوسيع دائرة الدول المعترفة بفلسطين كمدخل إلزامي لحل الدولتين ولوقف السياسات الاسرائيلية بتجويع غزة وقتل الأطفال. وهذا ما أزعج واشنطن التي استنتجت أن الشعوب في الغرب الأوروبي تضغط على أنظمتها السياسية رفضا للسياسات الاسرائيلية، وأن "الشرارة الغربية الأوروبية" تحمل العدوى إلى الشباب الأميركي وحتى إلى داخل اسرائيل والمعارضة فيها. هذا أولا. وثانيا مواجهة هذه "المهمة الإلهية التوراتية" جاءت من طهران بدعوة إلى اعتماد سياسة ردع للإعتداءات الاسرائيلية وإلى احتضان حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وإلى الإعتراض على تسليم سلاح حزب الله وإلى مقاربة سياسية تقول بأن اسرائيل التي وسعت دائرة الأعداء لها في لبنان وسوريا والأردن والعراق وايران واليمن وحتى تركيا لا يمكنها ولا تملك القدرة في التوسع الجغرافي في "ظل سياسة ردع لها" خصوصا وأن واشنطن ترى استدراج المنطقة إلى حروب دينية عبر توسيع دائرة المواجهات لا يخدم مصالحها في وضع اليد على مصادر الماء والنفط والغاز والأسواق.

باختصار المعادلة في المنطقة تفرض حوارا عاجلا بين طهران والرياض لمواجهة أخطار واحدة تستهدف العاصمتين. ومثل هذا الحوار يجنب من احتمالات المفاجآت الوافدة. إزاء هذه الصورة ماذا تملي التطورات على لبنان؟ قبل أن يعلن نتنياهو مهمته الإلهية شيء وبعدها شيء آخر. فالمطامع الإسرائيلية في الجنوب اللبناني أكثر من واضحة في ظل ضمانات غير متوفرة للبنان ما يفرض تغليب الحوار بين السلطة السياسية وحزب الله وصولا لقواسم مشتركة. وهذا ما يمكن أن توفره المؤسسة العسكرية عبر قائدها العماد رودولف هيكل الذي يغلب التريث على التهور والحكمة على الإنفعال. فماذا يستفيد لبنان من استدراجه إلى فتنة أهلية في الوقت الذي تبني فيه اسرائيل "حائطا أمنيا جديدا" على الحدود.

أيا يكن الأمر "تبريد الأجواء السياسية" هو في مصلحة الجميع. والبحث عن "المخارج المعقولة" من جانب الرئيس العماد جوزاف عون هو ما تمليه المرحلة. أما مطالبة الخارج الدولي وخصوصا الأميركي للرئيس عون بالخروج من "حالة الإنكفاء" إلى "حالة التمكن" ما هي إلا دعوة لشل حركته وإلغاء أي مبادرة إنقاذية منه خصوصا أنه يملك إجماعا لبنانيا على خطاب القسم.

المنشورات ذات الصلة