عاجل:

مورغان أورتاغوس بين السياسة والتجميل: حين تتحوّل صورة عابرة إلى رسالة ديبلوماسية!? (خاص)

  • ٤٩

خاصّ- "إيست نيوز "

جوي ب. حداد

لم يكن مقطع الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لمستشارة البعثة الأميركية في الأمم المتحدةمورغان أورتاغوس، وهي تصفّف شعرها في أحد صالونات العاصمة، مجرّد مشهد عابر من حياتها اليومية، بل تحوّل في لحظات إلى مادة سياسية وإعلامية مُثيرة للجدل.

فخلال زيارتها الثانية إلى لبنان في أقل من أسبوعين، حيث أجرت لقاءات مكثّفة مع مسؤولين رسميين وقيادات سياسية، ظهر الجانب الآخر من الدبلوماسية الأميركية: وجهٌ غير رسمي، أقرب إلى الناس، بعيد عن البروتوكولات الصارمة التي تسيطر عادة على تحرّكات الموفدين الدوليين.

بين العفوية والرسائل المبطّنة

التعليقات التي واكبت الفيديو انقسمت على نحو لافت. فالبعض اعتبر أنّ جلوس أورتاغوس على كرسي التجميل كأي سيّدة لبنانية يشي ببُعد إنساني عفوي، يعكس ارتياحها داخل المُجتمع المحلي ورغبتها في الاندماج معه ولو للحظات قصيرة. آخرون قرأوا المشهد في سياق أوسع، معتبرين أنّه رسالة غير مباشرة هدفها إظهار أنّ الولايات المتحدة ليست بعيدة عن الناس في لبنان، وأنّ دبلوماسيتها قادرة على كسر الجليد والتواصل مع الشارع بوسائل غير تقليدية.

صورة الدبلوماسي خارج القوالب الجامدة

اعتاد اللبنانيون أن يشاهدوا الموفدين الأجانب في قاعات المؤتمرات، أو عبر الصور الرسمية من القصر الجمهوري والسرايا الحكومية. غير أنّ لحظة أورتاغوس في صالون تجميل بيروتي تكسر تلك الصورة النمطية. فهي صورة تحمل بُعداً سياسياً ناعماً، حيث تُوظَّف الحياة اليومية كوسيلة للتأثير في الرأي العام، وربما للتخفيف من حدّة الرسائل السياسية الصارمة التي تُنقل خلف الأبواب المغلقة.

لبنان بين الدبلوماسية الصلبة والناعمة

زيارة أورتاغوس لم تقتصر على صالونات التجميل بطبيعة الحال. فهي التقت مسؤولين لبنانيين لمناقشة ملفات حساسة تتعلّق بالاستحقاقات الداخلية والعلاقات الإقليمية، إلى جانب دور لبنان في معادلات المنطقة. لكنّ حضورها في المشهد العام عبر فيديو بسيط أثار تفاعلاً شعبياً قد يوازي أحياناً وقع التصريحات السياسية.

هنا تبرز الدبلوماسية الناعمة: استخدام الرمزية، الصورة، وحتى تفاصيل الحياة الشخصية لتلطيف صورة بلدٍ يمارس نفوذاً سياسياً وعسكرياً في المنطقة.

ما بين بيروت وواشنطن

قد يرى البعض أنّ اختيار أورتاغوس لصالون محلي في بيروت ليس سوى تفصيل بسيط. لكن في لغة السياسة، التفاصيل الصغيرة قد تتحوّل إلى رسائل كبرى. فهي تُظهر مسؤولاً أميركياً في موقعٍ غير متوقّع، بين أحياء العاصمة وأصوات مجفّفات الشعر، بعيداً عن الأسلاك الشائكة والموكب الأمني. مشهدٌ يوحي بأنّ واشنطن تريد أن تُظهر انفتاحها على المجتمع اللبناني، حتى ولو من خلال مشط ومجفّف شعر.

بين مشهد الصالون وخلفيات اللقاءات الرسمية، تتجلّى ثنائية الدبلوماسية الأميركية في لبنان: حزمٌ سياسي في الغرف المغلقة، ومرونة اجتماعية أمام الكاميرات وعدسات الهواتف. وربما تكمن قوة هذه الثنائية في قدرتها على إرسال أكثر من رسالة في آنٍ واحد، لتبقى صورة أورتاغوس في صالون التجميل مادة للتأويل، وللسجال، وللتساؤل: هل كانت لحظة عفوية خالصة، أم جزءاً محسوباً من لعبة العلاقات العامة الأميركية في بيروت

المنشورات ذات الصلة