عاجل:

لا ضمانات أميركية لمنع المنطقة العازلة... و"حزب الله" يتأهّب لإسقاط "حصر السلاح"؟ (النهار)

  • ٣٠

كتب ابراهيم حيدر:

لا شيء محسوماً في اتصالات المبعوث الأميركي توم برّاك والموفدة السابقة مورغان أورتاغوس مع إسرائيل لمعرفة ردها على الورقة الأميركية والمطالب اللبنانية المتعلقة بسياسة الخطوة مقابل خطوة، بعد قرار حصر السلاح بيد الدولة، والذي بدأ يأخذ أبعاداً جديدة مع النافذة التي فتحت بين رئاسة الجمهورية و"حزب الله". حتى الآن، لم يتبلغ لبنان الرد الإسرائيلي، أو ما إذا كانت هناك توجهات أميركية جديدة تدعم لبنان بتقديم ضمانات كان نفاها برّاك في زيارته الثانية لبيروت، حيث يقتصر التحرك الأميركي اليوم على اتصالات لا ترقى إلى مستوى المفاوضات، بخلاف المهمة التي كان يتولاها المبعوث الأسبق آموس هوكشتاين الذي كان ينتقل بين لبنان وإسرائيل في ذروة حربها مع "حزب الله".

يأتي قرار حصر السلاح بيد الدولة مع تسريبات تتحدث عن نية إسرائيل إقامة منطقة عازلة في الجنوب، فوفق معلومات تنقلها مصادر ديبلوماسية أن إسرائيل تصر على تكريس ما حققته حربها على لبنان، بعدما حوّلت المنطقة الحدودية أرضاً محروقة بتدمير القرى، وجعلتها أمراً واقعاً، فيما لا تعارضها واشنطن وتحاول إدراجها ضمن خطتها للتسوية. وبينما يُنتظر انجاز الجيش خطته، إلا أن التقدم في هذا الملف بات مرتبطاً إلى حد بعيد بما سيحمله برّاك، وسط ضغوط من "حزب الله" للتراجع عن القرار وتهديده بالمواجهة والتفجير، وأيضاً استمرار إسرائيل بالتصعيد العسكري.

هذا الواقع بدأ يثير مخاوف من انسداد محتمل يضع لبنان أمام خطر حرب إسرائيلية أو إبقائه مسرحاً لعمليات ضد الحزب، وأيضاً أمام خطر التفكك الداخلي بفعل انكشاف الدعم الإيراني لتشدد "حزب الله" ورهانه على إعادة إحياء المحور، وهو ما جدده أمين مجلس الأمن القوميّ الإيرانيّ علي لاريجاني، بتاكيده من طهران أنّ "المقاومة في المنطقة رأس مال استراتيجيّ، ونحن في حاجة إلى دعم "حزب الله" بقدر حاجته إلينا".

ما يجري اليوم في الجنوب لا يدل على أن إسرائيل ستسهل تنفيذ الخطة اللبنانية لسحب السلاح، ما لم تحصل على ما كرسته ميدانياً خلال حربها بعد معركة إسناد غزة. ولذا هي تضغط على الدولة للاصطدام بـ"حزب الله" من خلال شروطها، وهذا الأخير يسهل الأمور ويمنح الذرائع عبر تمسكه بسلاحه الذي لم يتمكن من إرساء توازن ردع ولا منع احتلال القرى التي هيّأتها إسرائيل منطقة عازلة. وهو ما يهدد القرار 1701، والتفاوض لترسيم الحدود وفق اتفاق الهدنة 1949. وتشير المصادر إلى أن شرط المنطقة العازلة هو فرض إسرائيلي لمعادلة جديدة على الحدود، تبدأ بمنع إعادة التموضع العسكري للحزب، بما في ذلك منع إعادة الإعمار إلا وفق الشروط الإسرائيلية المدعومة أميركياً، من ضمن خطة جرى تسريبها سابقاً، بإشراف أميركي وفق معايير تمنع بناء الملاجئ والأنفاق وتكون بمراقبة دولية.

بيد أن قرار حصر السلاح بيد الدولة يبقى مخرجاً لاستعادة الدولة قدرتها على المبادرة جنوباً، لكن المعوقات التي يضعها الحزب بدعم إيراني، تضرب خطة الدولة للدفاع عن لبنان. وفي المقابل يأخذ لبنان على المجتمع الدولي أنه لا يدعم المؤسسات في شكل يمكنها من استعادة وظيفتها، خصوصاً دعم الجيش وتسليحه، وهو ما قد ينعكس على قرار الدولة بحصر السلاح ومدته الزمنية، طالما لا تمارس أميركا ضغوطاً على إسرائيل للانسحاب، فتضعف دور الدولة إلى أقصى الحدود.

الحزب لا يمنح المساعدة للدولة في عملية استعادة السيادة ولا يسهل للجيش السيطرة على الارض، ولا يترك للبنانيين المجال للتفكير فعلاً في ابتكار أساليب ووضع طرق بما فيها المقاومة لاستعادة الأراضي المحتلة. وهو في هذا السياق يرفع لاءاته وممانعته لحصر السلاح، فيضع الجميع تحت الضغط بمن فيهم الجيش، ويسهل ممارسة ضغوط دولية جديدة على لبنان ستكون وفق المصادر الديبلوماسية أقسى بكثير من السابق؟


المنشورات ذات الصلة